قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عودة الصحافة الورقية


قال في ثقة وهو يشيح بيده مستهزئا: صحافة إيه؟!.. القراء هجروها لتفاهة محتواها ولأنها لا تجيد إلا التطبيل للحكام
كان يبدو من سمته أنه من الذين يحرصون على أن يظهروا بمظهر المتدين وأهم مظهر هو تلك التقطيبة البادية على جبهته مع لهجة اعتراض تقترب من التحدى والشروع في الاشتباك
كان على الصحفي الجالس في مواجهته والذي وجد نفسه فجأة في موضع المحامى غير المستعد ولكنه أصبح مدفوعا بلا مقدمات لتقديم أي مبررات للفشل
في البدء عن له أن يريح نفسه من عناء الدفاع ويظهر موافقته بأي وسيلة على الاتهام الذي بدا وكأنه موجه إليه هو شخصيا لكي يريح نفسه من عناء المواجهة خاصة أن أي مجهود هو بالضرورة ذاهب أدراج رياح الثرثرة
لكنه قرر في لحظة أن يرتقى منصة الدفاع ويحولها إلى قاعدة للهجوم فقد شعر بنفور شديد من نوعية هذا الشخص الذين يرون في تدينهم حجة لاقتحام أي موضوع وسندا يمهد فرض رؤاهم مهما بدا عليها من تهافت
فقابل انفعال سيدنا الشيخ الأفندي بهدوء شديد بذل مجهودا لكي يظهر به وقال بنبرة ساخرة: وإلى أي بديل هجر الناس الصحافة؟!.. أتراهم ذهبوا إلى الموسوعة البريطانية؟!
وقبل أن يرد الرجل الذي بها من الرد أو فوجيء بسخرية الصحفي من طرحه. استكمل الصحفي ضرباته الموجعة تحت تأثير النشوة حين رأي علامات الدهشة والارتباك بادية على الرجل فانطلق مكملا حديثه بثقة المباغتة بالنصر: أنا سأقول لك إلى أي بديل توجه القراء.. إلى الإنترنت وخاصة فيسبوك بوصفه قد صار الجاذب الأعظم من وقت واهتمام الناس.. فاي محتوى إذن يقدمه كبديل للصحافة.. إثارة؟!.. تفاهة؟!.. إيغار للصدور؟!.. استظراف يبدو في تضخم كاذب للذات مع تهكم فارغ أصبح ممجوحا؟!.
هذا هو الحال في بدائل الصحف التى تنقم عليها أباطيل تقدم على أنها حق وحقائق تعرض على أنها أباطيل.. صار الشك في كل قيمة وكل حقيقية لمجرد الإثارة هو الحال المسيطر والذي راح يلهث وراءه زبائن مواقع الإنترنت كانوا كتابا أو قراء أو متابعين حتى أسلم الناس عقولهم إلى مجاهيل يقفون وراء تلك المواقع لا نعرف عنهم شيئا
أنت حين كنت تقلب الجريدة الورقية بين يديك سواء رضيت ام سخطت كنت تعرف جيدا من هم محدثوك أو على الأقل يمكن أن نعرفهم وتكشف أهدافهم وأغراضهم وحقيقة ما يكتبون من خلال تتبعك للجريدة ومعرفتك باتجاهاتها ولكن أنت أمام غالبية مواقع الإنترنت لا تعرف من هم وراء الأخبار الذي تقرأ ولا الموضوعات التى تطالعها
لابد من أن يحافظوا على وجودك على صفحاتهم اطول مدة ممكنة لأن مدة بقاءك تعنى المزيد من المكاسب ولا شيء في ذلك مادام ما يقدمونه ذا قيمة ولكن الإثارة والتشويق و استفزاز مشاعرك بتقديم ما لم تألفه صار هو القاعدة والغرض مهما بدا مخالفا للحقيقة التى تصبح بعد قليل مشكوكا فيها وترى نفسك مساكنها بالمتاهة.
بدا الرجل وكأنه يراجع نفسه وقال بلهجة متحسرة: لكن زمن الصحافة انتهى وولى ولن تصمد على مواجهة الإنترنت جبروته
حينئذ ازدادت نشوة الانتصار لدى الصحفي وقال بلهجة تخلو هذه المرة من السخرية: صدقنى هذا هي فرصة الصحافة الورقية!
رفع الرجل حاجبيها دهشة وقبل أن يتساءل قال الصحفي: ستثبت لك بالواقع أن الورق أكثر جذبا.. انظر إلى سوق الكتاب تجده مازال صامدا واقفا على قدمين ثابتتين ولعلك ترى ذلك في معرض الكتاب السنوي فالكتاب الإلكترونى لم يزحزح الكتاب الورقي عن موضعه هل تعرف لماذا؟!.
وقبل أن يجيبه استرسل الصحفي قائلًا: لأن الكتاب الإلكترونية يسهل تزييفه والتدخل في محتوياته بمنتهى السهولة أما الكتاب الورقى فلا سبيل إلى تغيير محتواه مادام انفصل عن مطبعته وكذلك الجريدة
اما مواقع الإنترنت سواء كانت مواقع تواصل اجتماعي جعلت فقط من أجل الثرثرة الفارغة وتضييع الوقت هباء أو مواقع موسوعات أو مكتبات إليكترونية أو دراسات تاريخية أو غيرها فيمكن لأي طفل ملم بمبادئ الهاكرز أن يقتحمها ويعبث فيها فكيف إن كان وراءها جهات مجهولة مدججة بفرق من المتخصصين في كل العلوم وخاصة علم النفس لتوجيه قطعان المتابعين لبث واعتناق أفكار ما يريدون بثها وتثبت المخلخل وخلخلة الثابت
هذا هو واقع الانترنت الذي نراه نجح في تدمير الصحافة الورقية كما يدعي البعض
لكن خوف بعض الجهات من خطورة الورق جعلهم يهملون شأن الصحف ويشجعون ثرثرة المواقع
فهناك تسب وتلعن وتصرخ وتؤيد وتعارض.. ثم ماذا؟!.. ستراك مقلوب العينين تنظر إلى فراغ مميت داخلك تهرب منه بالإمعان في تعاطي الإثارة الإليكترونية تماما كمدمن المخدرات
أكرر لك إن الفرصة باقية وهناك الكاتب الجيد والقارئ الجيد في كل زمان ومكان ولكنهما ضلا عن بعضهما في فضاء المتاهات اللانهائية ويمكن أن تقارن بنفسك بين حجية خبر صغير يرد في صحيفة صغيرة مجهولة وبين بوست من ألف كلمة على فيس بوك سينساه متابعوه فور مطالعتهم ما هو إثارة منه ولكن كما قلت لك الخوف من الورق هو الذي سيحفظ له قيمته وسيعيده للصدارة وسوف نرى