عانى الأديب الراحل محمد حسين هيكل من عدة تحديات كان أبرزها حرية القول والكتابة، حتى أن المستعمرين خاضوا حربا ضد أصحاب الأقلام في ذلك الوقت، وروى تفاصيل هذا الاضطهاد في كتابه «ثورة الأدب» الصادر عام 1933، من إرهاق، إلى سجن، إلى نفي وتشريد، كل هذا واجه الكتاب في الحرب الشرسة ضد الأدب.
ويقول هيكل، الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده في كتابه: "هم في حربهم يندفعون ضد الكتاب كاشرة أنيابهم، محمرة عيونهم، أشبه الأشياء بالكواسر المفترسة حين يغريها منظر الدم فيهيج كل غرائزها الوحشية"، وتابع أنهم لم يهدأ لهم بال إلا بعد تحطيم كل الأقلام التي عادت إلى الكتابة.
«حرب القلم» كما أطلق عليها هيكل اسمها مما عاصره، فعلى الرغم من أن القلم ليس إلا وسيلة بسيطة للكتابة إلا أنها أثارت خوف المستعمرون أكثر من السلاح، سواء كانت صحيفة أو مجلة أو كتابا، مجرد نشر الورقة حاملة للحرب كانت تثير خوف الجنرالات من أنها قد تكون محاولة لجمع الحشود.
وروى صاحب أول رواية عربية تجربة مشابهة للاستعمار في روسيا القيصرية، حيث عاش تولستوي في قصره يحارب ويكتب القصص عن الظلم وإرهاب حكام هذا العصر، حيث كان الحكم قائما على الاستبداد المطلق للأسرة الحاكمة.
اعتبر هيكل الكتابة في الفلسفة والعلوم والتشريع من أساسيات وصف الكاتب بالأديب، ويقول: "الأديب يستلهم من كل العلم النور الإنساني التي اتبعته البشرية، متسائلا: "هل الأدب العربي يكفي وحده لتكوين الأديب؟".
واستطرد أن اللغة العربية وثروة ادبها المتكون منذ عصر الإسلام يجب أن تستمر من خلال إحيائها، وعلى المستوى الشخصي يرى أن التطور الفكري الخاص به مر بعدة مراحل، حيث بدأ حياته الفكرية مؤمنًا بالقيم الغربية، والنزعة الفرعونية التي شهدت تناميًا بسبب تقدم الدراسات الأوروبية ثم خضع لما يراه من سلوكيات اجتماعية وأخلاقية مصاحبة للحداثة الغربية للنقد، حيث عاصر الوجه القبيح للمشروع الحضاري الغربي الذي أدى لقيام الحرب العالمية الأولى والثانية والتي تسببت في مقتل أكثر من خمسين مليون إنسان، كما عايش الظاهرة الاستعمارية ورأى كيف أن الديمقراطية الغربية تكيل بمكيالين.