قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة
كبار العلماء بالأهر الشريف، إنه في ذلك اليوم الجديد، في الشهر الجديد، في العام الجديد،
وهو يوم عيد، عليك أن تذكر الله –تعالى- وعليك أن تعلم أن استغفارك إنما هو هجرة.
وأضاف «جمعة»، عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» أن النبي
- صلى الله عليه وآله وسلم- بعد الفتح يقول: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"، ويقول
– عليه الصلاة والسلام-: "من هاجر في سبيل الله ولو شبرًا من الأرض".
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن الهجرة انتقال من حال ردي
إلى حال مرضي، فإذا كانت الهجرة كذلك فهاجر وسِح في ذكر الله حتى تكتب من السائحين
والسائحات، وعش في تلك السياحة الربانية مع ذكر الله تعالى.
شاهد المزيد: دروس من الهجرة النبوية.. علي جمعة يكشف كيف زرعت الحب والإيثار بين صحابة رسول الله؟
وتابع المفتي السابق: "وتعلم انخلاعك من الذنب،
وهجرتك إلى الله -سبحانه تعالى-، وتوكل على الله لا بالكلام ولا بالألفاظ، ولا أيضًا
بالعلم ولا بالعقل ولا بالحضور بل بالمعيشة في التوكل على الله".
ونبه إلى أن من توكل على الله كفاه، ومن جعل ربه
حسيبه فإنه لا ينظر إلى دنيا من حوله، ولا يعتمد على أشخاص هم أحوج الناس إلى غيرهم؛
فكل الناس يحتاج إلى ربه وهم لا يملكون شيًئا من أمر أنفسهم فكيف يملكون لك نفعًا أو
ضرا أو حياةً أو موتا أو رزقًا أو غير ذلك من المبتغى.
واختتم: "ندعو الله سبحانه وتعالى أن يؤلف بين قلوبنا،
وأن يوحد كلمتنا، وأن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه".
في السياق ذاته، أكدت دار الإفتاء المصرية أنالهجرة النبويةتمثل
حدثًا فريدًا في تاريخ البشرية يتجاوز حدود الزمان والمكان، فقد احتوت على
المعاني الإيمانية والإنسانية العظيمة ومظاهر الرحمة الإلهية.
وأوضحت
الدار في فتوى لها، أن أحداث الهجرة النبوية المشرفة أكدت أهمية حسن
الظن بالله والتوكل عليه وتجريد الإخلاص له سبحانه، وإظهار أهمية التخطيط
والأخذ بالأسباب وعدم إهمال السنن الكونية في تحقيق الأهداف.
وأضافت
الدار أن الهجرة النبوية أرشدتنا إلى أهمية هجرة المعاصي، ومخالفة الهوى،
وترك العادات المذمومة، والعمل على تقوية إرادة الإنسان وعزيمته.
ولفتت
إلى أن الهجرة النبوية أظهرت منزلة حب الوطن وألم مفارقته، وأنتجت قيم
العمل والمثابرة والتعاون والتآخي والصبر لبناء المجتمع، والتعايش والمحبة
مع الآخر واحترام العقائد.
ونشرت دار الإفتاء عبر صفحتها بـ«فيسبوك»، 25 معلومة عن الهجرة النبوية الشريفة.
أولًا:
أول من جعل بداية التقويم الهجري هو شهر المحرم من سنة الهجرة هو عمر بن
الخطاب رضى الله عنه، أما الهجرة النبوية فكانت في شهر ربيع الأول على
المشهور، واختار شهر محرم لأنه بعد قدوم الحجاج من الحج.
ثانيًا:
تآمرت قريش على قتل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في مكة، ورغم ذلك لم
ينسَ أن يوصي قبل هجرته برد الودائع التي أودعوها عنده.
ثالثًا:أرسل
المصطفى بالهدى ودين الحق فكذَّبه قومه وعذَّبوه، لكنه صبر واحتسب على ما
تجرَّعه من شدائد؛ إلى أن انقاد له قومه فعفا وأصلح ودخل الناس في دين الله
أفواجًا،فالله تعالى يعطي الصابرين ما لا يحصى من الثواب.
رابعًا:
هيأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصحابته مكانًا يأمنون فيه من عدوان
المشركين؛ ليجدوا مكانًا يتيح لهم إقامة الشعائر وخوفًا على حياتهم
ومعتقداتهم من الفتنة.
خامسًا: بات
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلة الهجرة على فراش الرسول ، ولم يخشَ من
القتل، تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-.
سابعًا: هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم-وترك وطنه من أجل رضا الله، فأعز به الإسلام وسخر له الأمم لنصرته.
ثامنًا: اختيار الرفيق الصالح في السفر، وعند القيام بصعاب الأمور؛ يقوي العزيمة، ويرفع الهمة.
تاسعًا: الأعداء كانوا أمام الغار، إلا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال لصاحبه: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟»
عاشرًا:
بيَّنتِ الهجرة النبوية ذكاء وبراعة المرأة المسلمة، فعندما لم تجد السيدة
أسماء بنت أبي بكر ما تحمل فيه الزاد إلى النبي ، شقَّت نطاقها نصفين
لتحمله فيه، فلقبت بذات النطاقين تكريمًا لها إلى يوم الدين.
الحادي عشر: رغم ما لقي -صلى الله عليه وسلم- من الأذى من قومه، وقُذِفَ بالحجارة حتى أسالوا دمه الشريف؛ تمنى لهم الهداية.
فصلوات ربي وسلامه على نبي الرحمة
الثاني
عشر: حرص المصطفى صلى الله عليه وسلم-منذ دخوله المدينة المنورة على
ترسيخ مشاعر الحب في الله، بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ لأن الحب
أقوى دعائم بناء الأمة.
13- أبرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-معاهدات مع اليهود في المدينة؛ لأن المشاركة خير وسيلة لإعمار الأرض.
14-
لم يكن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-ينتقم لنفسه؛ لذلك عندما عاد إلى مكة
عفا عن قومه واستغفر لهم، بعد أن حاربوه وقاتلوه إحدى وعشرين سنة.
15-
عرضت قريش على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصب والأموال ليترك
دعوته، فأبى؛ لأنه لم يُرِدْ ملكًا ولا سلطانًا، وإنما هدايةَ القلوب
والعقول، فَرِضا الله وجنته أعز وأغلى عنده من كل مناصب الدنيا وجاهها
وأموالها.
16- كان الصحابة
الكرام يحنُّون إلى مكة ويشتاقون إلى العودة إليها رغم ما ذاقوه فيها من
العذاب؛ لأن حب الوطن فطرة إنسانية وفريضة دينية، فدعا رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-أن يحبِّب الله إليهم المدينة كحبهم لمكة.
17-
كان دليل المصطفى -صلى الله عليه وسلم-في هجرته رجلًا غير مسلم هو عبد
الله بن أريقط؛ وهذا نموذجٌ عمليٌّ لجواز الاستعانة بغير المسلمين
واستعمالهم في دقائق الأعمال.
18-
لما رأى المصطفى -صلى الله عليه وسلم-صاحبه أبا بكر مشفقًا عليه وجزعًا
على ما هما فيه، قال له في ثبات وسكينة: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا».
19- طمأنة القلوب وتطييب النفوس من صفات الأنبياء؛ ومن سار على نهجهم من الأتقياء.
20-
نجى الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم-وصاحبه بعد أن أحاط بهما
المشركون في «غار ثور»؛ فالله لطيف بعباده المخلصين، يدافع عنهم ويعمي عنهم
أبصار المتربصين بهم.
21- فور
هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-إلى المدينة المنورة، كتب وثيقة لتنظيم
العلاقة بين المهاجرين والأنصار واليهود، يؤكد فيها على وحدة الأمة من غير
تفرقة، والتساوي بينهم في الحقوق والكرامة.
22-
فور هجرته -صلى الله عليه وسلم-للمدينة، حرص على بناء مسجد قباء؛ ليجتمع
المسلمون فيه، وتتحد صفوفهم وتتفق كلمتهم، فتظهر قوتهم وتماسكهم.
23-
الهجرة النبوية أظهرت المعنى الحقيقي للأخوة في الإسلام، في سلوك الأنصار
وتكافلهم للمهاجرين بالسُكنى والمال بعدما تركوا أموالهم وأرضهم.
24-
الأخوة في الإسلام أن تواسي أخاك المسلم وتشاركه السراء والضراء، وتعينه
على قضاء حوائجه، كما فعل الأنصار مع المهاجرين في المدينة، فهم أول من
أظهروا المعنى الحقيقي للمؤاخاة.
25-
من أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، فالصحابة رضوان
الله عليهم تركوا أرضهم وأموالهم وهاجروا في سبيل رضا الله تعالى ونصرة
دينه، فأيدهم الله بنصره، وردهم إلى أرضهم سالمين.
واختتمت: "استمرت
دعوة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-لقومه عدة سنوات، حتى آمنوا به وانتشر
الإسلام في ربوع الأرض،فربما يتأخر النصر؛ ولكن يأتي الجزاء على قدر
الصبر، مضيفة:يرزق العبد على حسب نيته، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله
فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها
فهجرته إلى ما هاجر إليه".