الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثانوية الغش.. إلي متي ؟


 انتظرت حتى تهدأ المباركات والتهاني و فرحة النجاح التي يتوق إليها المجتهدون فقط , فرحة النجاح لها بريق حتى وإن كانت بالتزوير والغش لدي البعض , ولأن لكل قاعدة استثناء فلا يمكن أن نضع وسائل الغش المختلفة في امتحانات الثانوية العامة قاعدة للناجحين ؛ لكنها استثناء يقوم به بعض معدومي الضمير , ولا يمكن بالتالي أن نغفل حقوق الطلاب المتفوقين ما شاء الله عليهم, وربنا يحفظهم ..

هؤلاء الطلاب المتفوقون الذين اجتهدوا وجاهدوا أنفسهم وحرموا أنفسهم من كل مغريات سنوات عمرهم, وركزوا فقط في كيفية بناء مستقبلهم بجهد وتعب ,و طوال سنوات الدراسة الأولي اجتهاد وتفوق ليجني كلا منهم بذور ما زرع, ويستمتعوا بفرحة النجاح الحقيقي  بمجهود وضمير صادق , غير أنهم يتعرضون لكارثة نفسية حينما تتساوى العقول الفاسدة بالعقول الصادقة يوم إعلان النتيجة. 

الغشاشون كثيرون كل عام, ومجموع درجاتهم يوازي ويقترب من درجات بعض المجتهدين طوال العام, ومهما حاولت الدولة إحكام السيطرة ووضع قوانين متشددة لمنع غش الثانوية العامة إلا أن القائد الأساسي لمسيرة القوانين هو المعلم, وفي ظهره القانون الحافظ, ووسائل الغش كثيرة جدًا, ومنذ الدقائق الأولى لبدء الامتحان تكون الأسئلة متداولة على النت, أفعال خسيسة يقوم بها بعض معدومي الضمير لكي يتخرج لنا بعضًا من الأطباء الفاسدين والمهندسين الجهلة وضعاف النفوس في كل مجال.
 
فمن شب على شئ شاب عليه, ماذا يفعل الطالب الغشاش في وظيفته المرموقة التي حصل عليها بعد دخوله إحدى كليات القمة عن طريق الغش؟ 

فهل يعقل أن يكون لدينا طبيب جاهل أو موظف فاسد بسبب التهاون والغش في الامتحانات التي تفرز لنا نتائج مبهرة للغشاشين؟ أدهشتني وأوجعت قلبي تلك الإحصائيات التي وصلتني وقرأتها عن أعداد الناجحين في الثانوية العامة, ما شاء الله لدينا طلاب عباقرة, فهل يعقل أن نقنع أنفسنا بأن عدد الطلاب الحاصلين على 98.6 %يبلغ حوالي12  ألفا و343 طالبًا وطالبة؟ هل يعقل أن يكون عدد الحاصلين على 400 درجة أي ما يوازي  97.5 %حوالي 30 ألفا و 776 طالبا؟ وبلغت نسبة الطلاب الحاصلين على 98.5 % حوالي 14 ألفا و 336 طالبا وطالبة؟ هل يعقل أن يكون في لجنة مدرسة واحدة عدد 71 طالبًا من عدد 90 يلتحق بدرجاته التي حصل عليها في كلية الطب؟ هل ذلك معقول ومقبول؟ 
لدي ارقام كثيرة لكني لا اريد بث الإحباط بقدر إهتمامي ورغبتي في الوصول لحل .

 فهل يمكن ان نقنع أنفسنا بأن فعلًا هؤلاء الطلاب جميعهم متفوقون ولم يكن بينهم طلاب من هؤلاء الذين استخدموا وسائل الغش المختلفة ليحصلوا على تلك المجاميع التي تفتح لهم أبواب جامعات القمة ؟ ليتخرج لنا أطباء فاشلون ومهندسون جهلة ومعلمون فاقدو الأهلية الإنسانية السلوكية التي من سماتها الصدق ومراعاة الضمير , ويطل علينا محاسبون في البنوك مرتشون, بل وقيادات عليا فاسدة. 

الغش منبع الفساد في كل شئ, فمتى تقضي الدولة عليه نهائيًا ؟  في اعتقادي أن الدولة وحدها لا تستطيع منع الغش في الامتحانات ما لم يصحبه صدق التنفيذ من القائمين عليه وهم المعلمون, المعلم الصادق لابد أن يقوم على تنفيذ المراقبة على الطلاب بطريقة آمنة, ويمنع ما يسمي بغش الثانوية, فهل توفر الدولة ملاحظ للملاحظ . يجب ان تكون تلك هي قناعة كل من يشارك  في الامتحانات ..

  الدولة وفرت إمكانيات الكترونية  لضبط شياطين تسريب الأسئلة ولكن استغلالها ونشرها في اللجان عن طريق الموبايل و سماعات الاذن  هي مسئولية المعلم الملاحظ . وهو المطلوب تنفيذه بدقة, ولا يجب أن نغفل دورا هاما جدا وهو حماية المعلم في اللجان مما يتعرض له من إهانة, فكثير من اللجان في مدارس محافظات مختلفة يتعرض المعلم للإهانة والتنكيل والاعتداء عليه, سواء اعتداء بالقول أو اعتداء جسدي , ويتعرض أغلبهم للترهيب و التهديد. 

 ولكن في كل الأحوال تبقى الدولة هى السند وحائط الصد ضد ما يتعرض له المعلم, وهو ما حدث العام الماضي حينما اتخذ د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم قرارًا بحرمان لجنة كاملة من ظهور النتيجة بعد ثبوت واقعة الغش الجماعي في إحدى لجان محافظة كفر الشيخ, وللأسف تصدى للوزير نواب المحافظة الذين من المفترض أن يساندوا قرارات الدولة ضد الفاسدين, ولكن من أجل حفنة أصوات يدمر النواب جيلا كاملا ويقضون على نهضة الوطن الصادقة, وخطة الوزير للقضاء على الغش, وأعجبني تمسكه بقراراته وعدم الرضوخ للنواب, اتمنى ان نواجه أنفسنا بالكارثة التي نواجهها, وان نعلن عن عقد مؤتمر يشارك فيه خبراء حقيقيون لتقديم حلول للتصدي لظاهرة الغش في التعليم خاصةً في الثانوية العامة, وأن يكون للمؤتمر أجندة واضحة. 

لدينا كارثة لابد أن نعترف بها ولا نخجل منها, ليضع لنا الخبراء الصادقون حلولًا جذرية حقيقية لوضع أسس مواجهة ظاهرة الغش في الامتحانات , ونفتح المجال لمشاركة المجتمع المدني وتقديم الاقتراحات . لانريد أن نقف علي عتبات طبيب بعد سنوات ونسأله : هل انت دفعة 2020 لنقرر ما إذا كنا نوافق أن يعالجنا ام لا .. فهل يأتي العام الذي ننتظره .. 
عام خالٍ من غش الثانوية العامة  ؟!!..

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط