- بوتين: الحرب ضد هواوي أول حرب تكنولوجية في العصر الحديث
- مايكروسوفت: نواصلمفاوضاتنا للاستحواذ على "تيك توك" مع شركة بايت دانس الصينية المالكة للتطبيق
- مراقبون: التجسس الرقمي ليس مبررا لفرض عقوبات وحظر استيراد المنتجات الصينية
- استراتيجية "صنع في الصين 2025" ستحول بكين إلى قوة تقنية عظمى
قالالرئيس الروسيفلاديمير بوتين، إن الوضع المحيط بشركة هواوي، التي يحاولون مضايقتها وإخراجها من الأسواق العالمية- حسب وصفه، ليس إلا أول حرب تكنولوجية في العصر الحديث، مضيفًا أن مساعي الولايات المتحدة لفرض هيمنتها على العالم تعد وصفة للحروب.
وأعرب الرئيس الروسي، في الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورج الاقتصادي الروسي، عن رفضه للإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد شركة "هواوي" الصينية.وأبدى بوتين، احتجاجه على ما أسماها "المنافسة غير العادلة والحمائية التجارية"، قائلًا: "إن النهج الأمريكي يعزز معركة دون قواعد، حيث يحارب الجميع بعضهم البعض".
وأعرب عن قلقه من "محاولات إخراج" مجموعة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات من الأسواق العالمية، من جانب السلطات الأمريكية، بشبهة التجسس.
تيك توك
من جهتها، واصلت شركة مايكروسوفت مفاوضاتها للاستحواذ على "تيك توك" عقب تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر التطبيق الصيني داخل الولايات المتحدة.
وقالت شركة مايكروسوفت الأمريكية أمس، الاثنين، إنها ستواصل مفاوضاتها للاستحواذ على تطبيق "تيك توك" المتخصص في نشر المقاطع المصورة الصغيرة، وذلك مع شركة بايت دانس الصينية المالكة للتطبيق، وذلك عقب المباحثات التي أجراها الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتعهدت عملاق التكنولوجيا الأمريكي بإتمام مفاوضاتها للاستحواذ على عمليات الشركة الصينية في الولايات المتحدة بحلول منتصف سبتمبر المقبل، كما تعهدت بإجراء مراجعة أمنية وبإيضاح التفاصيل الخاصة بالمنافع الاقتصادية من الصفقة إلى الحكومة الأمريكية.
وقالت تقارير صحفية إن شركة بايت دانس وافقت بالفعل على التخارج من عملياتها في الولايات المتحدة في محاولة منها لتخفيف التوترات مع البيت الأبيض بعد أن قالت الإدارة الأمريكية إنها ستحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة بسبب مخاوف من احتواءه على تهديدات تتعلق بالأمن.
أبل تطبيق سيري
وتساءل مراقبون حول إن كانت هذه المناوشات مقدمة لتكوين جبهة جديدة في "الحرب الباردة التكنولوجية" بين الولايات المتحدة والصين؟ حيث من المحتمل ألا تتمكن شركة أبل الأمريكية العملاقة من بيع منتجاتها المزودة بالمساعدة الصوتية "سيري" في الصين بعد أن تقدمت شركة شنغهاي شيزن للذكاء الاصطناعي، بدعوى قضائية ضد أبل تتهمها بانتهاك براءات الاختراع وطالبتها بغرامة تصل إلى 1.4 مليار دولار إلى جانب مبيعاتها في الصين.
وتتضمن الدعوى القضائية اتهامات لعملاق التكنولوجيا الأمريكي بانتهاك براءة اختراع حصلت عليها الشركة الصينية لمساعد صوتي مشابه لـ "سيري"، وتتضمن أيضا مطالبة بتوقف أبل عن "تصنيع، واستخدام، والترويج لبيع، وبيع واستيراد" المنتجات ذات الصلة إلى جانب الغرامة المالية.
نزاعات حمائية
ودخل الاقتصاد العالمى مرحلة الحروب التجارية والنزاعات الحمائية، منذ إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن فرض جمارك حمائية على منتجات صينية من قطاعات مختلفة، بما فيها تقنيات الطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والروبوتات والآلات، الأمر الذى دفع بكين لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، حيث فرضت رسوما جمركية انتقامية على الواردات الأمريكية، ومن ثم اشتعلت شرارة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين منذرة بحرب تجارية عالمية شاملة يرزخ العالم حاليا تحت وطأتها، بعدما عجزت التجارة العالمية على جر عربة الاقتصاد.
وفى ظل الاحتقان الشديد بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، والصين من جهة أخرى، وقع عملاق التكنولوجيا الصيني "هواوى" محل انتقاد كبير من قبل رواد تقنية الاتصالات في العالم، حيث المخاوف الأمنية وتهم التجسس التى لاحقت الشركة منذ بداية ازدهار أعمالها، خاصة مع تذكير الرئيس ترامب بالخلفية العسكرية لمؤسس هواوى.
واتسعت نذر المواجهة المباشرة، وامتدت فصولها لتشمل العمل على إقصاء عملاق الاتصالات الصينى "هواوى" من المنافسة الحرة فى الأسواق العالمية، واندلعت الأزمة بمنع الولايات المتحدة "هواوى" من العمل فيها بفرضها قيودا غير معقولة، وذلك إثر منع الرئيس ترامب الشركات الأمريكية من استخدام معدات اتصالات أجنبية، بزعم أنها تشكل خطرا أمنيا، في إجراء بدا واضحا أنه يستهدف مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة.
ودخلت الأزمة نفقا مظلما ينذر ببداية أول حرب تكنولوجية فى العصر الحديث، وانتقلت عبر الحدود لتعلن عن فوضى تجارية وحرب تكنولوجية عالمية بطلها الجيل الخامس من الهواتف المحمولة، وتنامت المخاوف الغربية من بناء هواوي هذا الجيل الذى تعتبره مصدر خطر أمنيا لما ييسره من حصول الإنترنت على معلومات، تسمح بالتجسس الاقتصادى، والصناعى على حساب الدول وشعوبها.
تقنية الجيل الخامس قادرة على التحكم في شبكات الاتصالات الحيوية وتمنح "شركة هواوى" الرائدة بلا منازع في مجال تكنولوجيا الاتصالات القدرة على الوصول إلى البيانات، أو قطع الاتصالات في حال نشوب أي نزاع مستقبلى، وباتت الدول التي تستخدم أجهزة "هواوي" قلقة بشأن هذه المخاطر، وتحاول التعامل معها بشتى الطرق، وتعاظم القلق بالترويج لفكرة أنها تمثل تهديدا للأمن القومى.
بعد ساعات قليلة من قرار شركة جوجل إيقاف بعض أعمالها مع هواوي، أعلنت شركات صناعة الرقائق الإلكترونية الأمريكية: إنتل، وكوالكوم، وبرودكوم، إيقاف تعاملاتها مع شركة هواوي، استجابة لقرار الحكومة الأمريكية بإدراج الشركة الصينية على قائمتها التجارية السوداء، وأدى قرار جوجل، إلى فقدان هواوي إمكانية الوصول إلى تحديثات نظام التشغيل أندرويد، كما ستفقد هواتفها الذكية المستقبلية التي تُباع خارج الصين إمكانية الوصول إلى التطبيقات، والخدمات الشائعة على أندرويد، بما في ذلك متجر جوجل بلاي، وتطبيق خدمة البريد الإلكتروني جيميل.
من جانبها، حذرت المجموعة، التي تتخذ شنتشن جنوب الصين مقرا لها، من أن الولايات المتحدة ستجد نفسها في نهاية المطاف "متخلفة في نشر شبكات الجيل الخامس، وهو أمر لن يؤدي إلا إلى معاقبة الشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة".
قضية "هواوي" وأجهزة هذه الشركة، التي استحوذت على 15% من السوق العالمية، وتجاوزت مبيعاتها من الهواتف الذكية الشركة الأمريكية العملاقة "أبل"، ماهى إلا فصل جديد في حرب خفية بين الصين وأمريكا التى تعتبر استراتيجية "صنع في الصين 2025" تهديدا لأمنها القومى، إلا أن تهمة التجسس الرقمي الذى يعد بمثابة الأمر الواقع في العالم الافتراضى ليس مبررا لفرض عقوبات وحظر استيراد المنتجات.
ولكن تفوق التقنية الصينية على حساب منافستها الغربية، التي عجزت عن مواجهة التهديد وكشفه بالطرق الحديثة المتاحة لديها هو السبب الحقيقى فى حرب تدور في الخفاء بين العملاق الصيني والغرب، وترتكز في واقع الأمر على صراع أكبر اقتصادين في العالم للسيطرة على سوق اتصالات الجيل الخامس 5G، تلك التقنية الثورية الجديدة التي تعتبرها الصين العمود الفقري لاستراتيجية "صنع في الصين 2025"، التي ستحول بكين إلى قوة تقنية عظمى، فيما تعتبر الولايات المتحدة تلك الاستراتيجية مصدر قلق بالغا وتهديدا مباشرا لأمنها القومي.