دعاء يوم عرفة للصائمين يحرص عليه كثيرون اليوم، فيوم عرفة أحد أفضل الأيام في السنة أجمعها، وهو اليوم الذي يأتي في التاسع من ذي الحجة، أي اليوم الذي يسبق عيد الأضحى، وفي هذا اليوم يصعد الحجاج على جبل عرفة، وهو اليوم الذي أخذ الله -عز وجل -فيه الميثاق على ذرية آدم، وهو يوم تعتق فيه الرقاب من النار وتغفر به الذنوب،ومن صام يومعرفة فإنهيكفر عن ذنوبه لسنتين؛ سنة سابقة وسنة لاحقة.
ويُستحب في هذا اليوم أن يُكثر المسلم من الدعاء، فهويوم إجابة الدعاء، لذلك فقد حرص الصحابة والتابعون والصالحون على تحري دعاء يوم عرفة، والبكاء فيه بين يدي الله -تعالى- رجاء أن يجيب دعوتهم، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «خَيرُ الدُّعاءِ دُعاءُ عَرَفةَ، وخَيرُ ما قُلتُ أنا والنَّبيُّونَ مِن قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ».
اقرأ أيضًا:وصية ضرورية من دار الإفتاء قبل يوم عرفة
«الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا، وتقبّل منا وأدخنا الجنة، ونجنا من النار، وأصلح لنا شأننا كله، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، يا عظيم العفو وحسن التجاوز».
«اللهم إني أسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك لسانًا صادقًا، وقلبًا سليمًا، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، وأستغفرك ممّا تعلم، إنك أنت علام الغيوب، اللهم زدنا ولا تَنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضِنا وارض عنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
لماذا سميت وقفة عرفة بهذا الاسم؟
يوم عرفة هو اليوم الذي يسبق يوم النحر، ويقف فيه حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفة؛ ويذكرون الله -تعالى- ويتضرعون إليه بأن يغفر ذنوبهم ويعتقهم من النار، ويُطلَق عليهم أهل الموقف، وسمي بهذا الاسم؛ لأن الحجيج يقفون في هذا اليوم على جبل عرفة.
تعريف الحج:
الحج في اللغة راجع إلى الجذر اللغوي حَجَجَ، ومعناه: القصد، فيُقال: حَجَجّت فلانًا؛ أي قصدتُه، ورجل محجوج؛ أي مقصود، أما الحج في الاصطلاح الشرعي: هو قصد بيت الله الحرام والمشاعر المُقدسة، في وقت مخصوص؛ لأداء أعمال مخصوصة؛ وهي عند جمهور الفقهاء: الوقوف بعرفة، والطواف بالكعبة المشرفة، والسعي بين الصفا والمروة.
حُكم الحج:
الحج فرض على كل مسلم مُكلف قادر على أداء الحج ومُستطيع إليه سبيلًا، وقد جاءت الكثير من النصوص الشرعية المؤكدة على ذلك، حيث قال الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، والإجماع منعقد على أن الحج فرض، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة.
كيفية الحج:
إذا أراد المسلم أداء فريضة الحج، فإن عليه القيام بالخطوات الآتية:
1. يُحرِم المسلم للحج، ويغتسل إن أمكنه ذلك، ويلبس ثياب الإحرام، ويردّد التّلبية بقول: (لبّيك حجًّا، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك).
2. يخرج الحُجاج إلى مِنى في اليوم الثّامن من ذي الحِجّة، ويصلّون فيها الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا بلا جمعٍ، ويصلّون كذلك صلاة فجر اليوم التّاسع من ذي الحجة؛ وهو يوم عرفة.
3. يتوجه الحُجاج إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التّاسع من ذي الحِجة، فيصلون فيها الظُّهر والعصر قصرًا وجمع تقديم؛ أي في وقت صلاة الظهر، ويقفون بعرفة وينشغلون بالذكر والدعاء والتضرّع إلى الله -تعالى-، وعند مغيب الشّمس يتّجه الحُجاج إلى مزدلفة، ويصلوا فيها المغرب والعشاء، ويبيتوا فيها ليليتهم، ثم يصلوا فجر اليوم العاشر من ذي الحِجة في مزدلفة، وإن كان من الحجاج من هو ضعيف ولا يقوى على المزاحمة فله مغادرة مزدلفة إلى مِنى في آخر الليل وعدم انتظار الفجر.
4. ينطلق الحُجاج إلى مِنى مع طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحِجة، فيرمون جمرة العقبة، وذلك بإلقاء سبع حصياتٍ واحدةً تلو الأخرى، ويكبرون الله -تعالى- عند كلِّ رميةٍ، ثمّ يذبح الحُجّاج الهَدْي، وذبحه واجب في حقّ من حجّ متمتّعًا أو قارنًا، ويقومون بعدها بحلق رؤوسهم أو بتقصير شَعْر رأسهم، ويكون بذلك تحلّلهم الأوّل من الإحرام، الذي يُبيح لهم ما كان محظورًا عليهم سوى مباشرة النِّساء.
5. يتجه الحُجاج بعد ذلك إلى الطواف بالكعبة طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، ليكونوا بعد ذلك قد تحلّلوا التّحلّل الثّاني الذي يُبيح لهم كلّ ما كان محظورًا عليهم بلا استثناء.
6. يعود الحُجاج بعد ذلك إلى مِنى، فيبيتون فيها ليلتا الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحِجّة، ويقومون في كل يومٍ من هذين اليومين برمي ثلاث جمرات، وفي كلِ جمرةٍ يرمون بسبعِ حصياتٍ، ليكون الحُجاج بعدها بالخيار بين البقاء حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحِجة وتكرار رمي الجمرات الثّلاثة كما كان في اليومين السّابقين، أو التّعجّل والعودة، وذلك كما في قول الله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
7. يطوف الحُجاج بالكعبة المشرفة طواف الوداع إذا أرادوا العودة إلى ديارهم، وبذلك يختم الحُجّاج مناسك الحج ويتمونها.