في خضم التوترات بين أمريكا والصين، تسعى واشنطن لإعادة نشر آلاف من قواتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بعد سحبها من ألمانيا، وذلك لمواجهة قوة بكين من مواقع بما في ذلك جوام واليابان وهاواي وأستراليا.
يأتي ذلك برغم انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر قوات لبلاده خارج الحدود، ما جعله يوافق على مخطط لسحب 9,500 جندي من ألمانيا بعد اتهامها بالتعامل بطريقة غير منصفة مع الولايات المتحدة على صعيد التجارة.
اقرأ أيضا:
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، جادل مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين في مقال رأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" قائلًا: "في هذا المسرح، يواجه الأمريكيون وحلفاؤهم التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية منذ نهاية الحرب الباردة".
ودعا أوبراين بلاده إلى نشر القوات في الخارج على نحو أسرع وبشكل تقدمي مما كانت عليه في السنوات الأخيرة.
وذكرت المجلة أن الاقتراح الضمني بأن القوات الأمريكية لا يتم نشرها بطريقة استكشافية في السنوات الأخيرة يعتبر مثيرًا للضحك إذا لم يأت من البيت الأبيض، مؤكدة أن الولايات المتحدة اعتادت على إرسال قوات عسكرية خارجها منذ أكثر من 20 عاما، وكانت استراتيجية فاشلة.
وأشارت إلى أنه من المؤكد أن هذا التحول الأمريكي والنظر إلى الصين سيجعلها تستخدم أساليب مختلفة خلال إرسالها للقوات، والانتقال من الحملات البرية إلى المعارك الجوية البحرية التي تم تطويرها خلال سنوات أوباما.
فخلال الحرب الباردة، اعتقد استراتيجيو الدفاع الأمريكي أنه من المهم الحفاظ على قوة برية ضخمة في أوروبا لإبقاء الاتحاد السوفييتي في وضع حرج، أما في الألفينيات كان التركيز في المقام الأول على الشرق الأوسط حيث شنت الولايات المتحدة حروبا في العراق وأفغانستان، أما الآن يتمحور التخطيط في الصين.
ومن أجل هذا الهدف، ستخفض الإدارة الأمريكية قوتها المتمركزة بشكل دائم في ألمانيا من 34500 جندي إلى 25000، وإعادة نشر 9500 جندي في موقع آخر في أوروبا، أو في منطقة المحيط الهادئ، أو إعادتهم إلى القواعد في الولايات المتحدة.
وبرغم تمركز أمريكا الآمن نسبيا في أراضيها وأراضي حلفائها، فإن تلك الخطوة تعمل على إغراق الولايات المتحدة في صراع بين القوى العظمى مع منافس قريب من الأقران "الصين"، وفي أسوأ الأحوال، ستخاطر بوجودها.
ومن المؤكد أنها ستزيد من فرصة الحرب بين واشنطن وبكين، فضلا عن نفاد الموارد الأمريكية دون داعٍ وضعف العلاقات الأمريكية الصينية.
وأكدت المجلة أن التكاليف والأخطار هنا واضحة، مشيرة إلى أنه حتى لو حصل ترامب على دعم كبير من كوريا الجنوبية واليابان لنشر قواته هناك - وهو أمر غير مؤكد على الإطلاق - فإن الحفاظ على جيش "أكثر تقدمًا" في منطقة المحيط الهادئ سيضيف إلى ميزانية البنتاجون الباهظة أكثر .
وأشارت المجلة إلى أنه يمكن توقع رد فعل بكين بسهولة، فجهود الولايات المتحدة للحد من الهيمنة الصينية في منطقة بعيدة عن واشنطن وقريبة من بكين ليست موضع تقدير وترحيب.
انتقد الجيش الصيني التدريبات البحرية الأمريكية في أبريل، واتهم الولايات المتحدة علانية بانتهاك القانون الدولي والسيادة الصينية، وزيادة المخاطر الأمنية "بشكل مصطنع" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخلق فرص خطيرة لحوادث غير متوقعة.
وأكدت المجلة أن هذا الأمر يمكن أن يفاقم الوضع ويؤدي إلى حرب كارثية، موجهة سؤالا أساسيا بشأن ما ضرورة ذلك خاصة أن أوبراين أكد أن إعادة نشر القوات الأمريكية هذه مطلوبة لأمن الولايات المتحدة، لكن هذا بعيد عن الوضوح، موضحة أن الهيمنة الصينية على الخارج قد لا تكون مرغوبة، لكنها لا تشكل تهديدًا وجوديًا للولايات المتحدة - وبالتأكيد لا تهددها على نطاق واسع سجعل واشنطن تخاطر بتصعيد العلاقات الأمريكية الصينية إلى نحو سلبي.