قرار الحرب و المكاسب الدولية..
مثل كثير غيري أكرهصوت الرصاص وإسالة الدماء وبكاء الأمهاتالثكلي ونحيب الأب المكلوم مع الأخذ في الاعتبار إن كل ذلك يهون من أجل تراب الوطن وقد أكون في طلائع المسارعين لنيل شرف الشهادة في سبيل تحرير وطني والدفاع عن مصالحة.
ولذلك راقني جدا موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكمته وعدم تسرعه في اتخاذقرار ينادي به البعض بضرورة التعامل بصوت البندقية في ملفين من أخطر الملفات التي تواجهها مصر . إثيوبيا وليبيا .. الموقف المصري في التعامل مع الملفين يتسم بالعقلانية الشديدة وعدم التسرع في إتخاذ القرار برغم ضيق صبر المفاوض المصري في ملف سد النهضة إلا أنني علمت ومن مصادر مقربة إن مصر لن تتردد في اتخاذقرار حاسم و حازم إذا حاولت إثيوبيا النيل من حياة المصريين السد بالنسبة لإثيوبيا يمثل تنمية وزيادة موارد لكن بالنسبة لمصر يمثل قضية حياة ووجود.
واعتقد أن رغبة البقاء أهم من رغبة التنمية لست قلقا من وعلي الموقف المصري في صراع الخداع الذي يمارسه الجانب الإثيوبي والذي يتميزون به ويستمد قوته من مساندة صهيونية واضحة وبعض الدول التي للأسف من المفترض أنها تنتمي إلينا.
ذات يوم استضفت في برنامجي الحدث المصري علي قناة العربية السفير الإثيوبي ورأيت مدي استفزازه في الحوار والنبرة المتعالية التي كان يتكلم بها مع صديقي الإعلامي الكبير محمود الورواري الذي تعامل معه بحس راق وفوت عليه فرص كثيرة لردة الفعل .. حينها كنت سوف أتسبب في أزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين.
ففي الفاصل ضاق صدري بردود الدبلوماسي الإثيوبي وباستفزازه وقررت في لحظة انفعال ضربه وبالحذاء ومنعني زميلي من الدخول إليه في الاستوديو ومرمطة كرامته بسبب أسلوب ردوده الاستفزازية، وطلب مني زميلي مطاوع بركات الهدوء والخروج من الاستوديو لكي لا أرتكب أزمة دبلوماسية بين البلدين، هم مخادعون كاذبون جدا في مناقشاتهم ولذلك أشفق علي المفاوض المصري في تحمل كمية الخداع في ظل الصبر المصري الذي له حدود معينة عقب استنزاف و استنفاد سبل التفاوض حينها سيكون الرد المصري حازما و حاسما .. ملف يمتلئ بالأشواك.
واثق كل الثقة في حكمة القيادة المصرية و التي نساندها أيضا في الملف الليبي . وبرغم حالة التأهب في القوات المسلحة عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمنطقة الغربية وتصريحه الشهير بأن علي القوات المسلحة أن تستعد لعمليات في الداخل أو خارج الحدود إذا تطلب الأمر.
ألهب هذا التصريح مشاعر المصريين و خرجت أصوات تعلن المساندة في مواجهة الأخطار المحتملة من تركيا في ليبيا ومع تزايد النبرة والتصعيد الإعلامي كنت واثقا في حكمة الرئيس بصفته مقاتل يعلم جيدا مدي ومتي يتخذ قرار الحرب؟.
فلا يوجد مصري وطني مخلص لبلاده يوافق علي تهديد أمن بلده و لذلك كان طريق الاستعداد والجاهزية التي وضحت عليها القوات المسلحة من خلال المناورة الأخيرة( حسم ) هي رسالة لمن يهمهالأمر . وبرغم الجاهزية الفعلية وخاصة عقب حضور ممثلي البرلمان الليبي ووجهاء وأعيان القبائل الليبية لطلب الحماية من مصر ضد العدوان التركي المحتمل وتفويض البرلمان المصري القيادة المصرية اتخاذ ماتراه مناسبا للدفاع عن أمنها القومي إلا أن مصر لم تتسرع بحكمة قيادتها في اتخاذ القرار الأخير وأعطتالفرصة إلىالحلول السياسية و مفاوضات الحل التي تقودها روسيا وأمريكا والإتحادالأوروبي . ولكل منهم مطامع وهم الفائزون بالطبع سواء بالإمداد التسليحي أو نيل جزء من الكعكة البترولية مقابل الحماية و التواجد .. روسيا كانت قد ابتعدت عن الساحة قليلا في ليبيا عقب التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسيفي 2011 ضد الرئيس الليبي و مع الوجود الروسي في سوريا عادت من جديد للظهور في ليبيا الحليف القديم الذي كان يعتمد عليه الرئيس الراحل معمر القذافي.
عادت روسيا تلعب دورا هاما سياسيا لنيل حصة إقتصادية من غنيمةالبترول الليبي وتنتوي فيما بعد إنشاء قاعدة لها في الشرق، ورأت روسيا في المشير حفتر الذي يقود الجيش الوطني في الشرق، الشريك الذي افتقدته عقب الإطاحة بالعقيد القذافي وتعهدت روسيا في فبراير 2017 عن طريق وزير خارجيتها سيرجي لافروف في نهاية ملتقي التعاون الروسي العربي الذي عقد في ابو ظبي بمساعدة الليبيين علي توحيد الصف واسترجاع سلامة الأراضيالليبية . ويأتي التحرك الروسي في ليبيا لتعزيز التواجد مرة أخرىفي المنطقة بمشاركة حليف هام مثل الجزائر في الشمال الأفريقي ولكن دون بوادر نجاح . و تعتمد علي التواصل مع الجانب العربي وخاصة المصري في حل الأزمة.
ومؤخرا عقدت روسيا و تركيا الشريك الرئيسي في الأزمة لقاءات دبلوماسية وأمنية خرجت بعدها تصريحات مستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين تقول: إنهم توصلوا لإتفاق مع روسيا علي العمل علي وقف إطلاق النار في ليبيا والسماح بوصول المساعدات للجانب المستحق . وعلي خلفية الأحداث تأتي روسيا التي تدعم ظاهرياالجيش الوطني بقيادة المشير خليفه حفتر في بنغازي بينما تركيا تدعم حكومة السراج في طرابلس . وفي الوقت الذي ادعتفيه امريكا ان روسيا أرسلتمرتزقة روس لتكون بجانب الجيش الليبي بقيادة حفتر . نفت روسيا الاتهام وأقرتبأنها تسعي للسلام في ليبيا . إذا محاولات الوقيعة بين أكبر قوتين عسكرتين في المنطقة وهما مصر وتركيا واضحةولا يهم الدول الكبري نتائج المعركة لأنها فيما بعد ستنال من تقسيم الكعكة البترولية نصيبها الذي تريده .. لذلك تأتي خطورة فشل المفاوضات والإيعازإلىميليشيات السراج بالدخول الي سرت و الجفرة مناطق الصراع البترولي بمساندة مرتزقة من جميع الجنسيات و بدعم تركي. أمرفي غاية الخطورة لجاهزية القرار المصري بالتدخل لحماية الأمن القومي . كعكة بترولية يبحث عنها الروس في الشرق و الامريكان في الغرب و الاتحاد الاوروبي و الثمن سيكون علي جث تركية ومصرية وليبية وعربية وامهات ثكلي وأبناءتيتمت واباء موجوعينبفقدان الابن وأبناءمحرومون من وجود الأب .. ولذلك اعجبتني حكمة الرئيس في عدم التسرع وراء مطالبات البعض سواء من داخل ليبيا او من خارجها وخاصة الإعلام الذي يسود كل شئ في وجه المشاهد ويجعل السوشيال ميديا تنتفض وتشجع علي اتخاذ قرار لا أحد منهم سيجني نتائجه .. الرئيس السيسي رجل حرب واع يعرف قيمة متي يتخذ القرار ؟ ومتي يتريث ؟
لذلك نحن معك ياريس.