تسبب عقار لعلاج الصداع النصفي في إصابة سيدة في الرابعة والعشرين من عمرها برد فعل نادر، وهو عبارة عن شعور بالحرقة في ساقيها فضلًا عن فقدان أحد أصابع قدميها.
بحسب ما ورد في تقرير نشره موقع "Live Science" الأمريكي،شخص الأطباء إصابة هذه السيدة بحالة مرضية تُعرف باسم "التسمم الأرغوني"، ويُطلق عليها أيضًا "نار القديس أنتوني"، وهي حالة غير شائعة في الوقت الحالي لكنها سبق أن سببت حالات تفشي غامضة في أوربا خلال فترة العصور الوسطى.
وأفاد التقرير بأن العقار الذي استخدمته كان مشتقًا من نفس المادة الكيميائية الطبيعية المتسببة في حالات التفشي التاريخية المشار إليها.
وكانت المريضة قد توجهت لاستشارة طبيب بعد أن بدأت تعاني على نحو مفاجئ من ألم حارق شديد في ساقيها، من منتصف الفخذ وحتى أصابع القدم.
جدير بالذكر أن تقريرًا نُشر في وقت سابق من الأسبوع الجاري في مجلة "The New England Journal of Medicine" الطبية الأمريكية تناول تفاصيل هذه الحالة النادرة بالكامل، وأفاد الخبراء المسئولون عن إعداد هذا التقرير، وهم من كلية الطب الحكومية بمدينة "ثيروفانانثابورام" الواقعة جنوب الهند، بأن المريضة، التي لم يتم الكشف عن هويتها، عانت من تغير في لون قدميها وصعوبة في السير، كما كانت ساقاها باردتين عند اللمس.
وتبين أنها بدأت في تناول عقار لعلاج آلام الصداع النصفي قبل أربعة أيام من ظهور هذه الأعراض عليها، ذلك إلى جانب أنها وُلدت مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، وكانت تتناول العديد من الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج المرض.
وبناءً على أعراضها المرضية، اشتبه الأطباء في احتمالية إصابتها بـ"التسمم الأرغوني"، وهو مرض من المعروف أنه يحدث نتيجة تناول مركبات سامة ينتجها فطر يُعرف باسم "Claviceps Purpurea" أو "الدبوسية الفرفرية"، والذي يصيب الحبوب.
ووفقًا لدراسة نُشرت في عام 2016 في إحدى المجلات الطبية الدولية، فإن هذا الفطر ينتج مركبات يُطلق عليها اسم "Ergot Alkaloids" أو "قلويدات الشقران"، والتي تؤثر على الخلايا التي تبطن جدران الأوعية الدموية وتؤدي إلى حدوث انقباض أو تضييق في الأوعية الدموية، مما يؤثر بدوره على تدفق الدم.
وبدأ تطبيق إجراءات وقائية للحد من تفشي مرض "التسمم الأرغوني" في القرن التاسع عشر، وكان من ضمنها إزالة الحبوب المصابة، ومنذ ذلك الحين كان المرض نادرًا، لكن تم في وقت لاحق عزل المركبات الفطرية المسببة لهذا المرض واستخدامها في أغراض طبية، من بينها علاج الصداع، كما هو الحال بالنسبة للعقار الذي استخدمته هذه السيدة.
وفي الوقت الحالي، تكون أغلب حالات الإصابة بهذا المرض ناتجة عن استخدام العقاقير أو العلاجات القائمة على مركبات "قلويدات الشقران"، وذلك في حال كانت الجرعة عالية أو طالت فترة العلاج على سبيل المثال، لكن يمكن في الوقت ذاته أن تحدث الإصابة بهذا المرض حتى مع تناول جرعات عادية من مثل هذه العقاقير، وذلك إذا كان المرضى يتناولون أدوية أخرى يمكن أن تؤدي إلى حدوث تفاعل دوائي.
وتمكن الأطباء من علاج المريضة باستخدام عقار لسيولة الدم، وتحسنت حالتها بالفعل، لكن المعالجة لم تكن سريعة بما يكفي كي تمنع إصابتها بـ غرغرينا في أحد أصابع قدمها اليسرى، مما أدى إلى بتر إصبعها؛ وقد أكدت الفحوصات الطبية الأخيرة التي أجريب لها تحسن تدفق الدم في ساقيها.