أثارت إثيوبيااليوم الأربعاء جدلا واسعا بإعلانها بدء ملء سد النهضةثم التراجع عن تلك التصريحات، في موقف غريب يحتمل العديد من التفسيرات.
فبعد سنوات من المماطلة في المفاوضات، التي كانت آخر جولاتها خلال 11 يوما مضت برعاية الاتحاد الأفريقي، عمدت إثيوبيا الى نوع جديد من التلاعب في ملف سد النهضة.
إعلان بدء الملء
نشرت الإذاعة الرسمية الإثيوبية مساء الأربعاء تصريحات على لسان وزير الطاقة والري الإثيوبي، سليشي بيكلي، أعلن خلالها بدء الملء الأول لسد النهضة، وذلك بعد يوم من ختام المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي.
وقال بحسب الإذاعة إن هذه المرحلة التي وصل إليها السد تمكن من بدء عملية التخزين الأولي المقدر بـ4.9 مليار متر مكعب من أصل 74 مليار متر مكعب السعة الإجمالية للبحيرة خلف السد، مشيرا إلى أن "بناء السد وملء المياه يسيران جنبا إلى جنب".
وعن صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة رويترز والتي أظهرت وجود تجمعات مياه خلف السد ما يشير إلى بدء عملية الملء منذ يوم 8 يوليو الجاري، قال إن الصور صحيحة، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه أعمال البناء في السد تمكن كنتيجة طبيعية بدء الملء لبحيرة السد.
وجاء ذلك على الرغم من نفي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في وقت سابق، بدء أديس أبابا في ملء السد ابتداء من التاريخ المذكور.
وأضاف بيكلي أن المفاوضات التي اختتمت بين الدول الثلاث إثيوبيا والسودان ومصر وبحضور مراقبين وخبراء أفارقة تم الاتفاق خلالها على بعض النقاط، لافتا إلى أن عملية بناء وتعبئة السد تسير بشكل طبيعي.
ردود الفعل
السودان
جاء رد الفعل الأول من وزارة الري السودانية التي أكدت أنها لم تتلق إخطارا رسميا من أديس أبابا بشأن ملء السد، كما جددت رفض الخرطوم أي خطوات أحادية الجانب يتخذها أي طرف قبل التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.
وأعلنت وزارة الري السودانية أنها تعقد احتماعا عاجلا لبحث الإعلان الإثيوبي عن بدء الملء الأول لسد النهضة.
وأضافت الوزارة أن هناك تراجعا في مستويات نهر النيل بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا مما يؤكد إغلاق إثيوبيا بوابات سد النهضة.
وأشارت الى أن السودان سيتابع التطورات بما يؤمن المصالح القومية السودانية.
مصر
قالت مصادر بوزارة الري بعد صدور البيان الإثيوبي الأول إن الرد على ملء إثيوبيا للسد سيكون سياسيا.
بينما نقلت قناة "العربية" عن مصادر مصرية لم تسمها قولها إن القاهرة ترفض سياسة الأمر الواقع بخصوص سد النهضة، وذلك ردا على إعلان أديس أبابا بدء الملء الأول لسد النهضة، وهو ما نفته قبل قليل.
وأضافت المصادر أن مصر ستتخذ خطوات للحفاظ على حقوقها من خلال مجلس الأمن.
وأكد المصادر أن مصر والسودان تنسقان للرد على تداعيات ملء إثيوبيا للسد.
إثيوبيا تنفي ما أعلنته
نفى بيكلي التصريحات المنشورة على الإذاعة الإثيوبية الرسمية في تصريحات لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، وقال إن الصور التي نقلتها الأقمار الصناعية تعكس الأمطار الغزيرة، وليس بدء الملء.
لترد الخارجية المصرية ببيان طالبت فيه إثيوبيا برد عاجل تحدد فيه بشكل رسمي ما إذا كانت قد بدأت ملء السد أم لا.
أعقب بيكلي التصريحات الأخيرة بتغريدتين عبر "تويتر"، قال فيهما:""وصل بناء سد النهضة الكبيرة إلى مستوى 560 مترا مقارنة بمستوى 525 مترا في التوقيت نفسه من العام الماضي".
وأضاف: "تجاوز تدفق المياه إلى الخزان بفعل هطول الأمطار الغزيرة وجريانها تدفق المياه من السد وأسفر عن تجمع طبيعي للمياه. يستمر ذلك حتى يتم تشغيل الفائض قريبا".
وتابع:"سيصل بناء السد حتى مستوى 640 مترا خلال السنوات المقبلة .في الواقع من المتوقع أن تتسبب الأمطار الغزيرة المتوقعة هذا العام في حدوث فيضانات هائلة في المنطقة".
بينما قال مسؤول في وزارة الري الإثيوبية إن تجمع مياه خلف السد جزء طبيعي من عملية ملء السد.
الإذاعة الإثيوبية تتلاعب
تلاعبت الإذاعة الإثيوبية بالتصريحات التي نشرتها على لسان وزير الري، فبعد نشر التصريحات المذكورة التي تعلن بدء ملء السد والتي يعترف خلالها بيكلي بحقيقة صور الأقمار الصناعية التي نشرتها رويترز,أدخلت الوكالة تعديلا على المنشور بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لتعلن على لسان وزير الري استمرار المفاوضات بشأن قضية سد النهضة لصالح الأجيال القادمة على حد تعبيره، دون وجود أي تصريح حول بدء ملء سد النهضة، باستثناء الحديث عن بناء السد.
ولا يزال من غير الواضح ما تريده إثيوبيا من وراء فعل كهذا، هل كان الإعلان ومن ثم نفيه بمثابة أنبوب اختبار لرد الفعل المصري والسوداني، أم أن بالفعل بدأت إثيوبيا ملء السد بحسب ما توضحه تصريحات انخفاض منسوب النيل لوزارة الري السودانية، ولكنها قد تكون رأت أن الإعلان ليس في صالحها فتراجعت، أم أنها تحاول ممارسة الضغوط على مصر في الوقت الذي تتزايد فيه الاضطرابات على حدودها الغربية مع ليبيا، بعد تنسيق إثيوبي تركي غير خفي.