لم تتجه سياسة إثيوبيا منذ اليوم الأول في جولات المفاوضات التي خاضتها مع مصر، خطوة واحدة نحو الحل السياسي الذي يضمن حق كل الأطراف في الانتفاع بمياة النيل بما لا يخل بحقوق الباقين.
سوء نية مبيت من أديس أبابا
الموقف الأثيوبي كان غريبا و متعنتا و متعسفا لدرجة غير مقبولة وواقع يكشف عن سوء نية مبيت، ودلائل غير منطقية على الإطلاق أتاحت بها أديس بابا الحق لنفسها في ملء وتشغيل السد دون اتفاق نهائي لأطراف الأزمة.
في البداية لم تركن أديس أبابا إلى المفاوضات الثنائية والثلاثية في عدة جولات على مستوى وزراء الري لمصر والسودان وأثيوبيا، ومفاوضات أخرى قادها رؤساء وزراء الدول الثلاثة وتوسط خلالها الاتحاد الافريقي لحل الأزمة وإثناء أثيوبيا عن موقفها المتعنت لكن أديس أبابا لم تلتزم مرارا وتكرارا.
مغالطات تاريخية لأثيوبيا
تصريحات المسؤولين التي بررت الموقف الأثيوبي كانت متناقضة تماما مع الواقع الحقيقي والثوابت التاريخية بشأن المعاهدات التي زعمت أنها وُقعت في عهود استعمارية دون رغبة الشعب الأثيوبي او إرادته وهو ما يكذبه التاريخ جملة وتفصيلا.
يقول الكاتب الصحفي عطية العيسوي المتخصص في الشؤون الإفريقية إن السرد التاريخي للاتفاقيات الت وقعتها مصر مع أثيوبيا بشأن الاستفادة من مياة النيل تثبت واقعا لا يمكن إنكاره بأن أثيوبيا وافقت على كل هذه الاتفاقيات بكامل إرادتها الحرة، وأن تنصلها منها في الوقت الحالي تحت دعوى الاستعمار غير منطقي ولا يمت للحقيقة التاريخية بـ صلة.
اتفاقيات ومعاهدات تاريخية
وقال العيسوى لـ صدى البلد إن أول معاهدة وُقعت بين الطرفين كانت عام 1902، ووقعتها أثيوبيا وبريطانيا التي كانت تحتل مصر في ذلك الوقت، وكانت بخط يدإمبراطور أثيوبيا منليك الثاني بنفسه، ومصر هي التي كانت محتلة في ذلك الوقت من جانب بريطانيا وليست أثيوبيا التي امتلكت إرادتها الحرة في التوقيع.
وقال العيسوي إن اتفاقية 1993 التي وقعها الرئيس الراحل محمد حسني مبارك تم تسجيلها في إطار البند 102 من ميثاق الأمم المتحدة،والي وقع عليهارئيس أثيوبيا الراحلفيليس زيناوي، والتي تعطي الحق لمصر في مقاضاة إثيوبيا، لعدم التزامها بالوثيقة، والتي جاء فيها أن كل طرف عليه الامتناع عن التدخل في أي نشاط متعلق بمياه النيل، الذي قد يؤدي إلى إلحاق ضرر ملموس بمصالح الآخر.
وقال إناتفاقية عام
1959 ترفض أثيوبيا الاعتراف بها، واتفاقية المبادئ الموقعة في الخرطوم ترفض أثيوبيا أيضا الإلترزام بها.
تذرّعغير منطقي بـ توشكى والسد العالي
أماعن تصريحات أثيوبيا بشأن إقامة مصر لمشروع توشكى دون الرجوع إلى أثيوبيا، فرد العيسوي بأن مشروع توشكى داخل الأراضي المصرية ويستفيد من حصة مصر دون التأثير على دول المنبع، ولا منطق في الرجوع إلى أثيوبيا قبل تنفيذ المشروع لأنه بالكاد لن يلحق ضررا بها، ووصف خبير الشؤون الأفريقية التصريحات المنسوبة إلى مسؤولين أثيوبيين في هذا الشأن مغالطاتتاريخية وسقطات كلامية غير مدروسة
كما أضاف العيسوي أن مشروع السد العالي لا يمكن مقارنته بمشروع سد النهضة، لأن السد العالي بُني بعد موافقة السودان الدولة الأكثر تضررا وتم تعويضها عن ذلك، ولم تصل أضرار السد إلى أثيوبيا بينما اقتصرت على جنوب مصر وشمال السودان، وبالتالي فالمقارنة في هذه الحالة غير منطقية بالمرة.
وبعد الأنباء المتناثرة عن بدء ملء سد النهضة، بات ملحا على الأطراف الدولية التدخل قبل وقوع أزمات في المنطقة جراء التحول من الحل السياسي إلى حلول أخرى لن تعود بالخير على دول المنطقة.