علي جمعة:
-علينا أن نفهم الدين بعمق كما فعل أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل.
- لهذه الأسباب.. التفكير بأن أفعال النبي ليست بحجة في منتهى الخطورة.
- الدين علم والتدين سلوك.. والأدوات بيد العالم وقد يسبق الآخر إلى الجنة.
- الدين الشعبوي يقولأصحابه بهواهم وليس بالعلم.
- يجعل هناك أديان وليس دينا واحدًا.
- فكرة مضادة للأمر بالتوحيد الذي جاء به الإسلام.
حل الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ضيفًا علىبرنامج « من مصر» المذاع على فضائية «cbc» مع الإعلامي « عمرو خليل» وتحدث خلال الحلقة عن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم-، وكيف نستفيد منها في حياتنا اليومية، كما بين خطورة الدين الشعبوي، ونرصد جميع تصريحاته في التقرير التالي.
قالالدكتور على جمعة، مفتي الجهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنالنبي -صلى الله عليه وسلم-كان لنا اسوة في كل شيء، كتجارته على سبيل المثال؛ علمنا منها الصدق والأمانة وغير ذلك الكثير، مؤكدًا: «نحن أمرنا أن نتبع النبي ونسير على نهجه بشروط، فهناك ما هو واجب ونافلة ومندوب ومباح، ولكلٌ بيانه».
وأضاف «جمعة» أنالنبي - صلى الله عليه وسلم-أكل الدباء - وهي الكوسة-،إذًا أكلها مباح، لكنه لم يأكل الملوخية، لأنها لم تكن موجودة في هذا الزمن، فهل يمكن أن نحرمها أم أنها مباحة بأصل الدين؟!.
وأكدعضو هيئة كبار العلماءأنه يجب علينا أن نفهم ديننا بعمق كما فهم الأولون كالأمام مالك والشافعي والبيهقي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم الكثير ممن أناروا لنا وأوضحواكيفية التفكير المستقيم،والذي نخاف من عدمه وما يؤدي إليه من مقاصد ومالات ينفرط بها الحال.
وأشارالمفتي السابقإلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- بين لناكيفية السلم والحرب والتفاوض، فعندما ذهب - عليه الصلاة والسلام- إلى صلح الحديبية بعد أن سمع أن مكة وخيبر في شمال المدينة سوف يطبقون عليها، فيما يسمى الآن بحركة الكماشة، فجانب يأتي من اليمين والآخر من الشمال ليطبقوا على المدينة ويقتلوا أهلها للتخلص من الإسلام، ففكر النبي وجمع المعلومات، منبهًا: « تفكيره - عليه الصلاة والسلام- فعل، فيجب أن نتبعه في ذلك، وفعلنا ذلك؛ فتجد عندنا أجهزة لجمع المعلومات، وهذا ما علمه لنا النبي، حتي نتخذ القرار السليم».
وأوضحأننا نستخلص من هذا المناهج،فبادر النبي - عليه الصلاة السلام-إلى عمرة الحديبية، فمنعه المشركون من هذه الشعيرة، فاتفق مع سهيل بن عمرو بعد محادثة طويلة أن مكة لا دخل لها بأي عدوان، وسيدنا عمر تعجل وقال: " لما نقبل الدنيئة في ديننا ولا نقاتلهم؟"، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يرد سوى فك الحصار للحفاظ على أمن دولة المدينة، وفك حصار خيبر بالاستباق، فعلمنا كيف نتفاوض ونبنيخططا استراتيجية تدرس في جامعات العالم.
وبينالدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، أن العلماء تبحروا في كل ما يمكن أن يسمىفعلًامما صدر عن النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-، وهو محل نظر الله ورضاه وصلاته - عليه الصلاة والسلام -.
وأوضح «جمعة» أنالعلماء لما تعمقوافي أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم- وجدوا أن منها ما يرجع إلى الخلقة والجبلة والطبيعة والحياة، ومنها الأرداي وغير الأرادي، فالأكل والشرب والصيام جميعها أفعال، وهي إما أن تكون بالإيقاع أو الإمتاع مما يولد إقبال أو احجام عن الأمر.
واستشهد عضوهيئة كبار العلماءبقوله - تعالى- حكاية عن نبيه الكريم: « قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ ..»، معلقًا: «هل يمكن أن يقال أن هضم النبي للطعام أو مرضه مثلًا يمكن أن يجري علينا، فالفعل هنا ليس أسوة، لأن حياة القلوب بيد الله وحده، ليس بيد النبي الشريف، ولا بيدنا نحن، وإنما الأسوة تكون في الفعل الاختياري المتعلق بشيء من الوحى.
وأشارالمفتي السابقإلى قوله - سبحانه-: « لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا»، منبهًا: هذه الآية هي التي اعتمدنا عليها في الأخذ بأفعال النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي الأصل، فلو تركنا الأفعال الجبيلة والحياتية منها، واتينا للأفعال الاختيارية لوجندها على قسمين، الأول مجملأ، كقوله - صلى الله عليه وسلم-: " خذوا عني مناسسكم".
واستكمل: أما المفصل، فهو توضيح كيفية الحج مثلًا، وهو جعل المسلمين الكعبة عن يديهم الشمال وغير ذلك، الذين لم ينكروا ذلك بجعلهم على أيديهم اليمين عند الحج؛لذا فان طريقة التفكير بأنأفعال النبي ليست بحجةفي منهي الخطورة، لأنها قد تتسبب في تفتت الأمة، متساءلًا: « تصور مجموعة من الناس حجت وجعلت الكعبة عن شمالها، وآخرون جعلوها عن يمينهم؟!».
وأردف أنهذا ينطبق أيضًاعلى باقي العبادات والمعاملات، كقوله - صلى الله عليه وسلم-: " صلوا كما رأيتموني اصلي"، فهو ضابط لمنع شر كبير، وهذا الضابط يؤدي إلى وحدة الأمة وتأليف القلوب، وتقليل النزاع والصدام، والخلاف المزري لو أننا لم نعتمد هذا.
وأفادالدكتور على جمعة، مفي الجهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أنفقد كثير من الأدواتيجعل هناك أقوالًا لتفسير الآيات على غير وجهها والمراد منها، وهذا عندما يبين يزيد عند الناس علو قدر النبي - صلى الله عليه وسلم-، مشيرًا إلى أفعال النبي محل اجتهاد هل تدل على الوجوب أم متعلقة بالتشريع أم بين الفطرة والتشريع أو غير ذلك، مما قتل بحثًا بين العلماء في تفسيره.
وأضاف «جمعة» أنالدين الشعبوييقول بهواه وليس بالعلم، فالعلم الديني له أحكام، وهو ليس حكرًا على أحدًا، ولكن له قواعد ومدارس حتى نصل إلي الحق والحقيقة، وهذا يحتاح إلي كثير من المعرفة اللغوية، والإطلاق على المصادر الواردة، والفكر المستقيم، وآراء السابقين في محل التفسير، والكلام والتأمل في مقاصد الشريعة، والمصالح المرعية والمالات المعتبرة والنظام الذي لا يخالف الاجماع.
وتابععضو هيئة كبار العلماءأنه في نفس الوقت نتبع منهج الله ورسول حتى نجني ثمرته، وإدراك صحيح للنص حتي لو حدث خلاف وكذا تطبيقه وربطه بالواقع، لأن الخوف ممن الاجتزاء، كالإكتفاء بذكر قوله - تعالى-: « فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ » دون أن نكمل الآية الآية التي تليها والتي يقتضيها السياق، وهي قوله - تعالى-: «الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ »، ( سورة الماعون: الآيتان 4: 5).
ونبه المفتي السابق أنهلابد من معرفة السياق السابق واللاحق؛ حتى لا نهرف بما لا نعرف، ونكون مسؤولين أمام الله، فلا يتصدر لهذا المقام إلا من عرف هذه الأدوات،فالدين علم، وعلم عميق، قال - تعالى-: « ..فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، ( سورة النحل: الآية 43).
وواصل: ويقول - تعالى-: « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ »، ( سورة فاطر: الآية 28)، لافتًا:«التدين سلوك، والعالم معه الأدوات، والمتدين قد يسبقه إلى الجنة، لكن لا يأخذ بإدواته دون المعرفة».
ونبهالدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنالأصل في الدينهو مذهب التوحيد والإيمان بالله وأنه لا يوجد إله غيره - سبحانه- ، واتباع نهج النبي - صلى الله عليه وسلم- حتي تصير الأمة واحدة، والإيمان بأنه - عليه الصلاة والسلام- وحده هو خاتم النبيين.
وَأوضح «جمعة» خلال لقائه ببرنامج « من مصر» المذاع على فضائية «cbc » أنهلو فرضنا أن أنبياء قد جاءوا بعده- صلى الله عليه وسلم-تتفرق الأمة، لأنك تجد من يؤمن به ومن يؤمن بمحمد والنبي رقم واحد، ثم يأتي الجيل الثالث، فنجد واحد مؤمن بالنبي، وواحد مؤمن بالنبي ونمرة واحد واثنين، وواحد مؤمن بالنبي ونمرة واحد واثنين لا، معلقًا: «وقس على هذا حتى تفترق الأمة ويذهب مذهب التوحيد».
وأضافعضو هيئة كبار العلماءأن الله- سبحانه وتعالى-جعل لنا قرانًا واحدًا،قال - عز وجل-: « إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»، حتى يمنع الشتات ويمنع وجود نسخ مختلفة من كتابه الحكيم، الذي هو معجز وباقي محافظ عليه حتى على مستوى شكلة الحرف وطريقة النطق بها بالقراءات العشر، مشيرًا: « هذا خضم هائل من أسس توحد الأمة، إضافة إلى العبادات كالصلاوات الخمس والحج إلي بيت واحد».
واسترسلالمفتي السابقأنالدين الشعبوييقول أصحابه بهواهم وليس بالعلم، ويجعل هناك أديان وليس دينا واحدًا، فيجعل كل تفسير دينًا قائمًا بذاته، ويجمع على ذلك نزاعات -الله بها عليم-، فهو فكرة مضادة للأمر بالتوحيد الذي جاء به الإسلام، ومن هنا نقول لأصحاب الفكرة: «أنتم أردتم التخفيف عن الناس في جانب، لكن لم تحسبوا المالات في جوانب أخري»، مبينًا: « علماء الأمة حسموا أمره بالنهي عنه، وقالوا إنه مأمور بالابتعاد عنه في قوله - تعالى -: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا»، ( سورة الإسراء: آية 36).
وتابع: لذا حرموا إنشاء مثل هذه التفسيرات إلا لأصحاب الأهلية، وهوالعلماء المجتهدينالذي يتقيون الله في بذل كل يجب للحصول على مراد الله في المسألة، وإن تعددت آرائهم، وليس آراء من ليس لهم آلة ولا معرفة، سيسأل عنها فيما بعد، لذا أنبه أن هذه الفكرة على خطر عظيم حيث سيئول أصحابها إلى ما لا يحمد عقباه من الشتات وعدم الاعتصام بحبل الله الذي قال: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا..»، ( سورة آل عمرآن: الآية 103).
وأشار إلى أن علماء الأمة نهو عما يعرف بـ"الدين الشعبوي" وهو التخفيف من أمور الدين والاستهانة بها، مشيرا إلى أن العلم ليس حكرا على أحد، وإنما هو أمر يحتاج إلى الكثير من الإطلاع والفكر المستقيم ومعرفة آراء السابقين في محل التفسير والكلام.