قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه لم تستمر سيادة المدينةالمنورة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا أكثر من ثلاثين عامًا، فقد انتقلت الخلافة بعد الصراع الذي احتدم في أواخر العهد الراشد إلى الكوفة ثم إلى دمشق مع قيام الخلافة الأموية.
وأضاف « جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع « فيسبوك» أنها عادت لمكانتها التجارية كمحطة على طريق القوافل، وظلت تحتفظ بأهميتها الدينية، حيث يتجه إليها الحجاج والعمار من جميع أنحاء العالم الإسلامي للصلاة في المسجد النبوي الشريف، وزيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء، أن المدينة نالت -رغم إقصائها كعاصمة سياسية- اهتمام الحكام المسلمين في كل زمان، بداية بنهاية الخلافة الراشدة في الكوفة، ثم بالدولة الأموية في الشام، ومن بعدها العباسية في بغداد، وبدأ وضعها التجاري يقل بعد اكتشاف طريق رأس رجاء الصالح.
وأوضح المفتي السابق أن هذا الطريق جعل التجارة تمر بعيدًا عن أراضي العالم الإسلامي ثم فتح القسطنطينية (اسطنبول) بيد المسلمين العثمانيين، وانهيار طريق التجارة عبر ساحل البحر الأحمر، كل ذلك أدى إلى فقدان المدينة لمورد مالي كبير، إلا أن اهتمام العالم الإسلامي باستمرار الرحلات لزيارة مكة والمدينة للحج والعمرة.
وواصل أن تشجيع العثمانيين على ذلك، قد أنعش الحركة التجارية في المدينة، وعوض الخسائر التي نجمت عن تحويل طريق التجارة، لافتًا: «وببداية القرن العشرين اكتمل خط سكة حديد الشام – الحجاز ، مارًا بالمدينة فربط الأماكن المقدسة بتركيا مقر الخلافة الإسلامية، ورغم قصر مدة تشغيل هذا الخط إلا أنه لفت الأنظار إلى أهمية موقع المدينة المنورة».
ونبه أنه ظل الاهتمام بالمدينة حتى عهد المملكة العربية السعودية، واعتبر ملوك المملكة خدمة المدينة ومكة المكرمة من أعظم ألقاب التشريف -وهو كذلك- حيث استبدل الملوك لقب جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين، فكانت تلك البقعة المباركة هي موضع اهتمام كل الملوك والحكام وهي تستحق ذلك ويزيد.
وأردف أنه بذلك نكون قد تعرفنا على تاريخ المدينة المنورة في لمحة سريعة بداية من تاريخها القديم قبل الميلاد، وحتى أيامنا هذه، وقد ذكرت تلك اللمحة التاريخية السريعة؛ لأن المعلومات التاريخية والجغرافية عن المدينة المنورة تساعد في فهم ما سنذكره من فضل لها، وآثار وأحكام شرعية.