أجرت مؤسسة "أوكسفورد بيزنس جروب" البريطانية للاستشارات والأبحاث حوارًا مع وزير المالية محمد معيط، تناول خلاله إجراءات الإصلاح الاقتصادي ومدى فعاليتها ونجاحها، وخطط الحكومة لزيادة ودعم النمو الاقتصادي.
وفيما يلي نص الحوار:
- ما هي الأولويات الاقتصادية الرئيسية بعد الانتهاء من برنامج الإصلاح المدعوم من صندوق النقد الدولي؟
برنامج صندوق النقد الدولي كان جزءًا من نموذج صممته الحكومة المصرية، لذلك بدأت الإصلاحات قبل دعم صندوق النقد الدولي وستستمر بعده. إن القيادة المصرية ملتزمة بالإصلاحات الاقتصادية التي ستعزز موقف البلاد عبر ثلاثة محاور: الإصلاح النقدي والإصلاح المالي والإصلاح الاقتصادي الهيكلي – والذي يعد أولويتنا الأهم خلال الفترة المقبلة.
وتركز هذه الركيزة الأخيرة على تعزيز القدرة التنافسية للقطاعات التي تساهم في النمو الاقتصادي في مصر، من خلال تطوير مبادرات السياسات والبنية التحتية الناعمة بشكل فعال.
يعتمد مستقبل مصر على استمرار النمو الاقتصادي وخلق الأنواع المناسبة من الوظائف لمجاراة زيادة سكانية مستمرة. ومع دخول ما يقرب من مليون من الخريجين الجدد إلى سوق العمل كل عام، لا تستطيع الحكومة توفير هذه الوظائف، والخيار الوحيد الممكن هو خلق وظائف دائمة في القطاع الخاص.
ولذا فإننا بحاجة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال الإصلاحات التي تجعل بيئة الأعمال أكثر جاذبية في جميع القطاعات، مثل النفط والغاز أو السياحة أو التصنيع أو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو البناء أو الخدمات اللوجستية.
- كيف تخطط الوزارة لخفض الدين العام إلى حوالي 80٪ بحلول يونيو 2022؟
مع تحول التركيز إلى الإصلاح القطاعي، فإننا بحاجة إلى ضمان استمرار ما تم إنجازه من خلال المبادرات الاقتصادية الواسعة. وإحدى أولوياتنا الأساسية هي التنفيذ المستمر للسياسات المالية السليمة، التي نجحت في خفض عجز الموازنة إلى 7.9٪. ونحن نستهدف تقليل العجز الإجمالي إلى 4.6٪ خلال السنة المالية 2022/2023، مع الحفاظ على فائض الميزانية الأولية السنوية عند نسبة 2٪.
وتتمتع الحكومة بوضع مالي قوي، حيث خفضت الديون من 103٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 إلى 92.65٪ في 2018 و84.87٪ في 2019، واستمرار هذا الاتجاه للوصول إلى 77.5-82.5٪ في عام 2023 سيجعل من الممكن زيادة الاستثمار في تنمية رأس المال البشري ومبادرات الحماية الاجتماعية مثل البرنامج الوطني للتأمين الصحي، والذي تم تنفيذه بالفعل في محافظة بورسعيد وسيتم تنفيذه تدريجيًا في بقية أنحاء البلاد.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، تعمل الحكومة على زيادة الإيرادات من خلال رفع الكفاءة في تحصيل الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية وتشجيع إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد، ونعمل أيضًا على تقليل الإنفاق وإعادة ترتيب أولوياته مع التركيز على الإنفاق الإنتاجي، ويعد إصلاح منظومة الدعم خطوة أساسية نحو تعزيز الكفاءة وتشجيع الشركات على ترشيد نماذج أعمالها، وفي نفس الوقت يسمح ذلك للحكومة بالإنفاق على المستحقين بدلًا من أولئك الذين يستهلكون أكثر.
- كيف توازن الوزارة بين الحاجة إلى زيادة الإيرادات الضريبية وتشجيع الاستثمار؟
لا تتعارض هاتان الأولوية، لأنهما تعتمدان على خلق بيئة واضحة وتنافسية للضرائب والرسوم الجمركية، وهذا يقتضي تحديث القوانين واللوائح، وكذلك التكيف بشكل أكبر مع الابتكار التكنولوجي. ومن خلال قصر المدفوعات النقدية في أي معاملة على 500 جنيه كحد أقصى (30.82 دولار أمريكي)، يتم تشجيع الشركات والأفراد على استخدام بطاقة "ميزة" أو إنشاء حساب مصرفي، وسيساعد ذلك على إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد الرمادي في مصر من خلال توسيع حجم القاعدة الضريبية وخلق بيئة تنافسية وعادلة.
وفضلًا عن ذلك، فإن المطالبة بتقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيًا ورقمنة الإجراءات الجمركية ستعزز الكفاءة ويسهل التجارة عبر الحدود ويجعل مصر مركزًا لوجستيًا جذابًا بشكل متزايد.
وبالرغم من أهمية هذه الخطوات، فلا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لجعل مصر وجهة أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر لا سيما في قطاعات مثل الصناعة والصحة والتعليم، وهي المجالات التي يمكن أن تخلق وظائف دائمة، ولكن الإصلاحات التي شهدتها خلال العقود الأخيرة كانت محدودة.
ونحن نعمل الآن على جعل البلاد أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والشركات العاملة حاليًا بالفعل، حيث تعد كفاءة المنظومة الضريبية والحد من العقبات البيروقراطية عوامل مهمة.