تلقى المصريون بتفاؤل كبير قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتكليف شركة وطنية مصرية ، باستخراج الذهب من باطن الأراضي المصرية ، بعد أن احتكرت الشركات الأجنبية ميزة استغلال الذهب ، ليستحوذ بذلك الشريك الأجنبي على نصيب الأسد ، و يلقي بالفتات للمصريين . و يرجع ترحاب المصريين الكبير بهذا القرار، إلى أنه أعاد لهم حقهم الطبيعي في استغلال خيرات بلادهم ، من دون شريك أجنبي ، ليعيدوا بذلك أمجاد أجدادهم ، المصريين القدماء ، الذين برعوا منذ آلاف السنين في التنقيب عن الذهب و تصنيعه ، بدرجة أبهرت العالم ، ولا تزال تبهره حتى اليوم ، ولا أدل على ذلك من الولع العالمي بكنوز الملك توت عنخ آمون .
ومثل كل المصريين ، تلقيت بسعادة غامرة ، خبر نجاح شركة شلاتين المصرية الوطنية ، في اكتشاف منجم ذهب كبير في الصحراء الشرقية في منطقة " إيقات " بإحتياطي بلغ مليون أوقية ، بقيمة تصل لمليار دولار ، وبنسبة استخلاص من الذهب الخام تصل إلى 95 في المائة ، و هي أعلى نسب استخلاص للذهب الخام في العالم ، ليصبح الذهب المصري ، الذي تزخر به الصحراء الشرقية ، و البحر الأحمر ، و بلاد النوبة ، ملكا خالصا للمصريين من دون شريك أجنبي للمرة الأولى منذ عهد الفراعنة .
وأمام هذا الإنجاز المهم وجدت نفسي مدفوعا ، بتخيل هذا الحوار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، و بين الملك توت عنخ آمون ، أحد أشهر الملوك المصريين ، و الذي اكتشف في عهده أفضل مناجم الذهب ، وبرع خلاله الصانع المصري في تحويل الذهب المكتشف ، إلى تحف فنية رائعة ، أصبحت تسحر الأعين في جميع أنحاء العالم .
ويبدأ الحوار ، بمجيء توت عنخ آمون للرئيس عبد الفتاح السيسي، مقدما له التحية ، قائلا " تملكتني سعادة غامرة يا فخامة الرئيس لنجاحك في اكتشاف، واستخراج الذهب المصري، بعد أن كان يعتصرني الألم، وأنا أرى الشركات الأجنبية و هي تستخرج الذهب من أراضي مملكتي ، و تحصل منه على نصيب الأسد ، و تلقى لأحفادي المصريين بالفتات . فرد عليه السيسي قائلا " يا جلالة الملك، إنه لشرف كبير لي أن تعرب عن تقديرك لي حيال ما حققته ، ففي واقع الأمر، فقد كنت أنت ملهما لي في قراري بتكليف الشركات الوطنية بإستخراج الذهب المصري ، فكم من المرات كنت أنظر بإعجاب لكنوزك في المتحف الكبير ، الذي سأفتتحه قريبا ، و أقول لنفسي : ألم يستخرج جدي الأكبر الملك توت عنخ آمون ذهب مصر بأياد مصرية، و أبهر العالم بتحف و كنوز و مشغولات من صنع المصري، فلماذا و أنا خليفتك في حكم مصر، لا أفعل نفس الشيء؟.
يرد توت عنخ آمون قائلا : كل ما أتمناه يا فخامة الرئيس أن تواصل جهودك في البحث و التنقيب عن الذهب في الصحراء الشرقية ، و منطقة البحر الأحمر ، و أرض النوبة و هي تعني بلغتنا المصرية القديمة أرض الذهب، و من هذه المناطق استخرجت معظم الذهب الذي صنعت منه قناعي، و تابوتي ، و تحفي، التي أبهرت العالم وستظل تبهره بعد أن أخبرتني بأنها ستتخذ مكانها قريبا في المتحف الكبير بالجيزة بالقرب من أهرامات أجدادي .. فكل التقدير والاحترام لك يا فخامة الرئيس ، في مشروعك العظيم الرامي لتسليح مصر بأكبر متحف في العالم ، لكي يحتضن حضارة عظيمة ، تمتلك ثلثي حضارة العالم .
يختتم الرئيس السيسي حديثه قائلا : أكثر ما كان يحزنني يا جلالة الملك ، ليس فقط أن الشريك الأجنبي كان يحصل على النصيب الأكبر من خير أراضينا من الذهب ، لكن الأخطر في الموضوع يكمن في أن الشريك الأجنبي كان يحول مكاسبه بالجنيه المصري للخارج، بالعملات الصعبة ، خاصة بالدولار ، و اليورو ، في وقت أنا في أشد الحاجة فيه إلى العملات الأجنبية ، لأواصل مسيرة تنمية مصر، لشعبي الذي تخطى حاجز المائة مليون نسمة ، و يتوقع أن يصل إلى 150 مليون نسمة ، في منتصف القرن الحالي، في حين كنت أنت يا جلالة الملك تحكم شعبا محدودا ، لا يزيد تعداده عن مليون مصري فقط .
وعودة لأرض الواقع ، سنجد أن البعض أرجع رفض الملك فاروق لاستغلال ذهب منجم السكري سنة 1948 ، إلى امتلاك مصر لغطاء كبير من الذهب، و هذا ليس حقيقيا ، فقد رفض الملك فاروق إعطاء الضوء الأخضر لاستغلال ذهب السكري تجاريا ، بعد أن تبين له أن الشريك الأجنبي، سيحصل على نسبة 96 في المائة من عائدات بيع ذهب المنجم ، الأكبر في الشرق الأوسط ، تاركا 4 في المائة فقط للمصريين ، فقرر تركه للأجيال القادمة . و لحسن الحظ ، تجسدت الأجيال القادمة في صورة عبد الفتاح السيسي ، ليتولى المصريون استخراج الذهب من الصحراء الشرقية أرض الذهب .
وأخيرا فإن أهمية الكشف التجاري الجديد للذهب في "إيقات" بالصحراء الشرقية ، ترجع إلى أنه يعد نتاجا لإستثمار مصري خالص في مجال التنقيب عن الذهب ، واستغلاله من خلال شركة "شلاتين" المصرية بالتعاون مع هيئة الثروة المعدنية .و تمتلك الهيئة العامة ، للثروة المعدنية 35 في المائة من أسهم شركة شلاتين، في حين يمتلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ، التابع لوزارة الدفاع نسبة 34 في المائة ، مقابل 24 في المائة لبنك الاستثمار القومي ، و 7 في المائة للشركة المصرية للصناعات التعدينية .