القضاء على القدرات النووية العراقية بتدميرالمفاعل النووى العراقى ، كان هدفا إستراتيجيا لإسرائل ، لذلك رأت أنه لتحقيقهدفها لا بد من التخلص من الدكتور يحى المشد أولاقبل تدمير المفاعل العراقى ، لأنه لو إكتفت بضرب المفاعل لإستطاع العراق إعادةبنائه خلال ستة شهور فقط ! طالما كان الدكتور يحيى المشد على قيد الحياة لانه بعلمهوخبراته فى المجال النووى يستطيع إعادةبناء المفاعل
لذلك كان قرارالموسادبإغتيال المشد فى باريس عام 1980 ، ليكون بداية عملية إنهاء القدرة
النووية للعراق ، وهى حقيقة تأكد ت بعد إعتراف إسرائيل رسميا من خلال فيلم وثائقى عرضته " ديسكفرى الأمريكية" بعنوان " غارة على المفاعل " فمن هو ذلك العلامة المصرى ؟
يحى المشد ..عالم مصرى يعد من أبرز علماء الذرة فى العالم ، كما أنه من أهم عشرة علماء على
مستوى العالم فى مجال التصميم والتحكم فى المفاعلات النووية .
ولد المشد فى 11 يناير 1932 بمدينة بنها محافظةالقليوبية ، تخرج في كلية هندسة الإسكندرية قسم الكهرباء عام 1952 ، وكان الثالثعلى دفعتة فحصل على منحة لدراسة الدكتوراة من جامعة كامبريدج بلندن ، ولكن بسببالعدوان الثلاثى 1956م تم تغيير مسار البعثة إلى موسكو . تزوج المشد قبل سفرة من ابنةعمته التى أنجب منها ثلاثة أبناء ، وقد رافقته فى البعثة التى استمرت ست سنوات عادبعدها إلى مصرعام 1963 متخصصا فى هندسة المفاعلات النووية وانضم الى هيئة الطاقةالنووية المصرية ، ثم سافر للتدريس فىالنرويج من 1964 الى 1966م ، و هناك عرضت عليه الجنسية النرويجية ولكنه رفضبشدة ، فقد لاحظ تحيز الإعلام بهاللصهيونية العالمية وتجاهل حق الفلسطينيين .
وفى إحدىالندوات التى دعى إليها القى الدكتور المشد كلمة مطوله حول الإحتلال الإسرائيلى
لفلسطين ، مما أغضب اللوبى اليهودى فىالنرويج ، ومن هنا بدأ الترصد لخطواته ونشاطه العلمى مما اضطره العودة الى مصر ، وعمل كأستاذ مساعد فى قسم الهندسةالنووية بهندسة الاسكندرية ، ثم تم ترقيته الى أستاذ ورئيس للقسم عام 1978م ، وخلال تلك الفترة نشر أكثر من 80 بحثا علميا .
على الرغم من نشاط هيئة الطاقة الذرية المصرية فى تلكالفترة ، إلا أن البرنامج النووى المصرى تجمد بعد نكسة 1967م ، وأصبح الوضع العلمىوالبحثى صعبا جدا بسبب الظروف السيئة للبلاد ، وبعد حرب 1973م لم يتم إستعادة النشاط النووى مرة اخرى ، حيثتم تحويل الطاقات المصرية إلى إعادة البناء والتعمير من جديد لبلد أنهكتها الحروب واستنزفت مقدراتها ، ممادعاه الى الذهاب إلى العراق لإستكمال أبحاثه فى الذرة ، وكان صدام حسين نائبالرئيس العراقى فى ذلك الوقت ، قد وقع إتفاقية التعاون النووى مع فرنسا فى 18نوفمبر 1975م ، لما كان لديه من طموحات
كبيرة لامتلاك اسباب القوة ، مما أدى إلىجذب العلماء المصريين للعمل بالعراق ، وكان منهم الدكتور يحيى المشد وهو من القلائل البارزين فى المجال النووى ،ووافقالمشد على العرض العراقى ، لتوافر الإمكانيات والأجهزة العلمية والإنفاق السخى علىالبرنامج النووى العراقى .
خلال عمله بالعراق ، رفض المشد شحنة يورانيوم فرنسية وإعتبرهامخالفة للمواصفات ، فطلبت فرنسا حضوره شخصيا إلى باريس للتنسيق لإستلام اليورانيوم، وبالفعل وصل باريس يوم الجمعة 13 يونيو 1980م.
وفى صباح يوم السبت 14 يونيو 1980م وفى غرفته بفندق الميريديان بباريس ، عثر على
الدكتور يحى المشد مهشم الرأس غارقا فى دمائه. أسفرت تحقيقات الشرطة الفرنسيةعلى أن "الفاعل مجهول" ، وبالطبع تعددت الروايات حول أسبابالوفاة ، وكان من أبرزها أنها تمت عن طريق امرأة ليل فرنسية ، لكن بالطبع هذاافتراء الغرض منه إبعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقى ، ومما يؤكد ذلك ما قالته تلكالمرأة وكانت الشاهده الوحيده فقد أكدت أنها كانت تريد قضاء ليلة معه ، ولكنه رفضتماما مجرد التحدث معها ولكنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغير رأيه ، حتى سمعت ضجهبالغرفة ! ولذلك تم إغتيال هذه المرأة أيضا ، كما كذبت زوجتة هذا الإدعاء و دافعت
عنه بشدة مؤكدة أنه رجل محترم . وقيل أيضا أن شخصا دخل غرفته وإنتظره حتى يحضر
ثم قتله بضربه على الرأس . كما قال الصحفيون اليهود إن الموساد لا يستخدم مثل هذه الأساليب فى
القتل .
ولكن ما كان يشيربل يجزم بإرتكاب الموساد هذه الجريمة أنالمفاعل النووى العراقى تم تدميره بعد شهور قليلة من إغتيال المشد ، إلى أن جاء إعتراف إسرائيل و أمريكا رسميا خلال فيلما
وثائقيا .
عرضت قناة ديسكفرى الوثائقية الامريكية ، فيلما تسجيليامدته 45 دقيقة بعنوان " غارة على المفاعل " تم تصويرة بالتعاون مع الجيشالإسرائيلى ، تناول تفاصيل ضرب المفاعل النووى العراقى عام 1981 . وتعرض الفيلم لعملية إغتيال المشد بإعتبارهاخطوة تأمينية ضروريه لضمان القضاء الكامل على المشروع النووى العراقى وجاء به : أنالموساد أراد توصيل رساله تثبت أن بإستطاعته فعل أشياء وقد فعلوها ، وأن الموسادإكتشف أن فرنسا على وشك شحن قلب المفاعل إلى بغداد حيث قامت بوضعه فى مخزن حربىباحدى المدن الفرنسية ، ووضع الموساد عبوتين ناسفتين لتدميره، ولكنهم رأوا أنالعراقيين يمكنهم إعادة إصلاح المفاعلخلال سته أشهر، ولهذا قرروا التخلص من يحىالمشد أولا ثم ضرب المفاعل النووى العراقى .
كما جاء بالفيلمالوثائقى أن الموساد استطاع اختراق مفوضية الطاقة الذرية الفرنسية، واستطاع تحديدشخصية عالم مصرى بارز هو يحى المشد يعمل لصالح صدام حسين فى باريس ، وعرضت عليهالمخابرات الإسرائيلية الجنس والمال والسلطة مقابل تبادل معلومات حول المفاعل ،
وعندما وجد الموساد أن المشد لا يرغب فى التعاون معهم قرروا القضاء عليه .
وقال معلق الفيلمخلال عرض مشاهد للفندق وصور للعالمالمصرى : يوم السبت الموافق 14 يونيو 1980 حجز الدكتور المشد فى فندقالميريديان بباريس لكن عملاء الموساد دخلوا قتلوه .