الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يابت انتِ مراتى!!


بهذه العبارة المطاطة التى يقولها الشباب للفتيات لطمأنتهن حتى يحصلوا منهن على ما يريدون، تنتهج الولايات المتحدة نهجها منذ نشأتها وحتى يغير الله خلقه بخلق آخرين.


عد بالتاريخ إلى القدم منذ البدايات وصراع العبيد والطبقية، ستجد أن كل الرؤساء الذين حكموا الولايات المتحدة عملوا بهذه السياسة على مر العصور.


حروب الولايات المتحدة فى كل بقاع العالم كانت تنفذ هذه السياسة، ففى فيتنام كان النهج مع الدول المحيطة حتى تستطيع واشنطن الخروج من مستنقع الحرب الذى غرقت فيه واستبيح دم أبنائها عيانا بيانا، ونفذت هذه السياسة حتى تخرج بتعريف آخر غير الهزيمة، وتنتج الميديا أفلاما وبرامج توضح وتذكر فيها التضحيات التى قدمتها الولايات المتحدة من أجل شعب فيتنام ومن أجل البشرية جمعاء.


وعلى نفس الدرب واصلت السياسة الأمريكية طريقها فى حرب الكوريتين ودعم كوريا الجنوبية ضد الشمالية وزرع جنود هناك لتنفيذ الأهداف الأمريكية فى هذه المنطقة الحيوية لتستكمل بذلك سياستها لمحاصرة اليابان بعد معركة بيرل هاربر وما أعقبه من حرب نورية أمريكية على جزيرتى نجازاكى وهيروشيما اليابانيتين اللتان لا تزالان تدفعان ثمن القنبلتين النوويتين اللتان أسقطتهما واشنطن عليهما وغيرتا بهما ملامح البشر والطبيعة إلى وقتنا هذا وإلى أجل غير معلوم.


واشنطن لم تكتف بذلك، بل أقامت منطقة حدودية هناك وأبقت فيها جنودا أمريكيين يعملون على تنفيذ سياسة "يا بت انتِ مراتى" بإقناع اليابان بأن الولايات المتحدة تدعمها ضد أى محاولات صينية مدعومة روسيا أو كوريا ضدها.


ومن الشرق إلى الغرب تتواصل خطوات السياسة الأمريكية تنفيذا وتنشر جنودا وقاعدة فى ألمانيا، وفيهم تقول الولايات المتحدة بصورة أو بأخرى للقارة العجوز بكل دولها "يا بت انتِ مراتى، وبدافع عنك ضد أى مستقبل نازى قادم يفكر فيه الألمان باستعادة سيطرتهم وفرض هيمنتهم".

ولأن السياسة لا تعرف مستحيلا، تتواصل التحركات الأمريكية بسلاسة إلى تركيا وتقيم فيها قاعدة أنجرليك، ومنها يتربع الأسطول الجوى وينتشر بسهولة ويسر فى منطقة الشرق الأوسط الهدف والمقصد الأهم فى الاستراتيجية الأمريكية الحديثة، والتى تتعاقب مع مطامحها فى خلق الشرق الأوسط الجديد وعالم الكانتونات الذى يشغل رأس وبال جهابذة السياسة الأمريكيين الجدد.


ولكى تحصل أمريكا على ما تصبو إليه عملت على إقناع تركيا الممثلة برئيسها رجب طيب أردوغان ذي المطامع التوسعية والخلافة العثمانية، عملت ليس فقط على إقناعه بمبدأها "يا بت انتِ مراتى"، بل أقنعته بأنها تزوجته بالفعل وتعد العدة لاستقبال أبنائها منه، وعليه فقد أعطته كارت بلانش لاحتلال عفرين فى سوريا، وإثبات وجوده فى العراق بمزاعم حماية حدوده من الأكراد، وأكملت العرس بموافقتها على إرسال جنود أتراك إلى ليبيا والاتفاق مع حكومة السراج لإقامة كيان تركى لأهداف معلنة وما خفى كان أعظم، وها نحن نتابع وننتظر ونترقب مخاض هذه السياسة الذى يبدو أنه سينجب ما لم يتوقعه الأبوان وربما يرفضه المشرع الذى غض الطرف وعقد القران.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط