قالالدكتور محمد عبد السميع، مدير إدارة الفروع الفقهية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية،إن الله - تعالى- خلق الإنسان وجعله مكرمًا في هذا الكون، مستشهدًا بقوله - تعالى-: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً»، ( سورة الإسراء: الآية 70).
وأوضح «عبد السميع» في إجابته عن سؤال: «هل هناك أنواع من الحشرات يجوز قتلها كالنحل والنمل مثلًا؟» عبر فيديو مسجل على قناة دار الإفتاء الرسمية بموقع « يوتيوب» أنمقتضي هذا التكريم والتفضيل هو كون الإنسان سيد في هذا الكون، وليس سيدًا للكون، لافتًا: «وهذا يعني أن كل ما خلق في الكون إنما خلق من أجل راحة الإنسان، وهناك ضابط آخر وهو أنه لا يجوز أن يقتل ما لا يؤذيه، ولا أن يبرر شيء في هذا الكون دون معنى أو غاية أو هدف».
وأضاف مدير إدارة الفروع الفقهية أنه لذلك أجاز لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قتل 5 من الفواسق، مستدلًا بما روى في الحديث الشريفأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « خمس من الدواب كلهن فواسق، يُقتلن في الحل و الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة والكلب العقور».
ونبه أمين الفتوى بدار الإفتاء: إذا لم تكن تؤذي الإنسان، مشيرًا: والنحل لا يؤذي الإنسان بل إنه يفيده إفاده بالغة، والنمل ربما يؤذي، فإن أذي جاز قتله للأذي، ونقتصر في قتله على ما يصرف الإيذاء، كأن وجدناه يأكل المحاصيل الزراعية، أما الموجودة في الجبال مثلًا؛ لا نقتلها، للحفاظ على التوازن البيئي، وعدم اختلاله.
أكد الدكتور مجدي عاشور، المُستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن النمل واحد من الحشرات التي لا يجوز قتلها بغير سبب.
وأفاد «عاشور» في إجابته عن سؤال: «ما حُكم قتل النمل؟»، أن هناك خمسة فواسق أخبرنا عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقتلن في الحل والحرم، حيث إنها تكون مؤذية، وهي: «الكلب العقور، والأفعى، والحدأة، والغراب الخبيث، والفأرة».
واستشهد بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَارَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا».
وأردف أنه لا يُقتل النمل إلا إذا كان مؤذيًا، فحينها تكون صحة الإنسان مقدمة على حياة النمل، وعلى قدر الضرورة يمكن قتل النمل، ولكن بعد التدرج بحيث يكون قتل النمل آخر حل، محذرًا من حرقه، لأنه أمة.
بدروه، أفاد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى، ومدير إدارة الفتاوى الهاتف لدار الإفتاء المصرية، بأنه يجوز قتل النمل الموجود بالمنزل طالما يؤذي الإنسان.
اختلف العلماء في المراد بالكلب العقور، فروى سعيد بن منصور عن أبي هريرة بإسناد حسن، أنه الأسد، قاله ابن حجر، وعن زيد بن أسلم أنه قال: وأي كلب أعقر من الحية. وقال زفر: المراد به هنا الذئب خاصة، وقال مالك في الموطأ: كل ما عقر الناس، وعدا عليهم، وأخافهم، مثل الأسد، والنمر، والفهد، والذئب فهو عقور، وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان، وهو قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: المراد بالكلب هنا هو الكلب المتعارف خاصة، ولا يلحق به في هذا الحكم سوى الذئب.
يستحب قتل كل ما فيه أذى من الحشرات، كالعقرب، والبرغوث، وذهب المالكية إلى الجواز لقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سئل عن حشرات الأرض تؤذي أحدًا، فقال: «ما يؤذيك فلك إذايته قبل أن يؤذيك»، وقد ذهب الحنفية، والمالكية إلى جواز قتل الحشرات، لكن المالكية شرطوا لجواز قتل الحشرات المؤذية أن يقصد القاتل بالقتل دفع الإيذاء، لا العبث، وإلا منع حتى الفواسق الخمس التي يباح قتلها في الحل والحرم.
وقسم الشافعية الحشرات إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما هو مؤذ منها طبعًا, فيندب قتله، كالفواسق الخمس؛ لحديث عائشة قالت: «أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق في الحرم: الحدأة، والغراب، والفأرة, والعقرب، والكلب العقور» وألحق بها البرغوث، والبق، والزنبور، وكل مؤذٍ».
وذهب الحنابلة إلى استحباب قتل كل ما كان طبعه الأذى من الحشرات، وإن لم يوجد منه أذى قياسًا على الفواسق الخمس، فيستحب عندهم قتل الحشرات المؤذية، كالحية، والعقرب، والبعوض، والبراغيث، وأما ما لا يؤذي بطبعه، كالديدان، فقيل: يجوز قتله، وقيل: يكره، وقيل: يحرم. وقد نصوا على كراهة قتل النمل إلا من أذية شديدة، فإنه يجوز قتلهن, وكذا القمل».