قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

من السينما النظيفة إلى عدم التلامس!


خلال السنوات الماضية أقتربت من كواليس سينما "جيل هنيدي" وكثيرا ما حضرت تصوير وجلسات عمل لعدد من الأفلام شكلت لدي الكثير عن ثقافة وفكر هذا الجيل، والذين رفعوا شعار "السينما النظيفة " مع انطلاقتهم مطلع الألفية الجديدة يدعمهم الإيرادات الكبيرة التي تحققت وأعادت الحياة لصناعة السينما، وأيضا تم الترويج أنهم السبب وراء عودة جميع أفراد الأسرة إلى السينما من جديد بعدما أطمئنوا لمحتوى الأفلام التي يقدمها أبناء الجيل الجديد "أنها لا تخدش الحياء"!

المشكلة الكبرى التي واجهت عدد من نجوم ونجمات هذا الجيل، هي نفس المشكلة التي واجهت المجتمع المصري كله منذ أواخر التسعينيات عندما بدأ صعود التيار المحافظ بقوة، حيث كانت هناك موجة من المد الديني لأفكار جديدة أرتبطت أيضا بظهور الدعاة الجدد "أصحاب البدل والكرفتات" والذين سيطروا على وسائل الإعلام وأصبح تأثيرهم كبيرا ووجدنا أن هناك عدد من الفنانين والفنانات وحتى لاعبي الكرة أرتبطوا بهؤلاء الدعاة الجدد وكانوا يتوافدون لحضور دروسهم الدينية "سرا وعلانية"! وبالفعل تأثروا بهم وبأفكارهم كثيرا مما سبب لهم حالة من "التخبط " في قراراتهم، وقليل منهم من تجاوز تلك المرحلة لتمتعه بقدر من "الثقافة" جعلته يظل ثابتا، " بعض هؤلاء الدعاة غير مؤهل علميا لتقديم الدروس والفتاوى".

وكان نتيجة هذه الحالة من "التخبط " والتردد أننا وجدنا حالات كثيرة ما بين إعتزال وحجاب ثم عودة للفن بالحجاب أو بدونه ! أو تمثيل بشروط محددة، وهو ما يؤكد على حالة "التخبط" الفكري التي أصابت الكثيرين من أبناء هذا الجيل وخوفهم الشديد من محاسبة المجتمع والذي أصبح رقيبا إلى جانب رقيب المصنفات الفنية، ويمكن القول أن هناك حالة من الترصد كانت ضد السينما المصرية، بدأت إرهاصتها نهاية الثمانينيات مع بداية ظهور قضايا تحت مسمى "خدش حياء وفعل فاضح" ضد عدد من الأفلام السينمائية وكانت البداية ضد يحيى الفخراني ومعالي زايد ، وفيلم المخرج رأفت الميهي " للحب قصة أخيرة " ثم توالت قضايا أخرى وهكذا وجد عدد من الفنانين أنفسهم مطاردين في المحاكم ! بسبب مشهد تمثيلي!

بالعودة "لجيل هنيدي" نجد انهم فرضوا شروطهم وارتبط معهم مصطلح "السينما النظيفة" بمعنى سينما خالية من المشاهد الساخنة بداية من القبلات، وصولا لرفض البطلات إرتداء "المايوه" وحجتهم كانت ان تلك السينما أعادت الأسرة المصرية لدور العرض، لأن أفلام تلك المرحلة ليس بها ما يخجل من مشاهدته الجمهور، وكنت تجد على أفيشات بعض الأفلام عبارات تقول لنا بكل وضوح " فيلم لا يخدش حياء الأسرة" ، " فيلم تستطيع أن تشاهده أنت و أسرتك" هكذا كان المنتجين يحاولون جذب الجمهور بتلك العبارات المحافظة ! وممكن ان نجد مشاهد اغتصاب للبطلة لكن لا نجد قبلة حميمية بين البطل والبطلة!

وأذكر في تلك السنوات لجأ كثير من المنتجين للأستعانة بفنانات عربيات لتأدية مشاهد "الحب" دون رفض أو خجل وهو ما سبب غضب البعض من أحاديث إعلامية عنهن وكنا نجد في حوارات صحفية لفنانات عربيات مانشتات صحفية تقول على ألسنتهن " السينما المصرية لم تسوردنا لأداء المشاهد الساخنة" رغم أنها حقيقة حيث كان يتم حذف مشاهد "حميمية " من سيناريوهات كثيرة لبطلات مصريات ، وحدث ذات مرة أن وافق بطل وبطلة أحد الافلام على تأدية مشهد به "قبلة" ولكن المنتج تراجع وحذف المشهد خوفا من رد فعل الجمهور وأحيانا يتمسك المخرج أو المخرجة بمشهد ولكنه الفيلم يتعرض لاعتذارات متتالية حتى يتم حذف تلك المشاهد أو تأتي ممثلة عربية وتؤديها، وكثيرا حدثت خلافات على تفاصيل تخص مشاهد ووصلت الاعتراضات على الملابس أيضا، واتذكر هنا واقعة في أحد الأفلام كنت أجلس في البلاتوه بجوار المخرج والنجم بطل الفيلم، وتاتي مساعدة البطلة لتقول للمخرج أن الفنانة ستتأخر بعض الوقت ! والسبب انها وجدت الفستان الذي سترتديه "عاريا " وتنتظر حتى يتم "خياطته" لتغطي المنطقة العارية! ووجدت المخرج يقول بغضب "هم بيمثلوا ليه"! وبالفعل لكل مهنة متطلباتها وقوانينها التي يعرفها الجميع ولكن كان هناك خوفا شديدا من المجتمع إلى جانب تأثر بعضهن بأفكار الدعاة الجدد، هي حالة من التخبط الفكري أصابتهم مثلما أصابت المجتمع كله.

ولذلك عندما ظهرت الفنانة الصاعدة وقتها منة شلبي عام. 2001 بمشاهد جريئة في فيلم المخرج المبدع رضوان الكاشف "الساحر " أحدثت جدلا إعلاميا كبيرا وظلت الصحف تتحدث كثيرا عنها ويطاردونها بالأسئلة عن جرأتها! ويجب أن أشير هنا إلى أن منة شلبي البطلة السينمائية الوحيدة التي لم تتغير قناعتها وأفكارها السينمائية منذ ظهورها وحتى الآن.

مؤخرا عاد الحديث مجددا عن أحد الفنانين الرجال "المحافظين " يوسف الشريف بسبب ظهوره الإعلامي وحديثه عن متطلباته أثناء التصوير وعلى رأسها رفضه تأدية المشاهد الساخنة، بالطبع هي حرية شخصية لكل فنان يقدم ما يريد واللافت أن يوسف يفعل ذلك منذ سنوات، هو يقدم أعمالا درامية والمعروف عن المسلسلات التليفزيونية انها تكون موجهة للاسرة في المنزل وليس جمهور السينما ولذلك الدراما التليفزيونية تخضع لمعايير محافظة بالأساس، وصعب أن نجد مشاهد "حب " مثل التي تقدم في السينما، وبالمناسبة هناك فنانين يتحفظون مثله ولكنهم لا يصرحون! ولذلك ظهوره وتصريحه بأفكاره على الملأ، يحسب له وانه لم يصاب "بشيزوفرينيا" التي أصابت الكثيرين، وأحترم هنا شجاعته بالتصريح بأفكاره وقناعاته سواء اتفقت او اختلفت معه فكريا وسنجد هناك جمهور كثير يؤيده ومقتنع بكلامه، ولك مطلق الحرية أن تكون من بين جمهوره أو لا.