كيفية و خطوات و طريقة حج التمتعهو أن ينوي أداء العمرة والحج في فترة الحج،حج التمتعفهو أن يقدم العمرة على الحج ويتحلل بينهما، ويسمى الآتي بهذا النسك متمتعًا؛ نظرًا لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النُّسكَين، ويُعرّف التمتُّع في اللغة بأنّه: الانتفاع؛ فالمتاع يُطلق على ما يُنتفَع به، والمُتعة من التمتُّع، ومنه أيضًا: مُتعة الطلاق، ومُتعة الحاجّ، أمّا حجّ التمتُّع في الاصطلاح الشرعيّ، فهو عند الحنفيّة: المُتعة بالعمرة إلى الحَجّ؛ بأداء أكثر أو كلّ أعمال العُمرة في أشهر الحجّ، ومن ثمّ أداء الحجّ في العام نفسه، دون السفر ولقاء الأهل والإلمام بهم بصورةٍ صحيحةٍ.
حج التمتععند المالكيّة: الإحرام بالعُمرة، وإتمامها في أشهر الحجّ، ثمّ أداء الحج في عامٍ واحدٍ، وعند الشافعيّة: الإحرام بالعُمرة في أشهر الحجّ من الميقات، ثمّ أداء أعمال الحجّ في العام الواحد، دون الحاجة إلى الرجوع إلى الميقات، والإحرام منه، وعند الحنابلة: الإحرام بالعُمرة من الميقات في أشهر الحجّ، ثمّ الإحرام للحَجّ من مكّة، أو مكانٍ قريبٍ منها، وسُمِّيَ حجّ التمتُّع بهذا الاسم؛ لأنّ الحاجّ يتمتّع بما حُرِّم عليه وقت الإحرام بين العُمرة والحَجّ.
اقرأ أيضًا:معنى الإفراد والقران والتمتع في الحج
سبب تسمية حج التمتع بهذا الاسم
ذكَرَ أَهْلُ العِلْم أسبابًا لتسميةِ نُسُك التمتُّع بهذا الاسم؛ أشهَرُهما سببانِ:السببُ الأوَّل: أنَّ المتمَتِّعَ يتمَتَّعُ بإسقاطِ أحَدَ السَّفَرينِ عنه، فشَأْنُ كلِّ واحدٍ من النُّسُكين أن يُحْرِمَ به من الميقاتِ، وأن يَرْحَل إليه مِن قُطْرِه، فإذا تمتَّعَ بالنُّسُكين في سَفْرَةٍ واحدةٍ، فإنَّه يكون قد سقط أحدُهما، فجعل الشَّرعُ الدمَ جابِرًا لِمَا فاته، ولذلك وجب الدَّمُ أيضًا على القارِنِ، وكلٌّ يُوصَف بالتمتُّع في عُرْفِ الصَّحابَة لهذا المعنى، ولذلك أيضًا لم يَجِبِ الدَّمُ على المكِّيِّ مُتَمتِّعًا كان أو قارنًا، لأنَّه ليس مِن شأنِه الميقاتُ ولا السَّفَرُ.
السبب الثَّاني: أنَّ المتمَتِّعَ يتمتَّعُ بين العُمْرَةِ والحَجِّ بالنِّساءِ والطِّيبِ، وبكلِّ ما لا يجوزُ للمُحْرِم فِعْلُه مِن وَقْتِ حِلِّه في العُمْرَةِ إلى وقت الحَجِّ، وهذا يدلُّ عليه الغايةُ في قَوْلِه تعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» (البقرة: 196)؛ فإنَّ ذلك يدلُّ على أنَّ ثَمَّةَ تمتُّعًا بين العُمْرَةِ والحَجِّ، ويدلُّ عليه أيضًا لفظُ التمتُّعِ؛ فإنَّه في اللغةِ بمعنى التلذُّذِ والانتفاعِ بالشَّيءِ.
كيفيّة حج التمتع
يبدأحجّ التمتُّعبالتحلُّل من الإحرام بعد أداء العُمرة، أي أنّ الحاجّ المُتمتِّع يُؤدّي العُمرة، ويتحلّل منها، وينتظر الحَجّ؛ ليُحرم به في اليوم الثامن من ذي الحِجّة، ثمّ يتوجّه إلى مِنى دون أداء طواف القدوم؛ إذ إنّه لا يجب على المُتمتِّع بالحَجّ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة، ويُكمل أعمال الحَجّ، ويجوز للحاجّ الخروج من الحَرم؛ لقضاء ما يحتاج إليه دون الإقامة خارجه، ويتوجّب على المُتمتِّع الهَدْي؛ لِما خُفِّف عنه من أمورٍ في الحَجّ، كطواف القدوم، ومن لم يتمكّن من ذبح الهَدْي، يجب عليه صيام ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.
بعض أحكام حج التمتع
الهدي في حج التمتع
الهدي يجب على من أدى الحج متمتعًا، والحاج المتمتع هو أدَّى عمرة في أشهر الحج ومكَث في مكة حتى قرُب موعد يوم عرفة فأحرَم بالحج من مكة، وهذا المتمتع يجب عليه ذبحُ شاة أو يشترك مع ستة آخرين في ذبح بقرة أو بدنة، فإن لم يجد صام عشرة أيام بدلًا من ذبح الهدي، ثلاثة منها بعد الإحرام بالحج وسبعة إذا عاد إلى أهله ووطنه، ويُذبحُ هذا الهدي يوم النحر ويوزع على فقراء الحرم،ومحل ذبح هذا الهدي هو الحرم المكي،قال الله تعالى: «فمن تَمتَّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ فما استيسرَ من الهدي فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجعتُم تلك عشَرَةٌ كاملةٌ ذلك لمن لم يكنْ أهلُه حاضري المسجدِ الحرامِ» (البقرة: 197).
شروط حجّ التمتُّع
شروط حجّ التمتُّع المُتَّفق عليها تقديم العُمرة على الحجّ اتّفق أهل العلم على اشتراط الإحرام لأداء العُمرةأوّلًا قبل الإحرام بالحجّ، وذلك في حجّ التمتُّع؛ فيُؤدّي الحاجّ أعمال العُمرة قبل أعمال الحجّ، وإن أحرم الحاجّ بالحجّ والعُمرة معًا من الميقات، يكون حجّه قارنًا، وكذلك إن أدخل أعمال الحجّ على أعمال العُمرة، وقال الحنفيّة بصحّة حجّ التمتُّع بأداء أربعة أشواطٍ من الطواف قبل الإحرام بالحجّ.
أداء العُمرة في أشهر الحجّ يُؤدّى الحجّ في أشهر مُعيَّنةٍ من السنة، وهي: شهر شوّال، وشهر ذي الحِجّة، وشهر ذي القعدة، على تفصيلٍ في ذلك بين المذاهب الفقهيّة في إحرام المُتمتِّع وأدائه للعُمرة، فيما يأتي: الشافعيّة: قالوا بالإحرام من الميقات بالعُمرة في أشهر الحجّ، والانتهاء من العُمرة، ثمّ الإحرام بالحجّ من مكّة.
الحنفيّة: قالوا بعدم اشتراط الإحرام للعُمرة في أشهر الحجّ؛ فلو أحرم الحاجّ بالعُمرة في رمضان، وبقي على إحرامه إلى شوّال من العام المُقبل، ثمّ أدّى الحجّ؛ فإنّه يُعَدّ بذلك مُتمتِّعًا.
المالكيّة: اشترطوا أداء العُمرة أو بعضها في أشهر الحجّ، والحنابلة: قالوا بالإحرام للعُمرة في أشهر الحجّ، ثمّ الفراغ من نُسكها؛ للإحرام بالحجّ، ويكون ذلك في عامٍ واحدٍ.
أداء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ
اتّفق العلماء أنّه لا بُدّ من أداء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ، على تفصيلٍ في ذلك في كلّ مذهبٍ من المذاهب الفقهيّة، على النحو الآتي: الشافعيّة: اشترطوا على المُتمتِّع أدء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ؛ إذ يجوز الإحرام بالعُمرة في غير أشهر الحجّ، وأداؤها ولو في أشهر الحجّ، ولا يلزمه الهَدْي بذلك؛ لأنّه أشبه بذلك الحجّ المُفرَد.
الحنفيّة: قالوا بوجوب أداء الحجّ والعُمرة للمُتمتِّع في عامٍ واحدٍ، وسفرٍ واحدٍ؛ فلا يُقبَل من الحاجّ أداء طواف العُمرة في سنة، ثمّ أداء الحجّ في السنة التالية.
المالكيّة: قالوا بأداء نُسك الحجّ والعُمرة في سنةٍ واحدةٍ، والحنابلة: قالوا إنّ الحاجّ لا يكون مُتمتِّعًا إلّا إن أدّى العُمرة والحجّ في عامٍ واحدٍ.
التحلُّل من العُمرة قبل الإحرام بالحجّ
اتّفق العلماء على أنّه يُشترَط للحاجّ المُتمتِّع أن يتحلّل من العُمرة قبل البدء بنُسك الحجّ، وإن أدّى عملًا من أعمال الحجّ قبل تحلُّله، فإنّه يكون قارنًا، وليس مُتمتِّعًا، وفصّل الحنفيّة في ذلك؛ فقالوا إنّ ما سبق بيانه خاصٌّ بالحاجّ الذي لم يَسُق الهَدْي، أمّا مَن ساقه، فإنّه يتحلّل من إحرامه، ثمّ يُحرم للحَجّ يوم التروية، أو قبله، ويكون إحرامه كإحرام أهل مكّة، ويتحلّل من الإحرامَين إن قصّر من شَعْر رأسه، أو حَلَقه يوم النَّحر.
ألّا يكون الحاجّ من أهل مكّة
اتّفق العلماء على أنّ حجّ التمتُّع لا يصحّ إلّا ممّن كان خارج مكّة؛ فلا يصحّ من أهل مكّة أداؤه، وبيان تفصيل آراء المذاهب الفقهيّة فيما يأتي: الشافعيّة: اشترطوا للحاجّ المُتمتِّع الذي يجب الهَدْي في حقّه ألّا يكون من أهل مكّة، ولا قريبًا منها مسافة تقلّ عن المسافة التي يجوز فيها قَصْر الصلاة؛ فإن كان من أهل مكّة، أو قريبًا منها فلا يصحّ تمتُّعه؛ استدلالًا بقَوْل الله -تعالى-: «فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
الحنفيّة: اشترطوا ألّا يكون الحاجّ المُتمتِّع من أهل مكّة، وألّا يعزم التوطُّن فيها بعد أداء النُّسك؛ فلو عزم الحاجّ المُتمتِّع على الإقامة في مكّة بعد أداء النُّسك، فلا يكون حجّه تمتُّعًا، وإن أقام شهرين على سبيل المثال دون العزم على التوطُّن، فإنّ حجّه يكون تمتُّعًا، ولا يُعَدّ المُقيم في المدينة المُنوَّرة من أهل مكّة، وكذلك المُقيم في مكّة، فهو لا يُعَدّ من أهل المدينة.
المالكيّة: اشترطوا للحاجّ المُتمتِّع ألّا يكون من حاضري المسجد الحرام؛ أي ألّا يكون من أهل مكّة المُكرَّمة؛ فأهل مكّة يُحرمون من مكّة، الحنابلة: قال بأنّ الحاجّ المُتمتِّع يجب ألّا يكون من أهل مكّة المُكرَّمة، ولا قريبًا من مكّة مسافة تقلّ عن المسافة التي يجوز فيها قَصْر الصلاة، وبذلك يجب الهَدْي على المُتمتِّع.
شروط حجّ التمتُّع المُختلَف فيها نيّة التمتُّع
اختلف العلماء في اشتراط عَقْد نيّة التمتُّع بالعُمرة والحجّ حين الإحرام بالعُمرة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين:
القول الأوّل: لم يشترط كلٌّ من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة نيّة التمتُّع حين الإحرام؛ فمن أدّى العُمرة والحجّ دون عَقْد نيّة التمتُّع، وَجَب عليه الهَدْي، وذلك ما ذهب إليه محمد الشنقيطي، واللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء؛ واستدلّوا على قولهم بأنّ الهَدْي واجبٌ على المُتمتِّع؛ بسبب ترك الإحرام بين العُمرة والحجّ، وذلك يتحقّق سواءً بالنيّة، أو دونها، بالإضافة إلى عموم قَوْل الله -تعالى-: «فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ».
القول الثاني: اشترط الحنابلة عَقْد النيّة على التمتُّع حين الإحرام، على خِلافٍ بين فقهاء المذهب في وقتها؛ إن كانت قبل العُمرة، أو أثناءها، أو بعدها وقبل أداء الحجّ، وقد استدلّوا باشتراط القصد والنيّة في ظاهر قَوْل الله -تعالى-: «فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ».
عدم السفر بين الحجّ والعُمرة
اختلف العلماء في اشتراط عدم السفر بين أداء الحجّ والعُمرة للحاجّ المُتمتِّع، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتيًا: القول الأوّل: اشترط الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة عدم السفر بين العُمرة والحجّ للمُتمتِّع، وأضاف الحنفيّة أنّ المُتمتِّع إن سافر إلى أهله بعد العُمرة سفرًا صحيحًا، فإنّ تمتُّعه يبطل؛ لأنّه انقطع عن السفر الأوّل، وقال الحنابلة إنّ الحاجّ إن سافر يكون حجّه مفردًا، وليس تمتُّعًا.
القول الثاني: اشترط الشافعيّة عدم رجوع الحاجّ المُتمتِّع إلى الميقات الذي أحرم منه؛ كي يجبَ عليه هَدْي التمتُّع.
عدم إفساد العُمرة أو الحجّ
اختلف العلماء في حُكم حجّ التمتُّع لمَن أفسد الحجّ أو العُمرة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين: القول الأوّل: اشترط الحنفيّة في حجّ التمتُّع عدم إفساد العُمرة أو الحجّ، ولا يُعَدّ الحاجّ مُتمتِّعًا إن أفسد أحدهما، ولا يترتّب الهَدْي عليه؛ لأنّ الترفُّه لم يتحقّق له.
القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إنّ الحاجّ يبقى مُتمتِّعًا إن فَسد حَجّه، أو فَسدت عُمرته، ويجب عليه الهَدْي.
اقرأ أيضًا: