الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدكتور حسن عباس زكى


مفكر.. واقتصادى مصرى قدير ، شغل منصب وزير الاقتصاد فى مرحلة صعبة للاقتصاد المصرى إبان تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى، حيث تم تجميد أرصدة مصر فى أوروبا وأمريكا ، فيرجع إليه الفضل فى استعادة نحو 90  مليون جنيه استرلينى، وهو أيضا منفذ قرارات التأميم عام 1961 ، على الرغم من عدم اقتناعة بها، مؤكدا أن الثورة ومسئوليها أفسدوا الشعب وعطلوا 75 مليون كمبيوتر إلهى هى عقول المصريين! 

 كما أسهم هذا الخبير الاقتصادى القدير فى بناء دولة الإمارات اقتصاديا  فى سبعينيات القرن العشرين، وأسس ورأس العديد من الكيانات الاقتصادية، وهو شيخ الطريقة الشاذلية وعضو مجمع البحوث الإسلامية.

ولد حسن عباس زكي عام  1917 في مدينة بورسعيد عن أسرة عريقة ، وهو ينتسب للإمام الرفاعي من جهة والدته التى تنتسب إلى أسرة الصياد الرفاعي بمصر. حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم فى سن الرابعة من عمره ، ثم التحق بالجمعية الخيرية الإسلامية ، حيث قضى فيها المرحلة الابتدائية ، ثم التحق فى المرحلة الثانوية بالمدرسة التوفيقية بالقاهرة ، وأتم دراسته الجامعية بكلية التجارة شعبة اقتصاد جامعة   فؤاد الاول " القاهرة " عام  1934 وتخرج فيهاعام 9381.  


تقلد  الدكتور حسن عباس زكى عددًا من المناصب الرسمية فكان ، سكرتيرا تجارىا بسفارة مصر في واشنطن سنة 9521 ، ورئيسا للجنة المفاوضات مع الإنجليز لتحرير الأرصدة المصرية بعد حرب 1956 ، وعين عضوا فى وفد مصر بهيئة الأمم المتحدة سنة 1957 ، وفى العام نفسه انتخب عضوا بمجلس الأمة حتى 1970 ، ومثل مصر فى المؤتمر الدولى للإتحادات البرلمانية ، ثم اختيروزيرا للخزانة والتموين والاقتصاد من  1958 -  1962 ، ثم وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية من 1965- 1971.    استعانت به دولة الإمارات ليكون مستشارا لرئيس دولة الإمارات العربية ونائبا لرئيس صندوق أبو ظبى للإنماء الإقتصادى العربى خلال الفترة من 1972 وحتى 1985،  كما كان مستشارا لرئيس جمهورية السودان.


 كانت للدكتور حسن عباس زكى بصماته فى كل ما أسند إليه من مهام سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى ، فنجح فى المفاوضات التى أجراها مع الانجليز عقب العدوان الثلاثى و تجميد أرصدة مصر فى بنوك إنجلترا وفرنسا ، فاستطاع  الإفراج عن أرصدتنا الاسترلينية  سنه  1959 والتي بلغت نحو 90  مليون جنيه استرلينى ، كما استطاع  توفير الاعتمادات اللازمة لبدء الإرسال التليفزيوني في  21 يوليو  1960 ، كما نجح في إقناع الرئيس جمال عبد الناصر بإلغاء الفائدة على المزارعين في بنك التسليف الزراعي ، بهدف تخفيف وطأة الأعباء  على الفلاحين ، و تم ذلك فعلا في  22 يوليو 1962. 

على الرغم أنه المنفذ لقرارات التأميم التى أصدرها الرئيس عبد الناصر   عام 1961 بصفتة وزير الاقتصاد فى تلك الفترة ، إلا أنه صرح فى حديث صحفى له سنة 2009  قائلا : " لم أكن مقتنعًا بها ، كيف نسلب ملكية الأشخاص لمشروعاتهم الخاصة ثم نحولها لملكية عامة تدار من خلال أهل الثقة لا الخبرة ؟! تلك كانت الأزمة ، ولكن هذا ما كلفه به عبد الناصر مشيرا إلى أن فكرة التأميم ظهرت فى عام 1956 ، لنفاجأ بعد أيام من قرار التأميم ، بتجميد أموال مصر في بنوك فرنسا وإنجلترا ثم من بعدهما أمريكا، لنواجه موقفا شديد التأزم كدنا نستدين فيه ، وكان من اللازم اتخاذ عدد من الإجراءات لمواجهة الأزمة ، من بينها وقف الإستيراد بالعملة الصعبة واستبدال الجنيه المصرى بها، والاعتماد على المساعدة السوفيتية لنا في تمويل السد وشراء ما نحتاجه من سلاح ، وكان اقتراحى فرض ضريبة تصاعدية بدلا من التأميم " .


وعن كيفية إتخاذ قرارات التأميم يقول الدكتور حسن عباس زكى : " فى صيف 1961 استدعانى الرئيس جمال عبد الناصر لاستراحته فى المعمورة ، ذهبت له فحدثنى عما نعانيه من نقص فى السيولة وتأثير ذلك على البدء فى بناء السد العالى ، ورغبته فى معاقبة الأجانب فى مصر جزاءً لهم على ما فعلته بنا دولهم ، واقترح أن نضع يدنا على ما يمتلكه الأجانب فى مصر، وقال لى إنه يفكر فى التأميم ، وقتها كانت الوحدة مع سوريا لا تزال قائمة فحذرته من أن يفهم قراره بشكل خاطئ من قبل السوريين ، فاقترحت عليه سن قانون للضريبة المتصاعدة ، على سبيل المثال من يمتلك مليون جنيه يدفع ضريبة  60% ومن يمتلك  2 مليون يدفع ضريبة  70% وهكذا ، فأعرب عن موافقته وطلب منى وضع تصور كامل للموضوع وأن أمنحه ذلك التصور فى العاشرة من صباح اليوم التالى، سهرت طول الليل أكتب الفكرة وطريقة تنفيذها وفى الصباح ذهبت له فى الموعد فلم أجده وعلمت أنه فى فيللا المشير عبد الحكيم عامر، فعرفت أنه غير رأيه ! 

ذهبت إليه هناك وكان معهما عزيز صدقى، وبمجرد دخولى فوجئت بالمشير يقول لى: إيه اللى أنت عاوز تعمله ده ؟ فقلت له إننى سهرت للإنتهاء من القانون الذى طلبه منى الرئيس عبد الناصر، وانتهيت من تفاصيله. فقال لى إنس ما كتبته، لقد سهرنا وفكرنا ولم يعجبنا ما اقترحته، واستقررنا على التأميم الشامل للمصريين والأجانب! فنظرت للرئيس مندهشًا ويبدو أنه قرأ على وجهى عدم الاقتناع بالفكرة، فقال لى: " معلهش يا حسن بس لعلمك انت اللى حتنفذ القرار" فهمت من الحديث أنه يمنعنى حتى من تقديم استقالتى لو فكرت فيها.


ويؤكد د. زكى عدم  اقتناعه بالقرار ولكنه نفذه ، وكانت هناك الكثير من التجاوزات عند تطبيقه ، فعلى سبيل المثال كان يأتيه رجال بسطاء يمتلكون ورشة صغيرة أو مصنعا لأعمال بسيطة ، ويتعامل معهم الموظفون على أنهم من أصحاب الملايين . فكان يتم  حصر الملاك "عن طريق دفتر دليل التليفونات " ، ومن دون تمييز بين وضعهم وما يمتلكونه ، وعند معرفة الرئيس بذلك أكد له أنه يمكنه حذف اسم أى مواطنا لا يناسبه تطبيق تلك القرارات عليه .
  وعلى الرغم من أن التأميم وفر للدولة أموالًا طائلة ، إلا أنه يرى أن اقتراح الضريبة كان سيكون أفضل لأنها كانت ستحافظ على أصول رأس المال ، وإدارته عن طريق أهل الخبرة لا أهل الثقة . وما كانت شركات عملاقة في تاريخ الاقتصاد المصرى قد خسرت مكانتها وإنتاجها كما حدث، وما كنا احتجنا لبيعها مرة أخرى فيما عرف بالخصخصة التى خسرنا فيها الكثير، فكما جاءت قرارات التأميم بلا تحضير للنتائج، جاءت الخصخصة بلا حساب للقيمة بشكل صحيح ".

 وأخذ على الثورة ومسئوليها  أنهم أفسدوا الشعب.. قائلا هذا البلد به  75 مليون كمبيوتر إلهي ، هى عقول المصريين، والحكومات والأنظمة المتعاقبة خسرت تلك الثروة. الجميع ينفذ قرارا واحدا في الوقت الذى نحتاج فيه الحرية .

بعد ان ترك الدكتور حسن عباس زكى المناصب الرسمية والاعباء السياسية اسس وترأس العديد من الكيانات الاقتصادية والإنسانية  فأسس بنك الشركة المصرفية العربية الدولية و تولى رئاسته لمدة 39 سنة من 1973 وحتى  2012 ’ كما  شغل العديد من المناصب ابرزها رئيس مجلس إدارة الشركة العربية الدولية للفنادق والشركة العربية الطبية وجمعية الاباء والابناء المعاقين وجمعية الشبان المسلمين العالمية و عضوية مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف و شيخ الطريقة الشاذلية ورئاسة مجلس إدارة الشركة العالمية للتأجير التمويلي و رئاسة جمعية المركز العالمي للتوثيق والدراسات والتربية الإسلامية ورئاسة جمعية المركز العالمي للتوثيق والدراسات والتربية الإسلامية و عضو المعهد العلمي وذلك بالاضافة الى إنتاجه الفكرى الغزير ليشمل العديد من المؤلفات التى اثرت المكتبة الاقتصادية .  
  

شارك الدكتور زكى فى العديد من المؤتمرات والندوات العالمية والاقليمية، والتي مثل بلاده فيها ومنها : مؤتمر الدول النامية ’اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .اجتماعات محافظي البنوك الإسلامية ،لجنة تقييم أعمال البنك الإسلامي.

كما شارك في العديد من اللجان والهيئات الدولية والعربية منها  رئاسة لجنة المفاوضات مع الإنجليز عقب  1956؛ لتحرير أرصدة مصر لدى بريطانيا، ورئاسة لجنة الخطة والميزانية بمجلس الشعب ، رئاسة لجنة الصناديق العربية .  وقد وهب  حياته للبحث عن المعرفة فكون المركز العالمي للتوثيق والدراسات والتربية الإسلامية ليضم صالات اطلاع ويمثل منتدى فكري، تاركا ثروة ثقافية تمثلت فى مكتبة تضم 20 الف كتاب  وقد توفى فى 28 نوفمبر 2014 .

 



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط