حقوق الجار
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،إن حسن الجوار من القيم الأساسية في الأخلاق الإسلامية،وحقوق الجار حددها النبي- صلى الله عليه وسلم - تحديدًا دقيقًا، حين قال لأصحابه – رضي الله عنهم: «أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ؟ إِنِ اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِنِ اسْتَعَانَ بِكَ أَعَنْتَهُ، وَإِنِ مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِنِ افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ، وَإِنْ مَاتَ اتَّبَعْتَ جَنَازَتَهُ، وقال الشيخ الطيب، إلى هنا تسهل تلك الحقوق.
اقرأ أيضًا:
وتابع الحديث: «وَإِنِ احْتَاجَ أعطيتَه»،وشرح قائلًا: «إن هذا الحق بعض الناس تستطيع أن تنفذه والبعض الآخر لا يستطيع تنفيذه على حسب الحُب والكرة، وقد تحدثنا قبل ذلك على أنه لا ينبغي أن تقيم علاقتك على حسب الحُب والكرة، وإنما على حسب الحقوق والمبادئ والواجبات"، ثم تابع الحديث: "وَلا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ، فَتَحْجُبَ عَنْهُ الرِّيحَ إِلا بِإِذْنِهِ".
عقوق الجار
وواصل: «أن جارك قد يكون جائعًا هو وأولاده فتؤذيه رائحة هذا الطعام، إلا إذا كنت بعد أن تنتهي من صنع هذا الطعام تعطيه جزءًا منه، ونحن لا نفعل ذلك، أو أغلبنا لا يفعل ذلك، ثم يكمل - صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَأَهْدِه مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا" أي: إذا دخلت بيتك بفاكهة، فأهده منها، وإذا لم تستطيع فأدخلها سِرًّا حتى لا يراك أولاده، ثم: "وَلا تُخْرِجْ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ بِهِ وَلَدَهُ".
ونبه على أن هذه البنود الأحد عشر وهذه التعاليم النبوية، لم أراها فيما قرأت من كتب سماوية سابقة، ولا في أنظمة ولا في آداب اجتماعية، والأصل في هذا الحديث الصحيح، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» أي كأنه سيشاطره ماله إذا توفي؛ يرث مع أولاده وبناته وإخوته في ماله، وهذا يدل على أن حق الجار حق عظيم، يجب أن ننتبه إليه، وفي ظل هذه البنود الأحد عشر، أعتقد أن الأمر صعب على كثيرٍ مِنَّا، لأن كل البيوت تتبادل روائح الطعام.
الإحسان إلى الجار
وأردف: أن شُرَّاح الحديث لما شعروا بأن تطبيق هذه البنود قد يكون فيه بعض الصعوبة، قالوا: "يكفي أمران: أن تُحسِن إليه، وأن تكُف عنه أذاك"، فهذا أقل شيء ممكن أن يكون في حُسن الجوار، ومن الإحسان إليه أن تُسَلِّم عليه إذا لاقيته، وتلقاهُ بوجهٍ طلق، وتعزيه، أو تُهديه في المناسبات، ومن إيذاء الجار في عصرنا هذا: غلق الباب بقوة في وجه الجار عند حدوث مشكلة بينهما، أو أن يتطاول عليه هو أو أولاده، أو لا يلقي على جاره السلام، بل وكثير من الناس يؤذي جاره بأن يترك الأطفال يزعجونه خاصة في أوقات الراحة، أو برفع صوت التلفاز، كل هذه الأمور تدخل في باب أذى الجار.
ولفت إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم – نفى الإيمان عمن يؤذي جاره، وقد أقسم على ذلك؛ فقال: «وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهُ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيل: مَن يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: جَارٌ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»، والبوائق: هي الشرور والمتاعب التي مثَّلنا بها الآن بهذه الأمور، فلا تظن المرأة أو الجارة، أنها حين تُغلِق الباب بقوة في وجه جارتِها، أن هذا أمر مسموح به في الإسلام، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الإيمان الكامل عمن يفعل ذلك.