قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا

×

هل حان الوقت لإلغاء إتفاقية" التجارة الحرة " ، بين مصر و تركيا ، المعروفة بإسم إتفاقية " مبارك - أردوغان " ، لتلقى مصير إتفاقية " مرسي - أردوغان " المعروفة بإسم إتفاقية " الرورو " ؟ أم أن إتفاقية التجارة الحرة التي وقعها نظام الرئيس الراحل ، حسني مبارك ، في ديسمبر 2005 ، مع حكومة التركية ، بقيادة رجب طيب أردوغان ، تصب في مصلحة الإقتصاد المصري ، بقدر ما تصب في مصلحة الإقتصاد التركي ، خلافا لإتفاقية " الرورو " ، و التي أوقف الرئيس، عبد الفتاح السيسي، العمل بها في 2015 ، بعد ثلاث سنوات من توقيعها ، بسبب الأضرار الجسيمة التي أنزلتها بالإقتصادي المصري ؟ .

تساؤلان مهمان ، بعد أن إعتبر الكثيرون في مصر بأن الحملة العسكرية التركية على ليبيا ، كشفت عن أن هدف تركيا من توقيع إتفاقيات التجارة الحرة مع دول البحر المتوسط العربية ، بما فيها مصر هو تحويل هذه الدول لسوق للصناعات ، و السلع ، و المنتجات التركية، و تسهيل مهمة الرئيس الإخواني ،أردوغان ، في إلتهام ثروات هذه الدول ، بأمل تنفيذ مخطط أردوغان الرامي لإعادة الدول العربية لولايات تابعة للإمبراطورية التركية .

و قبل الإجابة عن هذين التساؤلين ، ينبغي أولا التعريف بإتفاقية التجارة الحرة ، التي وقعت في 23 ديسمبر 2015 ، بقلم رشيد محمد رشيد ، وزير التجارة و الصناعة المصري الأسبق . فهذه الإتفاقية ، منحت البضائع التركية حق الدخول للأسواق المصرية بدون جمارك أو بما عرف ب " صفر جمارك " ، بشكل تدريجي ، على أن ترفع نهائيا ، و تصبح صفر جمارك ، بعد مرور 10 سنوات من توقيعها .و تعد منتجات الوقود، و الحديد ، و السيارات، من أبرز الصادرات التركية لمصر ، في حين تعد منتجات اللدائن ، و الكيماويات ، أهم الصادرات المصرية للأسواق التركية .

و حظيت هذه الإتفاقية ، بدعم كبير من الدول التي تصنع منتجاتها على أرض تركيا ، لا سيما من جانب الإتحاد الأوروبي، من منطلق أن الصناعات الأوروبية ، التي تصنع في مصانع الشركات الأوروبية ، على الأراضي التركية، ستدخل مصر بدون جمارك، و أكبر مثال على ذلك ، دخول السيارات الأوروبية مثل فيات تيبو الإيطالية ، و رينو ميجان الفرنسية، إلى جانب تويوتا كورولا اليابانية إلى الأسواق المصرية في 2020 بدون أي جمارك لدرجة أن سيارة فيات تيبو، أصبحت تباع في الأسواق المصرية ، بسعر يقل عن سعر السيارات الصينية، المشهورة بأسعارها الرخيصة .

و لكي يتم تقييم إتفاقية التجارة الحرة بين مصر و تركيا ، و هل هي تصب في مصلحة الطرفين ، أم تصب في مصلحة تركيا ، علينا التعرف أولا ، على الميزان التجاري المصري - التركي ، بعد مرور 15 عاما ، على توقيع الإتفاقية، التي دخلت فعليا حيذ التنفيذ في 2007 .

تؤكد الإحصاءات الرسمية المصرية، أن إجمالي حركة التجارة بين مصر و تركيا بلغت خلال 13 عاما ، نحو 5ر48 مليار دولار ، ، بواقع ، 5ر31 مليار دولار، صادرات تركية دخلت الأسواق المصرية ، في حين لم يزد حجم الصادرات المصرية التي دخلت الأسواق التركية ، عن 17 مليار دولار . و يعني ذلك ، أن الميزان التجاري، يميل لصالح تركيا ، بواقع 5ر14 مليار دولار، منذ أن دخلت حيذ النفاذ في 2007 .

و يؤكد القائم بالأعمال التركي في مصر، مصطفى أريغور، أن الميزان التجاري المصري التركي يميل لصالح تركيا ، حيث أعلن في مؤتمر صحفي في القاهرة ، أن مصر، و تركيا، حققتا رقما قياسيا في التبادل التجاري في العام ، 2018 ، بلغ 4ر5 مليار دولار، بواقع 05ر3 مليار دولار، صادرات تركية لمصر، في حين بلغت صادرات مصر لتركيا، 19ر2 مليار دولار .و كشف عن أن تركيا تمكنت خلال نفس العام ، من زيادة صادرتها لمصر بواقع، 4ر29 في المائة ، مقارنة بعام ، 2017 فيما إرتفعت صادرات مصر للأسواق التركية بنسبة 68ر9 في المائة ، بالقياس أيضا بالعام 2017 .

و قد أدى زيادة معدلات الصادرات التركية لمصر ، عن مثيلاتها المصرية للأسواق التركية ، إلى عاصفة إحتجاجات بين رجال الصناعة المصريين، الذين أرجعوا تفوق الصادرات التركية، إلى تدهور قيمة الليرة التركية ، في مواجهة الدولار، مما أضعف القدرات التنافسية للصناعات المصرية، في مواجهة إغراق الأسواق، بالصناعات، و المنتجات ، و السلع التركية، رخيصة الثمن .

و يعد رئيس الإتحاد المصري لجمعية المستثمرين ، محمد فريد خميس ، من أكثر المناهضين لإتفاقية التجارة الحرة بين مصر و تركيا ، مطالبا بإعادة النظر في الإتفاقية ، و مشددا على أنها لا تفيد إلا تركيا، و تنزل ضررا شديدا بالصناعات، و المنتجات المصرية، و تسمح بدخول منتجات تركية، تامة الصنع ، بدون أي رسوم جمركية، مما يفقد الصناعات الوطنية المصرية قدرتها على المنافسة و الصمود. كما إتهم فريد خميس تركيا يغرق الأسواق المصرية، ببضائع تركية ، منخفضة الثمن بل و رديئة النوعية و التصنيع . و من جانبها طالبت غرفة الصناعات الهندسية المصرية ، بفرض رسوم إغراق، بنسبة 25 في المائة على الواردات المصرية من تركيا .

كما طالبت غرفة صناعة الأثاث المصرية، بإعادة النظر في سلبيات و إيجابيات إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، و إتخاذ الإجراءات التي تحمي صناعة الأثاث المصرية ، بفرض رسوم إغراق على الأثاث التركي ، بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة ، في وقت تنشيء فيه مصر مدينة دمياط للأثاث على أحدث طراز .

و يطالب المستثمرون و رجال الصناعة المصريين، أن تسير الحكومة المصرية على خطى الحكومة المغربية ، التي أعلنت مؤخرا عن إتفاقها مع الجانب التركي ، على مراجعة إتفاقية التجارة الحرة بين البلدين ، في ظل تضررها منها ، حيث وصل العجز التجاري للمغرب مع تركيا، إلى نحو ملياري دولار .

و يبدو من التصريحات الصادرة من الحكومة المصرية ، أن السياسة المصرية، تتجه إلى عدم إلغاء إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا ، خوفا على الإستثمارات التركية في مصر، و التي تبلغ نحو 3 مليار دولار، رغم أن المادة 38 من هذه الإتفاقية، تعطي الحق للطرفين، أو لأحدهما، أن ينهي الإتفاقية بإخطار الطرف الآخر .كما تعطي نفس المادة ، الحق لأي طرف بإدخال تعديلات على الإتفاقية كما فعلت المغرب . و تفضل الحكومة المصرية ، معالجة الخلل الذي يصب لصالح تركيا ، باللجوء لإتفاقية التجارة العالمية ، التي تعطي الحق للدولة التي ترى أن إتفاقية التجارة الحرة بينها و بين دولة أخرى تنزل الضرر بإقتصادها ، أن تفرض ضرائب إغراق ، على المنتج ، أو السلعة، التي تراها مجحفة بصناعتها الوطنية .

و تتزامن الإنتقادات المصرية لإتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، مع خضوع الإتفاقية لمرحلة إعادة التقييم من جانب الطرفين ، حيث نصت المادة رقم 10 من الإتفاقية ، على أن يتولى الطرفان خلال عام 2020 ، التفاوض لتحرير مزيد من السلع الزراعية، و المنتجات السمكية و الزراعية المصنعة ، من خلال لجنة مشتركة بين الجانبين .

و يبقى التساؤل المهم هل ينبغي بعد أن ألغى السيسي إتفاقية" الرورو " إيقاف العمل بإتفاقية التجارة الحرة ، التي وقعها نظام الرئيس الراحل، حسني مبارك، مع رجل طيب أردوغان في 2005 عندما كان أردوغان رئيسا لوزراء تركيا ، و التي سمحت بدخول ، الصناعات، و السلع، و البضائع، و المنتجات التركية ، إلى الأسواق المصرية بدون جمارك ؟ ..... للإجابة على هذا التساؤل المهم ، هناك أربعة ردود .

- الرد الأول : يرى مقترحوه الإبقاء على إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا كما هي بعد أن قام الرئيس ، عبد الفتاح السيسي، بإلغاء إتفاقية " الرورو"، الموقعة في 2012 ، بين الرئيس الإخوانجي، محمد مرسي ، و رجب طيب أردوغان . و يرى أصحاب هذا الرأي أن إلغاء إتفاقية "الرورو " قد أضعف كثيرا من إتفاقية" مبارك أردوغان" للتجارة الحرة ، الموقعة في 2005 ، على أساس أن المنتجات التركية ، لم تعد تجور بشكل مبالغ فيه ، على المنتجات المصرية ، بعد أن كانت تركيا تستغل السولار المصري المدعم ، و تبيع المنتجات التركية، بدون رقيب ، على طول الطرق المصرية، حتى وصولها لميناء الأدبية المصري على البحر الأحمر ، لتصدر ما بقي منها للسعودية و دول الخليج، بدلا من قناة السويس . يشار إلى أن معظم أصحاب هذا الرأي من مستوردي المنتجات التركية.

- الرد الثاني : يطالب مقترحوه ،بتعديل بعض بنود هذه الإتفاقية، لكي تصب أكثر في مصلحة مصر ، مثلما تفعل حاليا مملكة المغرب ، خاصة بعد أن بدأت المنتجات المصرية تدعم نفسها في الأسواق التركية ، الأمر الذي يفتح أمامها الطريق، لمزيد من الرواج في تركيا ، تمهيدا للوصول لحد التساوي ، في الميزان التجاري مع تركيا ،لا سيما مع الإهتمام الذي أصبحت توليه الدولة للصناعات المصرية خاصة صناعة البتروكيماويات ، و الجلود .

- الرد الثالث : يطالب مساندوه ، بإدخال تعديلات كبيرة على الإتفاقية ، على أساس أنها تنزل ضررا ، بالصناعات المصرية ، بعد أن تدهور سعر الليرة التركية أمام الدولار ، الأمر الذي منح الفرصة لرجال الأعمال الأتراك ، بغزو و إغراق الأسواق المصرية بالصناعات التركية، الأقل سعرا ، و الأقل جودة . و يقود الإتحاد المصري لجمعيات المستثمرين ، حملة ضد هذه الإتفاقية ، وصلت إلى حد إدانة الحكومة المصرية، لعدم تصديها لمخطط أردوغان ، الرامي لإنقاذ الإقتصاد التركي ، بإغراق مصر بسلع يقل سعرها عن مثيلتها الوطنية المصرية، بنسبة 25 في المائة رغم رداءتها .

- أما الإقتراح الرابع و الأخير : فهو يطالب بإلغاء إتفاقية التجارة الحرة ، الموقعة مع أردوغان خلال حكم مبارك ، " فورا" بكل بنودها ، على أساس أنها تعطي لتركيا مميزات هائلة ، بما فيها دخول الصناعات الأوروبية، المصنعة، و المجمعة ، على أراضيها للأسواق المصرية، بدون جمارك ، مما يحرم مصر من تدفق الإستثمارات الأوروبية عليها ، لا سيما في مجال، صناعة ، و مكونات السيارات، بعد أن أصبحت السيارات الفيات الإيطالية و الرينو الفرنسية المصنعة في تركيا على سبيل المثال ، تباع في مصر ، بصفر جمارك، لتقل أسعارها حتى عن أسعار السيارات الصينية ، رخيصة الثمن ، الأمر الذي يقتل تنافسية صناعة السيارات الوطنية المصرية، و يحد من تدفق الإستثمارات الأوروبية ، على المناطق الصناعية المصرية ، لا سيما على محور تنمية قناة السويس . و يرى مؤيدو ضرورة إلغاء إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا أن الإتفاقية تقتل تدفق الإستثمارات الأوروبية على مصر لصالح تركيا لإنفراد تركيا بميزة مجاورتها للأراضي الأوروبية ، نظرا لوقوع جزء من تركيا في القارة الأوروبية .و يقترح أصحاب المطالبة بالإلغاء الفوري لإتفاقية "مبارك أردوغان" إستبدالها بإتفاقية مصرية أوروبية أكثر تطورا من الحالية ، تمنح السيارات ، و الصناعات الأوروبية المصنعة في مصر إعفاءا تاما من الجمارك ، حتى لو تطلب الأمر الإعفاء التام من كل رسوم ، حتى رسوم القيمة المضافة ، بشرط التوسع في صناعة مكونات السيارات الأوروبية في مصر .


و نهاية فأنت إيها القاريء مع أي من هذه الحلول ؟ ....أنا شخصيا بعد التدخل العسكري التركي في ليبيا ، فأنا مع إلغاء إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا فورا ، و إستبدالها بإتفاقية أكثر تطورا مع الإتحاد الأوروبي ، مثلما ألغى السيسي إتفاقية" الرورو " لجذب مزيد من الإستثمارات الأوروبية لمصر ، رغم إدراكي أن رد فعل أردوغان ، سيدفعه لمزيد من إستخدام جماعة الإخوان الإرهابية ، ضد مصر ، سواء عن طريق القنوات التلفزيونية العميلة، أو شائعات السوشيال ميديا ، أو عن طريق تحريض قطر على إنفاق المزيد من الدولارات لتمويل الإرهاب .