أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الشكر من أخلاق الإسلام التي مدحها الله ورسوله في الكتاب والسنة، وأن له العديد من الفوائد؛ فهو من الأخلاق التي تدل على الإنصاف والنزاهة في ظاهر المرء وباطنه، كما يترتب عليه كثير من الخير في الدنيا، والثواب الكبير في الآخرة، مع علو الدرجات، وغفران الذنوب.
وأضاف « جمعة» في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أنه في الحديث: «أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة»، (رواه البخاري) لافتًا: لذا كان من أوصافه-تعالى-: «الشكور»، كما في قوله -تعالى-: «وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ» [التغابن:17].
وأوضح عضوهيئة كبار العلماء أن الشكر يكون في الحقيقة لله -سبحانه وتعالى- ويكون أيضًا لخلق الله، ولكنه على سبيل الوسيلة كما ورد في الحديث «من لم يشكر الناس لم يشكر الله»، (أحمد وأبو داود والترمذي)، منوهًا: شكر الله -تعالى- على نعمه واجب شرعًا من حيث الجملة؛ فلا يجوز تركه بالكلية وقد استدل الحليمي لذلك بالآيات التي فيها الأمر نحو قوله -تعالى-: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ»، [البقرة:152] وقوله -سبحانه-: « فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [الأعراف:69].
ولفت المفتي السابق إلى تفسير الرازي لقوله- تعالى-: «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا» [الإنسان:3] بأن المراد من الشاكر الذي يكون مقرًا معترفًا بوجوب الشكر عليه، والكفور الذي لا يقر بذلك إما لأنه ينكر الخالق أو لأنه ينكر وجوب شكره «التفسير الكبير».
ونبه الدكتور على جمعة أن للشكر منزلة عظيمة؛ فهو أرقى من الصبر والرضا كما ذكر صاحب «غذاء الألباب»: " أن الصبر واجب بلا خلاف وأرقى منه الرضا وأرقى منهما الشكر بأن ترى نفس الفقر مثلا نعمة من الله أنعم بها عليك وأن له عليك شكرها".
وواصل أن الإكثار من الشكر مستحب خاصة عند تجدد النعمة كما ثبت أنه- صلى الله عليه وسل-م كان يخر لله ساجدا شاكرا له عند سماع خبر فيه نصر أو خير، مشيرًا: للشكر مواضع يندب فيها كالطعام والشراب والملبس.
وأكمل أن الشرع الحنيف حث في الكتاب العزيز وفي سنة رسوله العظيم على شكر الناس لما في هذا الخلق من آثار جليلة في وحدة المجتمع المسلم وحسن المعاملة التي هي ثمرة التقوى والإيمان فقد قال -سبحانه وتعالى-: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان:14] .
وأردف أنه في هذه الآية إشارة إلى شكر كل من له فضل على المسلم وقدم له معروفا، فإن الوالدين استحقا الشكر؛ لأنهما تفضلا على الابن بأعظم المعروف، وهو حمايته وحفظ حياته حتى عقل؛ ولذلك قرن الله شكرهما بشكره -سبحانه وتعالى-.
واسترسل: أما ما ورد في السنة فهو كثير نذكر منه مثلا ما رواه أحمد من حديث الأشعث بن قيس مرفوعا مثل حديث أبي هريرة ورواه أيضا بلفظ آخر «إن اشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس»،وعن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا «من أتي إليه معروف فليكافئ به فإن لم يستطع فليذكره فمن ذكره فقد شكره» (رواه أحمد)،وفي حديث آخر الأمر بالمكافأة «فإن لم يستطع فليدع له» (رواه أبو داود وغيره).