قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المروءة من أخلاق الإسلام الفاضلة، ومن شيم الصالحين الظاهرة، وهي حالة مستقرة في النفس تحمل صاحبها على الالتزام بالفضائل دائمًا؛ لذلك فهي جماع الأمر كله، وهي الدافع للإقدام على كل خير والابتعاد عن كل شر.
وأضاف « جمعة»، عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنالإنسان لا يحكم عليه بالعدالة، وتقبل شهادته إلا بمراعاة المروءة، وأن العدالة في اللغة: صفة توجب مراعاتها الاحتراز عما يخل بالمروءة عادة، وفي الاصطلاح اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على صغيرة من نوع واحد أو أنواع.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أنالله - تعالى- أمر بالمروءة في كتابه العزيز في أكثر من آية، ولكن أمر بها باعتبار معناها وليس باعتبار لفظها؛ فمن أهم معاني المروءة الاستقامة على محاسن الأخلاق، ومراقبة الله -سبحانه وتعالى- وبهذا المعنى ورد الأمر بالاستقامة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه المؤمنين في أكثر من آية.
واستشهد المفتي السابق بقوله - تعالى-: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» [هود:112]، وقال -سبحانه-: «فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ» [الشورى:15].
ونبه: "كما مدح ربنا -سبحانه وتعالى- المؤمنين الذين التزموا المروءة في الأخلاق والآداب، وحافظوا على رشدهم في سيرهم إلى الله، وأخبر- تعالى- أنه يرسل إليهم الملائكة مبشرين بحسن العاقبة، فقال -سبحانه-: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»[فصلت:30]، وقال -عز وجل- من قائل: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» [الأحقاف:16] وقال تعالى: «وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا» [الجن:16]".
وواصل أن المروءة بلفظها ومعناها وردت في أحاديث النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كثيرا فعن عمر بن الخطاب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «حسب المرء دينه وكرمه تقواه ومروءته عقله»، (سنن الدارقطني ومصنف ابن أبي شيبة) ،لافتًا: كذلك بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أهم آثار المروءة عند المسلم، فعندما تذاكروا المروءة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أما مروءتنا فأن نغفر لمن ظلمنا ونعطي من حرمنا ونصل من قطعنا ونعطي من حرمنا».
وأكمل: "كذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن الاتصاف بالمروءة من أسباب عصمة المسلم في عرضه فقال -صلى الله عليه وسلم-: «من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته» (مسند الشهاب)".