لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين حول العالم، أن يستيقظوا في العام 2020 على كارثة وبائية، استطاعت أن تطال اكثر من 7 ملايين شخص حول العالممن بينهم قرابة الـ 24 ألف مصري، وأنهت على حياة أكثر من 400 ألف شخص، بينهم أكثر من ألف حالة وفاة بـ فيروسكورونا المستجد «كوفيد-19» في مصر، حتى لحظات كتابة التقرير، فيما تمكنت الأزمة من التهام أكثر من 2 تريليون دولار خسائر متوقعة للاقتصاد العالمي.
6 أشهر كاملة مرت على العالم منذ ظهور أول حالة مصابة بالفيروس، في مدينة ووهان بالصين، ومن ثم انتقل إلى أكثر من 180 دولة حول العالم، عاشها البعض في كابوس، وإلى ذلك فإن أكثر التقديرات تفائلًا تُرجح التوصل إلى لقاح لـ فيروس كورونا في نهاية العام الجاري، أي بعد مرور 6 أشهر آخرى، يكتمل بها عامًا من الحرب التى يخوضها العالم على الوباء، وسط مجموعة من الإجراءات المشددة التى فرضها الانتشار السريع للفيروس في معظم بلدان العالم، ومعها توقفت حركة الطيران في جميع أنحاء العالم.
اقرأ ايضًا|وزيرة الصحة: مصر ستعود للحياة الطبيعية تدريجيا .. وتراجع وفيات وإصابات كورونا بسبب البروتوكول الجديد
أول إصابة بـ كورونا في العالم
سعى العلماء وإصرارهم على الإسراع من إيجاد علاج أو لقاح لـ فيروس كورونا، دفعهم للبحث عن الحالة صفر التى كانت شرارة لانطلاق المرض في الصين ومنه إلى العالم أجمع، وهو ما كشفته صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» الصينية بأن أول حالة تم تأكيد إصابتها بالفيروس كانت في منتصف نوفمبر 2019 ولكن لم يعى الأطباء وقتها أنهم بتعاملون مع فيروس جديد حتى انتهى شهر ديسمبر.
وبدأ العلماء والأطباء أبحاثهم في يناير 2020 للتعرف أكثر عن طبيعة المرض الذي يواجهونه بمقاطعة هوبي بمدينة ووهان، المكتظة بالسكان، حيث أكد تقرير الصحيفة أن الحالة الأولى كانت لشخص يبلغ من العمر 55 عامًا، ومنذ ذلك الحين كان يتم تسجيل ما بين حالة إلى خمس حالات جديدة يوميًا، وبحلول 20 ديسمبر وصلت عدد الحالات المبلغ عنها إلى 60 حالة.
واكتشف العلماء أن المرض الذي يواجهونه هو مرض تنفسي حديث يمكنه التأثير على جزء العلوي من الصدر، وهذه هي التقديرات الأولية، التى اكتشفوا أنها على أرض الواقع أسوء بكثير، حيث أنه يمكنه التأثير على بطانة الأوعية الدموية، وينتج عنه تجلطات في الدم، فيما يؤثر على المرضى بالإرهاق الشديد والتلف في الكلى فيما يسبب ايضًا النوبات القلبية والفشل التنفسى الحاد.
تشانج جيكسيان، الطبيب بمستشفى داخل مقاطعة هوبي، الطبيب الذي توفى إثر إصابته بالفيروس، أبلغ السلطات الصحية في 27 ديسمبر أن هذا المرض يرجع إلى فيروس جديد ينتمى لعائلة «كورونا»، وعجز الأطباء وحتى منظمة الصحة العالمية عن عملية تتبع الحالة «صفر» حتى يتم معرفة منبع المرض أو مصدره، ولكن حتى اللحظة لم يتم التأكد من ذلك.
الصحة العالمية تعلنه وباءً عالميًا
في 11 مارس 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن مرض فيروس كورونا وباء عالمي، وليس مرض عابر يمكن السيطرة عليه في وقت قليل وجبح عملية انتقاله، حيث أنه وقتها كان يتضاعف انتقال المرض خارج الصين بمعدل 13 مرة، فيما تضاعف ايضًا عدد البلدان التى اخترقها بمعدل ثلاث مرات، الأمر الذي دفعها لإعلانه وباءً.
تيدروس أدهانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية، عبر عن قلقه الشديد خلال مؤتمر نظمتها المنظمة في جنيف، مؤكدًا ان مستويات تفشي فيروس كورونا مقلقة وتوحى بالخطر الشديد، وطالب العالم وقتها بسرعة التكاتف من أجل إنهاء تلك الأزمة قبل أن تتفاقم، ورغم ذلك، كانت اعداد الوفيات وقتها جراء الفيروس 4 آلاف حالة فقط، بالمقارنة بـ 400 ألف حالة وأكثر بحلول 8 يونيو الجاري.
متى ادركنا حقيقة الكابوس؟
الملايين حول العالم بدون مبالغة، كان لديهم شكوك تراودهم حول حقيقة وجود جائحة فيروس كورونا، ولكن تغيرت وجهة نظرهم وزادت مخاوفهم، عقب سماعهم عشرات الأخبار اليومية التى كان يتم الاعلان فيها عن إصابة أحد المشاهير سواء في عالم السياسة أو الفن أو الرياضة، بفيروس كورونا، بل وتمكن كوفيد 19 من حصد أرواح بعض منهم، وهذه هي القائمة:
فيروس كورونا الهتم أرواح العديد من المشاهير، أبرزهم:
- رئيس الكونغو الأسبق جاك يواكيم يومبي أوبانغو، والذي توفي عن عمر ناهر الـ 81 عامًا في فرنسا إثر إصابته بفيروس كورونا.
- محمود جبريل، رئيس وزراء ليبيا الأسبق، ورئيس تحالف القوى الوطنية توفى عن عمر ناهز الـ 68 عامًا، عقب إصابته بالفيروس القاتل.
- توفى ايضًا باتريك ديفيجيان، وزير سابق وشخصية بارزة في اليمين الفرنسي، إثر اصابته بفيروس كورونا المستجد، عقب صراع طويل مع المرض.
سياسيون تغلبوا على كوفيد 19
- كان خبر الإعلان عن إصابة الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، صادمًا بالنسبة للجميع، ولكنه استطاع أن يهزم المرض، أثناء فترة الحجر الصحي التى حددتها منظة الصحة العالمية.
- بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، طاله المرض ايضًا، ولكن تطور معه بشكل سريع منذ أن أُصيب به، حيث دخل على إثره إلى العناية المركز، وكان يتلقى تنفسًا صناعيًا، وظل يصارع المرض حتى تمكن من هزيمته والعودة إلى عمله في فترة ليست بالطويلة.
- الأمير ألبير الثاني كان ضمن أبرز السياسين الذين تلقوا المرض المستجد، ولكنه كان قادرًا على مواصلة عمله بمقره الخاص، وظل محجورًا حتى تغلب على المرض.
- جاتسن ترودو رئيس الوزراء الكندي، كان بين المصابين بـ فيروس كورونا المستجد، وظل معزولًا في منزله لمدة أسبوعين، حتى تحولت نتيجة فحوصاته إلى سلبية، وتلقى العدوى من زوجته صوفي جريجوار.
- المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ايضًا مرت بنفس المرحلة الأصعب في التاريخ الحديث، حيث أعلنت إيجابية تحاليلها لفيروس كورونا، وظلت تصارع معه حتى تمكنت من النجاة وهزيمة المرض.
فنانون ومشاهير لم يخطأهم كورونا
- الممثل الأمريكي الشهير توم هانكس وزوجته المغنية ريتا ويسلون، كانا من بين أوائل مشاهير الفن الذين أصيبوا بالفيروس المستجد، ولكنهما تمكنا من هزيمة المرض وتعافيا منه سريعًا.
- الممثل البريطاني الشهير إدريس إلبا، أعلن عن إصابته بكوفيد 19 ولكنه أكد عدم وجود أعراض لديه، وقضى فترة عزل صحي بالمنزل، تعافى بعدها تمامًا.
- العديد من الممثلين المصريين أصيبوا بالفيروس ايضًا، وكان أبرزهم الفنانة القديرة رجاء الجداوي، والتى لا زالت تصارع المرض حتى الآن في العناية المركز بإحدى مستشفيات العزل بالإسماعيلية، فيما أعلن ايضًا الفنان كريم قاسم عن تجربته مع الفيروس، ولكنه مر منها بسلام، ومرت بالتجربة نفسها المغنية أمال ماهر التى تعافت من المرض.
هل عطلت السياسة لقاح كورونا؟
يعتقد البعض أن الاتهامات التى أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضد منظمة الصحة العالمية منذ بداية وباء كورونا، متهمًا أياها دائمًا بالتقصير والتواطئ مع الصين في التعاطي مع الوباء القاتل، حيث قرر ترامب بمنتصف مارس الماضي، وقف تمويل أمريكا للمنظمة وقطع العلاقات معها، وأيدته مجموعة من دول العالم فيما كان للأغلبية رآي آخر.
حيث اتفقت كل من ألمانيا وفرنسا واليابان، على ضرورة إصلاح منظمة الصحة العالمية، في مبادرة منهم، مطالبين باستقلال المنظمة عن التأثيرات الدولية الأحادية، مشددين على ضرورة عدم وقف التمويل المقدم لها، وطالب شينزو آبي رئيس وزراء اليابان قادة مجموعة الدول السبع الكبرى بالتكاتف مع العالم لمكافحة كوفيد 19.
الجميع بداية من الداخل الأمريكي بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي طالبوا ترامب بالتراجع عن تلك الخطوة، كون الوباء العالمي يتطلب تكاتف وتعزيز للتعاون بدلًا من تبالد الاتهامات، حيث قال رئيس لجنة الصحة في مجلس الشيوخ ألكسندر لامار، أن خطوة ترامب قد تكون مُعطلة للتجارب السريرية الضرورية من أجل تطوير لقاحات يحتاجها الأمريكان والعالم أجمع.
هل أصاب كورونا الاقتصاد العالمي بالشلل؟
تشير التقديرات التى رصدت الخسائر الاقتصادية التى خلفها انتشار فيروس كورونا منذ بداية العام 2020، إلى انها قد تصل إلى 50 مليار دولار، فيما قدرها البعض بأنها تصل إلى 2 تريليون دولار، وانعكست الجائحة على الطلب العالمي على النفط، فيما كتبت نهاية العديد من المستثمرين ورجال الأعمال حول العالم، وتأثرت الأسواق حول العالم بالأمر، وشهدت تراجعًا ملحوظًا في التنامي.
وشهد الناتج المحلي الإجمالي الصيني انخفاضًا بنسبة وصلت إلى 1% خلال الربع الأول من 2020، حيث وصلت خسائر الصين إلى 20 مليار دولار، في غضون أيام من الأزمة، وتوقع الخبراء أن يتراجع نمو الاقتصاد الصيني بنحو 5.5%، فيما توقعوا تراجع الاقتصاد الأمريكي بواقع 0.4% بالربع الأول من 2020، ويأتي ذلك بسبب إغلاق العديد من المصانع في البلدين، مما جعل الخبراء يتوقعون خسائر بـ 2 تريليون دولار على أسوء تقدير.
ورغم الخسائر العالمية الفادحة التى تكلفتها اقتصادات العالم، حتى الكبرى منها مثل أمريكا والصين، إلا أن مصر كانت بين 16 دولة تشهد نموًا في 2020، وذلك بحسب تقديرات الخبراء العالميين، وجاءت مصر في المرتبة الثامنة عالميًا من حيث النمو السنوي هذا العام، وذلك بفعل الاصلاحات الاقتصادية التى كانت قد اتخذتها القيادة المصرية في الفترة الماضية.
هل أصبحنا جاهزين أكثر؟
لا شك أن الجميع صُدم بقوة وحدة المرض الذي نواجهه، ولكن هل بعد مرور أكثر من 6 أشهر كاملة على إدراك طبيعة فيروس كورونا، الذي كان ينتشر بطريقة فاقت جميع التوقعات، هل بات العالم مستعدًا للمواجهة ويواصل جهود التوصل إلى لقاح؟ هذا ما أجاب عنه مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية بجامعة أدنبرة، مؤكدًا ان هذا الفيروس من الغير مرجح أن يختفى بالمستقبل، لكنه سوف يستكمل مسيرته مع البشر فترة.
يرى أستاذ في علم الأوبئة بجامعة كوليدج في لندن، أن طريقة تعامل العالم مع فيروس كورونا باتت أفضل دقة، مما قد يوفر مزايا للباحثين عن لقاح للفيروس القاتل، مؤكدًا ان هناك تطور ملحوظ في اختبارات الفيروس ودراسة الأجسام المضادة، مؤكدًا أن الأزمة الحالية هي محاولة تتبع الفيروس للسيطرة عليه وهو أمر صعب للغاية.
أمر آخر تفائل به العلماء، هو أن المصابين بالفيروس المستجد واكتمل تعافيهم، يحصلون على مناعة وترتفع نسبة الأجسام المضادة في دمهم، مما يجعلهم قادرين على التصدى لعدوى كورونا المستقبلية، لفترة قد تمتد من 6 أشهر إلى سنتين، وهو الأمر الذي يعمل عليه العلماء في جميع أنحاء العالم، لأخذ عينات من بلازما المتعافين وحقن المصابين بها، الأمر الذي نجح في مصر بشكل كبير وفي بعض دول العالم.
ظهور لقاح لفيروس كورونا، كان من بين الأمور التى نُقشت ولا زالت تتم مناقشتها حول العالم، حيث أن الاتفاق بين العلماء يرجح أن يكون التوصل إلى لقاح لن يكون قبل عام أو عامين من الآن على أفضل تقدير، مطالبين بالخروج من دائرة الأمل بظهور لقاح في نهاية 2020، مؤكدين أنه حتى مع التوصل إلى لقاح في وقت أقرب، ستواجه العالم مشكلة آخرى، وهي انتاج جرعات تكفى لـ 7.8 مليار شخص حول العالم.
أمر آخر يعيد إلينا حالة من التفائل، وهو حديث الأطباء في المركز الطبي بجامعة بيتسبرج حول أن الفيروس المستجد أصبح أقل قوة عن الأشهر الأولى لانتشاره، وذلك في الوقت الذي أكد فيه الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، أن شركة استرا زينكا بالتعاون العملى مع جامعة اكسفورد وصلوا للمراحل النهائية لانتاج لقاح ضد فيروس كورونا، مؤكدًا ان التجارب السريرية اثبتت نجاحا كبيرا.
فيما بشر الجميع بأنه من المتوقع أن تنتهى الشركة من إنتاج قرابة الـ 700 مليون جرعة من التطعيم الجديد ضد فيروس كورونا، بحلول شهر سبتمبر المقبل، وسيتم توزيعها بشكل عادل على جميع دول العالم، مؤكدًا أن هناك شركة هندية دخلت على خط التعاون في إنتاج اللقاح المحتمل، ووعدت بإنتاج ما يقرب من 2 مليار جرعة بعد ذلك.