شهد البرلمان التونسي سجالات خلال الساعات الماضية التي مرت بمناقشة خارطة الطريق التي طرحتها كتلة الحزب الدستوري الحر، والتي تتضمن سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، وتغيير أعضاء ديوانه، وهو الأمر الذي انحاز لها فيه عدد من الكتل البرلمانية الأخرى، وبدأت صباح، أمس الأربعاء، جلسة مساءلة الغنوشي بشأن تهنئته لرئيس حكومة الوفاق الليبية بمناسبة استرجاع مناطق من سيطرة قوات المشير خليفة حفتر.
ويتضمن الاقتراح المقدم من الحزب الدستوري الحر إدانة "التدخل التركي" في الشؤون الليبية و"انحياز" حزب "حركة النهضة" ذراع جماعة الاخوان، الذي يرأسه الغنوشي لهذا المحور، بما يتعارض مع الحياد الذي تبديه تونس منذ فترة طويلة.
ونشرت قناة "موزاييك التونسية" نتائج التصويت على لائحة رفض التدخل في ليبيا، التي طرحها الحزب الذي تترأسه النائبة عبير موسى، إضافة إلى مناهضة تشكيل قاعدة لوجستية داخل التراب التونسي تهدف إلى تسهيل تنفيذ التدخل التركي في ليبيا.
وأشارت القناة إلى أن مجموع المشاركين في التصويت بلغ 169 نائبا وبلغ عدد المصوتين في التصويت الالكتروني 134 نائبا والتصويت اليدوي 35 نائبا فيما بلغ عدد النواب الذين لم يشاركوا في عمليات التصويت 48.
في حزب النهضة، ذراع جماعة الاخوان بالبرلمان، أعرب 48 عضوا عن رفضهم للمقترح، ولم يصوت أي عضو بنعم، فيما أيدت الكتلة الديمقراطية " 15 عضوا" المقترح، وكذلك حزب نداء تونس "20 نعم" فيما رفضه أيضا ائتلاف الكرامة "14 لا" وأيدته كتلة الاصلا "10 نعم" والحزب الدستوري الحر "16 نعم" وحزب تحيا تونس "13 نعم" وكتلة المستقبل "7 نعم" والكتلة الوطنية " 8 نعم" .
يأتي ذلك بعد تهنئة الغنوشي لحكومة السراج وتركيا بعد واقعة قاعدة الوطية، ولقاءه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ومحاولة الأخير استغلال الأراضي التونسية في جعلها ممرا لوجيستيا يساعده في دعم ميليشياته التي تقاتل في ليبيا.
وخلال الجلسة، شن النائب الثالث لرئيس البرلمان، طارق الفتيتي، هجوما على الغنوشي، وطالبه بالاعتراف بالخطأ بعد تهنئته رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج على استعادة قاعدة الوطية.
كما طالب الفتيتي الغنوشي خلال مداخلته في الجلسة العامة بالتعهد بعدم تكرار هذا الخطأ.
وقال الفتيتي لرئيس البرلمان، راشد الغنوشي: "أخطأت عندما اتصلت بأردوغان ورئيس المجلس النيابي دون إعلامنا وأعدت الخطأ بخطأ أكبر عندما أعلنت حكومة السراج بأنك هنأته باستعادة منطقة الوطية".
بدورها، قالت النائبة سامية عبو، موجهة حديثها للغنوشي: "مازلت تلبس جبة رجل الدين ولست رجل دولة"، وجاءت هذه الانتقادات على خلفية تشبث الغنوشي برأيه وعدم انصياعه لرأي الأغلبية في البرلمان.
وفي السياق ذاته، وجه النائب ياسين العياري، انتقادات شديدة للغنوشي، مطالبا إياه بضرورة الاختيار بين رئاسة البرلمان ورئاسة النهضة، واعتبر عضو البرلمان أن ما قام الغنوشي فيما يتعلق بالملف الليبي أمرا خاطئا، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية هما المنوط بهما تمثيل الدبلوماسية التونسية، وقال موجها حديثه للغنوشي: "الأمر أصبح متعبا ومضرا".
وخلال الجلسة، دعت النائبة، عبير موسي، خلال مداخلتها بجلسة سحب الثقة من الغنوشي، التونسيين إلى السهر إلى بعد منتصف الليل لمتابعة الجلسة. واعتبرت أن راشد الغنوشي يحاول تمييع الجلسة والتهرب من المسؤولية وذلك بعد ان أجرى مشاورات مع أعضاء كتلة النهضة الذين وصفتهم بأعضاء "التنظيم".
وقالت موسي: كل الأمل أن يفرح التونسيين اليوم بجمع 73 إمضاء لسحب الثقة من الغنوشي. وأضافت وهي تشير إلى الغنوشي بإصبعها: "نتمنى ان نخلص البرلمان منك".
وأكدت موسى على أن حركة النهضة تمثل أكبر خطر على تونس، وقالت للبرلمان التونسي عقب رفض اللائحة، "قياداتكم إخوانية ومصنفة إرهابية عالميًا"، وتابعت موجهة حديثها للغنوشي: "لا يشرفنا أن تكون على رأس البرلمان، أنتم تنتمون لتنظيم الإخوان الذي بث الفتنة في تونس وأعاد سياسات الاغتيالات.
ووجه النائب في البرلمان، سعيد الجزيري، انتقادات لاذعة للغنوشي، مطالبا إياه بضرورة تغيير سياساته وتغيير الأجندة التي يعمل وفقها مكتب مجلس النواب.
وأضاف الجزيري، بحسب صحيفة "الجريدة التونسية" أن ممارسات مكتب البرلمان هي التي ساهمت في تشويه صورة المجلس وفي ترذيل العمل البرلماني وقال: "الشعب اليوم بات يطالب بإسقاط البرلمان وأنا أسانده في مطلبه بل سأكون أول المطالبين بتغيير البرلمان".
وأثارت تصريحات الجزيري ضجة داخل قاعة الجلسة وثارت ثائرة عديد النواب احتجاجا على تصريحاته خاصة من كتلة حركة النهضة. ورد عليه رئيس البرلمان راشد الغنوشي بسحب الكلمة منه ووجه له تنبيهين متتاليين واتهمه بإدخال الفوضى ومخالفة فصول النظام الداخلي للمجلس.
ومن ناحيته، أكد عضو البرلمان، سالم الأبيض، أن الغنوشي، ارتكب مخالفة لقرار البرلمان العربي بالمصادقة على لائحة رفض العدوان الخارجي في ليبيا، مؤكدا أنه كان من الأولى له التنديد بالعجوان التركي على الأراضي الليبية، واصفا تصرفات الغنوشي بأنها أمر مؤسف.
في السياق ذاته، أكد النائب التونسى مجدى بوزينة أن رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، راشد الغنوشى، يتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري على التراب الليبي وقال: "نحمّل راشد الغنوشي كل قطرة دم تسيل في ليبيا، وتابع: "نأمل في أن التصويت على لائحة الدستوري الحر تكون لبنة لائحة لسحب الثقة من راشد الغنوشي..".