قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الجمال في فطرة الإنسان يميل إليه بطبعه وهذا لا يحتاج إلى تدليل؛ إذ هو محسوس مشاهد في كل زمان ومكان.
وأوضح « جمعة»، في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنما ورد في نصوص الشرع الحنيف من دعوة للتأمل في الجمال فهي كثيرة، منها قوله -تعالى-: (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) [النحل:5]، ومثله ما ورد في ذكر جمال منظر السماء والحث على النظر إليه بقوله -سبحانه -: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) [الحجر:16].
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء أنذلك يشبه أيضًا ما ذكره الله -سبحانه وتعالى- في معرض منه على الإنسان بالمخلوقات التي تبعث البهجة في النفوس كما في قوله -تعالى-: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [النمل:60].
اقرأ أيضًا: على جمعة: الله فطر النفس البشرية على حب كل جميل
وتابع المفتي السابق أن هذه الآيات دلالة واضحة على عظم قيمة الجمال حيث امتن الله على الإنسان بكل مظهر جميل وحث المؤمنين على النظر في كل جميل حتى تسمو نفوسهم وترتقي لفهم المعاني الجميلة.
واستطرد: "الجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة كما أنه ليس تشكلا ماديا فحسب ولكنه بالمعنى الصحيح حقيقة مركبة في مداخلها وعناصرها وتأثيراتها المادية والروحية وموجاتها الظاهرة والخفية".
وواصل: "وكذلك في انعكاساته على الكائن الحي وذلك لأن أثره يخالط الروح والنفس والعقل فتنطلق ردود أفعال متباينة بعضها يبدو جليا وبعضها الآخر يفعل فعله داخليا لكن محصلة ذلك كله ما يتحقق للإنسان من سعادة ومتعة وما ينبثق عن ذلك من منفعة تتجلى فيما يأتي أو يدع من أفعال وأقوال وفيما يحتدم داخله من انفعالات ومشاعر".
وأشار إلى أنه إذا كان الجمال مباحا في الشرع الحنيف فإنه مدخل إلى ارتقاء الروح والذوق وسمو النفس وخلاصها من التردي والسقوط ومحرك للفكر؛ كي يجول إلى ما هو أبعد من المظاهر الحسية التي قد كتب عليها الزوال فالجمال سبب من أسباب الإيمان وعناصر من عناصره والقيم الجمالية الفنية تحمل على جناحيها ما يعمق هذا الإيمان ويقويه ويجعله وسيلة للسعادة والخير في هذه الحياة.
شاهد المزيد:معنى التوكل الحقيقى على الله.. علي جمعة يوضح
وأردف: "لذلك حث الإسلام على جمال المنظر وجمال الأخلاق والأصوات والرائحة بل كان طبع الإنسان ينفر من كل منظر وخلق وصوت قبيح والمسلم بدينه الجميل وبعبادته لرب جميل وبالتزامه بشرع جميل يشيع منه الجمال والراحة والطمأنينة في المكان الذي يحل فيه كما أخبر بذلك المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حين قال: «المسلم كالغيث أينما حل نفع».