أدرك العالم خلال الشهور القليلة الماضية أن هناك تحولا غير مفهوم فى كل الأمور والإتجاهات وعلى كل الأصعدة، سواء السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية، فالعالم ينظر الى نفسه نظرة تأنى وتأمل وتدبر فى حاله "الذى لا يسر عدو أو حبيب"، بل الأكثر من ذلك أنه ينظر الى نفسه نظرة دونية، حيث أدرك البشر أن العالم لا يساوى شيئا ولا يمكن تحريكه إلا بقوة إلهية لا ترتبط بالبشر من قريب أو بعيد، لدرجة أن الذين لا يعتنقون الدين الإسلامى أدركوا وجود الله وناشدوه ودعوه وصولوا له من أجل إنهاء أزمة فيروس كورونا المستجد الذى أعلن أنه لن يرحل إلا بقدر الله فى وقت لن يحدده إلا الله عز وجل.
ومن هنا يجب تسليط الضوء على التحديات والمجادلات التى أعلنت عن نفسها فى هذا الزمن "زمن كورونا"، ومن أول هذه التحديات هى إعادة تنشيط دول العالم وتكاتفها من أجل التخلص من ذلك الفيروس اللعين، فالعالم أجمع جمع شتاته بعد تمزقه، وما عاد يشغله الصدام الحضارى سواء المادى أو المعنوى، بل إن الدول الكبرى تناشد باقى دول العالم بإتخاذ إجراءات متفتحة بعيدا عن الأنانية وحب الذات، بل إن الدول الكبرى تناشد بالتضحية لإستمرار الحياة البشرية وإعادة صياغة عالم جديد بدون فيروسات.
المجادلات الكونية العظيمة والتى تستدعى التأمل والدهشة أن العالم يصلح إنحرافه ويحاول تجميع شتات القاصى والدانى، هذه المجادلات جعلت العالم يحاول رسم دوائر جديدة لا يوجد بها مخاطر ومجازفات لحماية المصالح وبالتحديد المصالح المشتركة أو القائمة أو التى قد تقوم بعد رحيل هذا الفيروس اللعين، كما أن كل دولة فى العالم ترسم خريطة جديدة لنفسها من أجل إيجاد مكان متقدم لها غير التى كانت تحتله فى السابق فى محاولة لإبتداع كيانا ذاتيا مميزا يتجاوب مع إحتياجات وضروريات عالم اليوم، دون النزاعات المحتملة التى قد تنشأ لأى سبب أخر، فكل دولة ترى نفسها فى مقدمة العالم بالرغم من الضعف والوهن الذى كان يصب على رأس كل دولة.
كما يجب أن نؤكد أن هناك حقيقة مؤكدة مرتبطة بالعالم بعد إنتشار فيروس كورونا المستجد، تلك الحقيقة تتمثل فى الإرتقاء بالممارسات المجتمعية التى تحقق النسق المعرفى المتكامل، بالإضافة الى تنشيط دائرة الثقافة كونها من أهم الدوائر المؤثرة فى تطور وإستمرار المجتمعات وإستقرارها.
هناك تحديات أخرى كثيرة وأهمها كيفية مواجهة الشائعات التى لا حصر لها ومرتبطة بكورونا المستجد على كل المستويات سواء مستوى الدولة أو الأشخاص، فالدولة تواجه شائعات من الداخل والخارج من أجل تشويه صورتها، والأشخاص فى الداخل يواجهون شائعات المرض، فهناك الكثير من الشائعات التى أطلقت من أجل تخويف الناس من بعضهم البعض برميهم أنهم مرضى كورونا، مع أن هذا ليس عيبا إلا أن الثقافة المصرية مازالت تحتاج الى دفعة للفهم والتنوير.