قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله - سبحانه وتعالى- يوضح في سورة النساء الآية 143صفةٌ ملازمة دائمة لحال المنافقين، ألا وهي الذبذبة.
وأوضح «جمعة» في تفسيره للآية الكريمة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي«فيسبوك» أن هذه صفة المنافقين، قال - تعالى- :«مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلا»، لافتًا:هناك فارق كبير واضح بين الوسطية وبين الذبذبة، فالوسطية من صفة المؤمنين، ومن صفة الأمة المحمدية.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء أنالوسط هو أعلى الجبل، والمؤمن إذا صعد إلى الجبل كان في أوسطه، وكان شاهدًا ومشهودًا،قال - سبحانه-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة، من الآية: 143].
ولفت المفتي السابق، في تصريق له، الى أن التوكل على الله من الأخلاق الكريمة التي أمر الله بها في كتابه وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهوعمل من أعمال القلوب فلا يراه الناس ولا يصلح فيه الادعاء، وإنما يرى الناس أثر هذا الخلق الكريم في كثير من تصرفات المسلم؛ فلا يرون منه تحايلا على الرزق ولا طلب الرزق بالمحرم، ولا يرون منه نفاقا ولا تملقا لأنه متوكل على الله -عز وجل-.
وأكد أن التوكل بمعنى الثقة بالله والاعتماد عليه في كل الأمور هو أمر واجب ومأمور به في كثير من آيات القرآن الكريم وفي سنة الرسول -صلي الله عليه وسلم-: فمن كتاب الله ورد قوله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159] وقد أمر المؤمنين كذلك بالتوكل عليه فقال سبحانه وتعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران:160] وقد أخبر سبحانه بحتمية التوكل عليه حكاية عن نبيه الكليم موسي عليه السلام (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) [يونس:84].
وبين أن من السنة المشرفة ورد عن أبي هريرة مرفوعا «يقول الله تعالى: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ صدرك غني وأسد فقرك» (رواه ابن ماجة).وعن عمر مرفوعا «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» وعن زيد بن ثابت مرفوعا «من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة همه جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة» (رواه ابن ماجة).
وواصل: عن عمرو بن العاص مرفوعا «إن لقلب ابن آدم بكل واد شعبة فمن اتبع قلبه الشعب كلها لم يبال الله في أي واد أهلكه ومن توكل على الله كفاه الشعب» (رواه ابن ماجة)، مشيرًا:ذهب عامة الفقهاء ومحققو الصوفية إلى أن التوكل على الله لا يتنافى مع السعي والأخذ بالأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من الأعداء وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله المعتادة مع الاعتقاد أن الأسباب وحدها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا بل السبب "العلاج" والمسبب "الشفاء" فعل الله تعالى والكل منه وبمشيئته قال سهل: «من قال: التوكل يكون بترك العمل فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم».