شهر شوال.. كان العرب يتشاءمون من هذا الشهر، وكانوا يعتقدون أن من يتزوج في هذا الشهر لا ينجب، وأطلقوا عليه اسم شهر واغل.
سبب تسمية شوال .. قيل إن شهر شوّال سُمي بهذا الاسم لأن الإبل تتشوَّل لبنها أي ترفعه، وتُجفّفه، فتُصبح غير قادرة على العطاء استعدادًا للإخصاب أو بسبب جفاف الزرع، وقيل: بل سُمي شوال بذلك لأنّ الإبل كانت تتشول فيه أو تشوِّل بأذنابها أي ترفعها طلبًا للإخصاب، وقيل: سبب تسميته بشوال لارتفاع درجة الحرارة.
لما جاء النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - هدم هذا الاعتقاد وتزوج فيه بعائشة، فقد روي عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي" قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ)
كان يُطلَق على شهر شوال قبل أن يُسمى بذلك اسم "واغل"، ثم اختيرَ اسم شوال بعد ذلك عليه بعد أن اجتَمعت العربان واختارت اسمًا لكل شهرٍ من الأشهر الهجرية، لكن يصعب إيجاد مرجع يُبين سبب تسمية شوال بواغل.
وظهر التقويم الهجري في عهد خليفة رسول الله الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه واعتمد حينها كتقويمٍ منظم لحِساب السنين والأيام على الرغم من استِخدامه قبل الإسلام إلا أنه لم يَكن مُنظمًا في الاستخدام.
كانت العرب في الجاهلية تتشاءم من شهر شوال، معتقدين أن من يتزوج في هذا الشهر لا ينجب، فكانوا يقولون: إن المرأة التي تتزوج في شوال تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها.
وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأبطل هذا التشاؤم، بل حبّب الزواج فيه، فكان زواجه من أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في شهر شوال.
تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال، وبنى بي في شوال؛ فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت أحظى عنده مني؟!".
لذا فقد فهم الصحابة والسلف والعلماء الكرام من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم استحباب الزواج في شهر شوال، وذكر الإمام مسلم في صحيحه أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تستحِبُّ أن تُدخِل نساءها في شوال.
ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "وفي دخوله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها في شوال ردّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين".
عبادات شهر شوال
صيام ستة أيام منه: ويكون ذلك بعد انتِهاء رمضان وتُسمى بأيام التوديع، ويُعتبر صيام هذه الأيام مما يُستحب من الأعمال عند جمهور العلماء، وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
فإن أجر الصائم في شهر شوال لهذه الأيام مع صيام شهر رمضان كأجر من صام الدَهر كله، ويُمكن توجيه ذلك بأن الحسنة تُعادل عشر أمثالها، فثلاثون يومًا من شهر رمضان تُعادل صيام ثلاثمائة يوم من السنة، وصيام ستّة أيامٍ من شوال يُعادل صيام ستين يومًا، فيكون المجموع ثلاثمائة وستين يومًا وهو عدد أيّام السنة الهجرية.