أشارت تقارير إخبارية عديدة على مدار الأيام القليلة الماضية إلى اكتشاف العلماء لـ"كون مواز"، يختلف قليلًا عن عالمنا، إذ يعود فيه الزمن إلى الوراء، مما يعني أن ذلك الكون في الوقت الحالي سيعود إلى عام 2019، لكن تقريرًا نشره موقع "CNET" الأمريكي سلط الضوء على حقيقة هذه المزاعم، موضحًا أن العلماء لم يكتشفوا كونًا موازيًا في واقع الأمر، في حين أن التقارير المتعددة المنتشرة عبر الإنترنت قد دفعت البعض إلى الاعتقاد بحدوث ذلك.
وجاء في تلك التقارير أن العلماء اكتشفوا دليلًا يشير إلى وجود كون مواز يعود فيه الزمن إلى الوراء، بناءًا على افتراض بأن تجربة أُجريت في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) رصدت جسيمات تكسر قوانين الفيزياء.
وتعتمد كافة التقارير بشكل عام على نفس مصدر المعلومات: تقرير لمجلة "New Scientist"، المختصة بتغطية آخر التطورات في مجال العلوم والتكنولوجيا، نُشر في الثامن من أبريل الماضي بعنوان "We may have spotted a parallel universe going backwards in time" أو "ربما اكتشفنا كونًا موازيًا يسير فيه الزمن إلى الوراء".
ويتضمن التقرير نتائج من تجربة "Antarctic Impulsive Transient Antenna" أو "هوائي انتاركتيكا الدافع العابر" والتي تُعرف أيضًا باسم "ANITA"، وهي تجربة أجراها باحثون في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وتشمل مجموعة من الهوائيات اللاسلكية المرتبطة ببالون هيليوم يحلق فوق الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية على ارتفاع 37 ألف متر، ما يعادل نحو أربعة أضعاف ارتفاع رحلة جوية تجارية؛ وعلى ارتفاع مثل هذا، يمكن للهوائيات "الاستماع إلى الكون" ورصد جسيمات عالية الطاقة من الفضاء تُعرف باسم "النيوترينوات".
ولا تشكل هذه الجسيمات أي خطر علينا وتمر عبر معظم الأجسام الصلبة دون أن يلاحظها أحد؛ وتشير بعض التقديرات إلى أن نحو 100 تريليون "نيوترينو" يمر عبر جسمك كل ثانية!.. ونادرًا ما تتفاعل الجسيمات مع المادة، لكن في حال تصادمها مع ذرة، فإنها تنتج جسيمات ثانوية يمكننا رصدها، مما يتيح إمكانية دراسة مصدرها في الكون؛ وبالنسبة لتجربة "ANITA" فإنها ترصد "النيوترينوات" من الفضاء التي تتصادم مع المادة في الغطاء الجليدي لـ"أنتاركتيكا".
ورصدت "ANITA" على مدار السنوات عددًا من الأحداث "الشاذة"، فمثلًا بدلًا من تدفق "النيوترينوات" عالية الطاقة من الفضاء، فيبدو أنها جاءت من زاوية غريبة عبر باطن الأرض، قبل أن تصطدم بالمرصد.. ولا يمكن تفسير هذه النتائج بناءًا على فهمنا الحالي للفيزياء.
على الرغم من أن تقرير مجلة "New Scientist" قد تم تقديمه في الثامن من أبريل، في حين أن نتائج تجربة "ANITA" يعود تاريخها إلى عامين، إلا أن نظرية "الكون الموازي" بناءًا على تلك النتائج بدأت تجذب الانتباه مؤخرًا، وانتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي تحت عناوين على شاكلة "ناسا تكشف عن دليل عن كون مواز يسير فيه الوقت وقوانين الفيزياء بشكل معكوس"، "هل وجد العلماء دليلًا على وجود كون مواز؟"، لكن العديد من التقارير لم توضح التفاصيل الكاملة وراء هذا الاكتشاف.
ولفت تقرير "CNET" إلى وجود نظريات عديدة وراء "الأحداث الشاذة"، ربما لم تتداولها التقارير، وبينها على سبيل المثال فكرة أن الجليد في "أنتاركتيكا" قد يؤدي في حد ذاته إلى مثل هذه الأحداث.
ونقل التقرير عن "بات سكوت"، عالم الظواهر الفلكية في جامعة "كوينزلاند" الأسترالية، قوله إن هناك العديد من النظريات الأخرى التي يمكن أن تفسر الأحداث الشاذةالتي رصدتها تجربة "ANITA"، غير فكرة "الكون الموازي"؛ وتابع مؤكدًا أنه لا يوجد أي شيء يجعل رصد مثل هذه الأحداث الشاذةبالضرورة "اكتشافًا لكون مواز".
وشدد التقرير على أن القفز سريعًا إلى فكرة "الأكوان الموازية" هو أمر مبالغ فيه بعض الشيء، وهناك نظريات أخرى يمكنها تفسير ما تم رصده في القارة القطبية الجنوبية.