قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن قصة سيدنا موسى مع الخضر في سورة الكهف بدأت بركوب موسى والخضر ويوشع بن نون - عليهم السلام- السفينة، فرأى موسى الخضر يثقب لوحًا من ألواح السفينة، فقال له: "أنت تفسد ولا تنبي"، مستشهدًا بقوله - تعالى-: «َانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا»، ( سورة الكهف: الآية 71).
وأضاف «جمعة» خلال حواره ببرنامج « مصر أرض الأنبياء» مع الإعلامي عمرو خليل، المذاع على عدد من الفضائيات المصرية، أن
العبرة من هذه القصة أن الحقيقة المطلقة تكون عند الله - تعالى- وأن الأعمال بالنيات وأن بواطن الأمور مهمة، فظاهرها هنا إن كان قسوة فباطنه الرحمة، وإن كان ظاهره خيانة فباطنه الوفاء، وإن كان ظاهره إفساد فباطنه إصلاح.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن القصة الثانية لموسى والخضر كانت مع الغلام، وكان هذا الغلام مراهقًا ويبلغ 16 أو 17 سنة، وقد ظهرت عليه ملامح الفساد وإتعاب الوالدين الصالحين، ولكن قدر الله الخفي أعلمه للخضر وحيًا، مستدلًا بقوله - سبحانه-: « وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا»، ( سورة الكهف: الآية 80).
وتابع المفتي السابق أنالخضر عرف من الله أنه - سبحانه -سيرزق والديه بولد بغيره وأنه لابد أن يزول الوالد الفاسد من الحياة، لافتًا:الضمير في " فخشينا" يعود أيضًا على الخضر، فهو يعظم نفسه، وقال ذلك لأن هذه الطائفة من الأنبياء التي لم يأتوا بشرع ولم يعرفهم الناس منذ البداية على أنهم أنبياء وُجودوا ليقيموا صالح الأعمال بأمر الله ووحيه واذنه ورضاه.
ونبه الدكتور على جمعة أن القصة الثالثة لـموسى والخضر في سورة الكهف هي: بناء الجدار، قال - تعالى-: «فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ»، ( سورة الكهف: الآية 77).
و بين عضو هيئة كبار العلماء أن هذه القرية كانت قرية سوء بسبب تعاملهم وعدم إكرامهم الضيف، مشيرًا:سيدنا إبراهيم- عليه السلام- من كرم الضيافة فعل كما جاء في قوله - تعالى-: « فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ»، ( سورة الذريات: الآية 26)، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- علمنا أنه: «مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلى جارِهِ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ..»، ( رواه البخاري ومسلم).
وأكمل المفتي السابق أن سيدنا الخضر- عليه السلام- وجد جدارًا يكاد أن يقع وكان تحته كنز لأولاد يتامي صغار السن، وكان ابوهما صالحًا، فأقامه لأنهم لما يكبروا سيجدون الكنز، مختتمًا: من هنا يتضح أن الانسان مع صلاحه تستفيد منه الزرية وأنه كل الخير أن يترك الرجل أولاده أغنياء قدر استطاعته حتي لا يتعففون الناس إن كانوا صغارًا.