قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن من القيم التي نفتقدها في مجتمعاتنا قيمة العدل في معاملاتنا، مشيرا إلى أن العدل هو الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط ومن لوزامه القسط والمساوة بين الناس.
وأضاف شيخ الأزهر في برنامج "الإمام الطيب" الذي يعرض في رمضان، أن العدل أحد أسماء الله تعالى وبه قامت السماوات والأرض، وقد ذُكر العدل في القرآن الكريم في أكثر من 20 آية ، منوها بأن العدل هو الميزان الذي يزن الأمور كلها، والعدل يستلزم الانصاف والمروءة والترفع عن صغائر الأمور وقد أمر الله به عباده في قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
وأشار إلى أن العدل في الآية كما يقول علماء التفسير هو الإنصاف بين الناس والتعامل معهم باعتدال لا ميل فيه، وقد وصفت هذه الآية بأنها أجمع آية في كتاب الله للخير والشر، كما قال عنها القاضي البيضاوي، أحد عمالقة علم التفسير "لو لم يكن في القرآن غير هذه الآية لصدق عنه أنه تبيان لكل شئ ورحمة للعالمين"، لما اشتملت على الأمر بالعدل والإحسان وصلة القربي والنهي عن الفحشاء.
وأكد أن العدل أول الأركان في استقرار الحياة وانضباطها على شريعة الله، ومن هنا قيل"العدل أساس الملك" كما أمر الله نبيه أن يلتزم جادة العدل في معاملة الناس، وذلك في قوله تعالى"فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ".
وتابع: ويلفت نظر المتأمل في القرآن الكريم الحرص الشديد على إقامة العدل في المواطن التى يصعب فيها عادة على المرء أن يلتزم الوسط فيما يفعل أو يقول وأصعب هذه المواطن هو واجب العدل مع الأعداء والأولياء والقريب والبعيد على قدم المساواة فيقول الله "وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
وأكد على أن الله ساوى في إقامة العدل بين الأغنياء والفقراء فيقول "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" منوها أن الله نهى المؤمنين أن يحملهم كرههم وبغضهم على بعض الناس أو أن ينحرفوا عن العدل في المعاملة معهم.