اللهم بلغنا ليلة القدر.. هي ليلة من الليالي العشر الأخيرة منشهر رمضان المبارك،وليلة القدرهي غير محددة بليلة معينة إذ ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخر، والتَمِسوها في كُلِ وِتْر ، اختصها الله تعالى بشأنٍ عظيم؛ فأنزلَ القرآن الكريم فيها في مرحلةٍ من مراحل نزوله.
من علاماتليلة القدرطلوع الشمس دون شعاعٍ في صباح اليوم التالي لها؛ فقد ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: (وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ اعتدال الجوّ فيها؛ فلا يُوصف بالحرارة، أو البرودة؛ إذ رُوِي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ) النقاء والصفاء؛ فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: (أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ) نزول الملائكة أفواجًا؛ فقد قال -تعالى-: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ)،ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى).
قراءة القرآن فيليلة القدريستحَب للمسلم تلاوة آيات القرآن الكريم وترتيلها في شهر رمضان، ولا يُشترَط خَتمه كاملًا في تلك الليلة، إلّا أنّه ينال أجرًا عظيمًا، وفضلًا كبيرًا إن خَتمه؛ فالقيام لا يقتصر على الصلاة، بل يكون بأداء مختلف أنواع العبادات، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
علامات ليلة القَدر الصحيحةذكر العُلماء العديد من العلامات التي تكون فيليلة القدر، ومن هذه العلامات ما يأتي: تكون السماء فيها صافية ساكنة، ويكون الجوّ فيها معتدلًا؛ غير بارد ولا حارّ، وتخرج الشمس في صباحها من غير شُعاع تُشبه القمر في ليلة البدر؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أنَّهَا تَطْلُعُ يَومَئذٍ، لا شُعَاعَ لَهَا والشُّعاع هو: الضوء الذي يُرى عند بداية خروجها، ويكون كالحبال، أو القضبان التي تُقبل إلى الشخص الذي ينظر إليها تمتاز بالسكينة والطمأنينة، وراحة القلب، ونشاطه لأداء الطاعة، وتلذُّذه بالعبادة أكثر من الليالي الأخرى؛ وذلك بسبب تنزُّل الملائكة بالسكينة على العباد، قال -تعالى-: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) وهي ليلة لا يُرمى فيها بنجم؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليلةُ القدرِ ليلةٌ بَلْجَةٌ ، لَا حارَّةٌ ولَا بَارِدَةٌ ، ولَا سَحابَ فِيها ، ولَا مَطَرٌ ، ولَا ريحٌ ، ولَا يُرْمَى فيها بِنَجْمٍ).
وتكون في ليلة من ليالي الوتر في رمضان، في العشر الأواخر منه؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَقَدْ رَأَيْتُ هذِه اللَّيْلَةَ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في كُلِّ وِتْرٍ) ويشعر بها المؤمنون بشعور داخليّ، وذلك بما يُنعم الله عليهم من نشاط في هذه الليلة، علما أن أفضل ما يدعو به المسلم في هذه الليلة إن شعر بها هو قول: "اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي"؛ لِما رُوي عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّها سألت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقالت: (يا رسولَ اللهِ، أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي).
وتعتبر ليلة القدر، إحدى أهم الليالي في العام لدى المسلمين في كل أماكن تواجدهم، ففيها نزلالقرآن الكريمعلى سيدنا محمد، كما جاء في سورة القدر، وفيها تنزل الملائكة بالرحمة حتى مطلع الفجر، وكذلك هي ليلة خير من ألف شهر.
فضل ليلة القدر ليلة القدر ليلة مباركة وعظيمة، ومليئة بالثواب والأجر الكبير في ميزان الحسنات، كما أنزل الله سبحانه تعالى القرآن فيها، قال تعالى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ويكتب الله فيها للناس أرزاقهم وآجالهم خلال العام، ويكثر فيها النجاة من العذاب وتحبس الشياطين وتنزل فيها الملائكة والرحمة الى الأرض قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}.
سبب تسمية ليلة القدر سبب تسمية القدر بهذا الاسم اختلف العُلماء في سبب تسميةليلة القدربهذا الاسم، وبيان آرائهم فيما يأتي: القَدْر من العظمة؛ فهي ليلة عظيمة. القَدْر من الضيق؛ فهي ليلة تُصبح فيها الأرض ضيّقة؛ لكثرة ما فيها من الملائكة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى".
اقرأ أيضًا:
إن الدعاء من الأعمال العظيمة التي يؤديها المسلم في العشر الأواخر من رمضان، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإكثار من الدعاء بقول: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، فقد رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قال: (يا رسولَ اللَّهِ، أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ ما أدعو؟ قالَ: تقولينَ: اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي)، ويستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء في هذه الليالي العظيمة بما أحب من الدعاء، وخاصة الأدعية المأثورة والجامعة، وفيما يأتي ذكر مجموعة من الأدعية المأثورة عن النبي المصفى صلى الله عليه وسلم: (اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي).
اقرأ أيضًا: