علي جمعة: الله أخبر سيدنا موسى بفتنة السامري
علي جمعة: بني إسرائيل كانوا متخوفين من دخول الأراضي المقدسة
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الاعتكاف والخلوة والبعد عن النوم وقلة الطعام وقلة الكلام من سُنن الأنبياء، وفي بعض الأحيان يستشعر النبي الأُنس بالله ويريد أن يغلق باب الخلق وأن يكون منفردا مع ربه، وتلك هي حقيقة الاعتكاف أو الخلوة موضحا أنّ الاعتكاف جزء من العبادة.
وأضاف جمعة، خلال برنامج "مصر أرض الأنبياء" على الفضائية الأولى، أن سيدنا موسى كانت تصرفاته كلها تشير إلى الوحي، فأوحى الله له لما رأى اشتياقه لهذه الخلوة والأُنس بالله سبحانه وتعالى، فأذن له ذلك في شهر أول القعدة "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً"، ثم قال "وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ"، فتم ميقات ربه 40 ليلة أي 10 ذي الحجة، موضحا أنّ 10 ذي الحجة هو عيد الأضحى، كما أنّ 10 ذي الحجة هو اليوم الذي أتم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم دينه.
وأوضح أنّ سيدنا موسى قد يكون هذا المعنى ينطبق في حقه أتم كونه كليم الله تكليما، ولذلك لما سأل الله موسى "وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى"، قال "هِيَ عَصَايَ" كان هذا الرد كاف، ولكنه قال "هيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى"، فتساءل العلماء لِما فعل سيدنا موسى هذا فقالوا لمعنى طول الأُنس بالحديث مع الله.
وقال إن بني إسرائيل كانوا متخوفين من دخول الأراضي المقدسة "قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ وذلك بسبب العماليق، موضحًا أن العماليق كان طولهم من 190-197 سم، منوهًا بأن تخوفهم المبالغ فيه وهذا الغباء كان سببًا في حكم الله عليهم أن يتيهون في الأرض 40 سنة.
وأوضح جمعة، أنه في الغالب أن منطقة عيون موسى الموجودة بطريق رأس سدر هي عيون المياه التي فجرها سيدنا موسى، وتوارث الأجيال أنها هي عيون موسى، وأبحاث حفريات أهل الكتاب تقول إنها عيون موسى، وكانت هذه المنطقة بداية التيه لمدة 40 سنة لبني إسرائيل.
وأشار إلى أن تخوف بني اسرائيل المبالغ فيه كان سببًا في حكم الله عليهم أن يتيهون في الأرض 40 سنة، لافتًا إلى أن حالة بني إسرائيل المتردية سببها أنهم لا يريدوا أن يقاتلوا في سبيل الله، وكان من بينهم 2 يدعوا يوشع بن نون، وكليبه، مع سيدنا موسى وهارون، فقال سيدنا موسى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ.
ونوه بأن بني إسرائيل كانوا أميون لم يتعلموا وليس هناك تعليم ولا تربية وهناك تأثر سلبي بالجوار، وهذا الذي دفعهم أن يطلبوا من موسى: "قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ".
وذكر عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن مطالبة سيدنا موسى لرؤية الله سبحانه وتعالى، يؤكد لنا مسألة عقائدية وهو أننا نرى الله يوم القيامة، وأّن الله يستحيل أن نراه في الدنيا والآخرة، فلما سأل موسى ربه "ربي أرني أنظر إليك"، تبين لنا عقائديا أنّه يجوز أن نرى الله ولكن ليس في الدنيا.
وأوضح أن الله استجاب لموسى مستشهدا بقوله تعالى " وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا، موضحا أنّ معنى كلمة صعق تعني أنه تكهرب، كالصعق بالكهرباء، والجبل صار ترابا.
وقال ، إنّ الله سبحانه عندما أخبر سيدنا موسى بفتنة السامري كان نوعا من التهيئة، ولا يريد أن يتأثر بالسلب من تلك المصيبة وهي الشرك، إذ أخبره الله: "فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ".
وأوضح جمعة خلال برنامج مصر أرض الأنبياء، أنّ المقصود بقوله تعالى "فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا" أي أنّه قدر، والسامري هو أداة هذا القدر فأراد الله إخبار سيدنا موسى بالواقعة ليذكره بالقضاء والقدر والتخفيف عنه.