لن نظل بانتظار ظهور مسؤول وإطلالته علينا ليقرأ ما أوتى من إجراءات جديدة بشأن التعامل مع جائحة كورونا، وطالما أعلنتها الحكومة صراحة أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المواطن فى مواجهة الفيروس، فعليها أيضا أن تستمع إلي ما يقول.
وهنا أوجه كلماتي إليها كمواطن أعيش مع أهلي وبني وطني الأزمة كل لحظة، وأن أضع تخوفاتي ومقترحاتي أيضا أمام دولة رئيس الوزراء ومن معه، وهم ليسوا ببعيدين عن متابعة أحوالنا، بل ولا يمكن اختصار ظهورهم فى بيان أسبوعي أو نصف شهري؛ مع تقرير يومي لوزارة الصحة برصد حالات الإصابة وأعداد الوفيات.
صراحة؛ نحن بجاجة إلى حالة تعبئة شاملة، بحاجة إلى إعلام تعبوي يكون جزءا من إدارة الأزمة، رسالته توعوية وليست دعائية، تتصدر فيها وجوه متعقلة المشهد ولا تصرخ بوجه مريض أو مصاب محتمل أو تغيب حقائق لا تنكرها الحكومة ذاتها.
بحاجة أيضا؛ إلى إدراك خطورة تفكير كل وزارة على حدةا وعمل كل وزير بأسلوب العزلة والاكتفاء، ولدينا من الوزراء التكنوقراط والمحافظين "الإدارجية" من يمكنهم تطبيق خطط واضحة بشأن الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة جائحة كورونا، كما أن قوة أجهزة الأمن تستطيع بتعاون شعبي ومدني تطبيق حظر التجول؛ سواء الجزئي أو الذي نرجوه كاملا ولو مؤقتا.
طاقة الاستيعاب لمستشفيات العزل ستبلغ أعلاها متى بلغنا ذروة الفيروس وهو أمر فى ذهن الحكومة، ولا أفهم كيف لم تفكر وزارة التربية والتعليم وهى التى تخطط لمنظومة التعليم عن بعد بالتأكيد؛ فى تقديم مقترح باستغلال المدارس المغلقة كأماكن عزل أو حجر، وبالتالي مناقشة إعادة توجيه ميزانيات الإنفاق بما يدعم قدرة مؤسسات الدولة فى هذه الحرب ضد عدو مجهول.
وزارة العدل؛ هل فكر القائمون عليها فى تسهيل إجراءات التقاضي وإنهاء المنازعات وطلب تعديلات تشريعية للفصل فى دعاوى معطلة، بينما تتردد الأنباء هنا أو هناك عن غلق محكمة وتهديد حياة قضاة وموظفين وشرطيين ومواطنين ومحامين ومتهمين أيضا، والحلول التقنية حاضرة أمامهم بالتأكيد.
الصورة لا يغيب عنها وزراء الصناعة والتجارة والزراعة والري وهم قائمون على حقائب أساسية فى بناء أعمدة اقتصاد الدولة كله، ونواته الأيدي العاملة وليس رجال الأعمال ورءوس أموالهم فقط، مع ملاحظة أن الأقاليم التى تركزت فيها نسبة ٨٠ % من الاستثمارات خلال عهد مبارك؛ هى ذاتها نفس المحافظات التى تتعاظم بها حالات الإصابة بالفيروس؛ ولا يزيد عليها سوى المحرومة منذ عقود من التنمية وتحتاج إلى خلخلة عمرانية وتوسعات فى ظهيرها الصحراوي باستثمارات جديدة فى أنشطة متنوعة.
مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات التنموية والمجتمعية، لم يعد مقبولا أن تستمر وسيطا بين غني وبسطاء؛ تتلقى التبرعات وتعيد توزيعها بدراسة احتياجات من يلجأ إليها، وفى ظني أن دراسة وزيرة التضامن الاجتماعي لحالة أغلبها الآن وتقييم أدائها؛ ربما يبين مدى الحاجة لإصلاحها وإعادة النظر بخططها المستقبلية؛ إن وجدت.
مجلس المحافظين تحت إشراف رئيس الوزراء؛ عليه تبنى مشروعات اقتصادية تعاونية وتشجيعها وتيسير ظهورها وتشجيع الأفراد على المساهمة فيها بشكل يتفق والدستور ويتماشي والتزامات خطط الدولة به، فمن من غير المنطقى تحميل ميزانية الدولة أكثر مما تحتمل ونضطر للإستدانة، والاتحادات التعاونية عليها الحضور مجددا إلى المشهد.
النقابات المهنية والعمالية؛ مطالبة بدراسة حالة لأعضائها والطوائف الحرفية التابعة لها وتقديم تصورات وخطط لحلول جديدة لأزمات مهنهم وحرفهم، قبل البدء فى مناقشة موسعة مع أجهزة الدولة لتأهيلهم وحماية حقوقهم؛ وحرياتهم أيضا.
البرلمان؛ ليس مطلوبا من نوابه فى المرحلة الحالية تطبيق سياسة التعامل بالقطعة مع إجراءات الأجهزة التنفيذية؛ داخل حدود دوائرهم بالأخص، وعليهم مراجعة مواقفهم من الالتزام بالدور الرقابي وتشجيع وتفعيل الرقابة الشعبية "الذاتية" على الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية والوقائية من قبل المحليات والمواطنين على حد سواء.
وهكذا الحال نطالب به كافة الهيئات والوزارات والأجهزة المسؤولة، فلا تنقصنا شجاعة معلنة فى مواجهة الموقف؛ فهى حرب حقيقية الأسلحة فيها غير تقليدية، لكن تنقصنا تطوير كفاءاتنا فى إدارة كل مرحلة بها، وتأهيل كل من أهملناهم حتى جاءت لحظة المواجهة مع عدو غامض، وكل حرب تحتاج إلى تعبئة شاملة.