قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إنسحرة فرعون لميوقعوا أن سيدنا موسى سيفعل ما فعل وأنه سيفوز عليهم، مبينًا حديثهم معه كما جاء في سورة طه: «قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ »، ( الآيات 65: 96).
وأوضح «جمعة» خلال برنامجه « مصر أرض الأنبياء»، مع الإعلامي عمرو خليل، على قناة مصر الأولى، اليوم الأحد، أن الغريب والعجيب على مر الزمان عدم تولى السحرة لمقاليد الحكم ، وهذا ما يتضح من قوله - تعالى- في آخر الآية 69 من سورة طه: «وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ».
وأشار عضو هيئة كبار العلماءأنه يقال بأن سحرة فرعون كان يبلغون ٣٠ ألف أو يزيدون ويقال أنهم ٧٠٠ ألف بالطلبة والأستاتذة، وأتوا من الفارما ببورسعيد لأنها عاصمة السحر، كما أن عاصمة القرآن في مصر طنطا، وحدثت المناظرة الثانية في الإسكندرية، فقامفرعون بتجميع ٣٠ ألف ساحر لمواجهة سيدنا موسي- عليه السلام-، وقال لهم: « قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى»، ( سورة طه: الآية 59)، مؤكدًا أن الآيات التي أتي بها موسي لم تكن بسيطة على فرعون، فكان هذا رده فعله.
ونبه المفتي السابق، في بداية الحلقة أنكليم الله موسى كان قائدًا بكل معاني الكلمة، تحمل مسؤولية بني إسرائيل من الوهلة الأولى بعد تكليف الله له بالرسالة والنبوبة وتأيده بالمعجزات والبراهين والأدلة، وتحمل غطرسة فرعون وجبروته ووقف صلبًا قويًا مدافع عن قومه وشعبه، وتحمل مسؤولية سحرة بني إسرائيل عندما ءامنوا به وهددهم فرعون، كما تحمل مسؤولية قومه في التيه لسنوات عديدة بلغت الأربعين.
وأضافالدكتور على جمعة، في الحلقة السابقة، أن الغرض الأساسى من رجوع موسى - عليه السلام- وتوجهه وأخيه هارون لفرعون هو إخراج بني إسرائيل وعودتهم إلى ديارهم، وليس دعوة المصريين؛ لذا ذهب إلى فرعون لياخذ التصريح بالعودة.
وبين « جمعة» أن بني إسرائيل في عصر فرعون وبعدما حدث مع سيدنا موسى - عليه السلام- من قصة قتل المصرى استشعروا الذلة والمهانة من ناحية والخطورة من ناحية أخرى؛ فقرروا الرحيل لكن فرعون لم يكن راضيًا عن هذا الرحيل، فاردا أن يظل في مصر ويخدموها بما تعلموا فيها.
وتابع عضو هيئة كبار العلماء أن فكرة الدعوة إلي العالمية لم تكن إلا مع سيدنا محمد - صلى اللله عليه وسلم- مستشهدًا بقوله - تعالى-: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، ( سورة الأنبياء: الآية 107)، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: « كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».
ونوه المفتي السابق إلى أنه من الطبيعي أن يتم الخوف من فرعون، فهو أظهر لبني إسرائيل العداء، فكان يذبح أبناءهم، ويستحي نساءهم، وكان معروفا عنه الطغيان، فيخشي من مثله، لافتًا: أن هناك شائعة انتشرت بين بني إسرائيل عن فرعون أنه لا يموت واستمع بها موسى واخوه هارون - عليه السلام- منذ صغرهم، وساعد عليها أن الله أمد في عمره، لدرجة أنه يقال إن هامان وحده خدمه 100 سنة.
وأفاد أن موسى - عيه السلام- عندما عاد رجع كانت هيئته تغيرت، فيوجد قرائن تدل أنه موسى ولكن ليسوا متأكدين، وهو في ذلك الوقت صادر عليه حكم بالإعدام لقلته المصرى، وعلى الرغم من ذلك كان لا يخشي الإقتراب من قصر فرعون لإختراق هذا الحصار، وكان تحدى موسى - عليه السلام- لفرعون في الحادثة الشهيرة في منطقة واسعة مما نسميه الآن الوجه البحري وجزءا من بدايات الصعيد، لأن الصف وميت رهينة وهي منف القديمة وفيها كان قصر فرعون الذي قال بأن مصر جميعًا له والأنهار من تحته، وهذا يعني أنه كان يتنقل في أكثر من مكان.
وأكد أن جدية موسى - عليه السلام- جعلته يتصف بصفات كثيرة منها صفة التحدى، فتحدى فرعون في قوته وسطوته وملكه وجبروته، كما تحدى السحرة عندما جمعهم فرعون واستعان بعلمائهم وخبرائهم فاستعان موسى بالله، وتحدى قارون عندما كان في سطوته ونفوذه وماله ورجاله ودعا الله عليه فاستجاب له وخسف بقارون وبداره الأرض.