يعد شيخ المبتهلين وأكبرهم سنا ومكانة، كروان الصعيد صاحب الصوت العذب "المبتهل الشيخ سلامة الريدي"، ابن مركز إهناسيا بمحافظة بني سويف، والذي تربع فى السنوات الأخيرة على عرش فن الابتهال الديني، فقد منحه الله صوتا جميلا وكأن الله أراد أن يعوضه عن فقده نعمة البصر وهو فى الرابعة من عمره، فحفظ القرآن الكريم بكتّاب القرية وذاع صيته في مركز إهناسيا، بل وفي محافظة بني سويف ومصر أجمع.
"صدى البلد" تواصل والقارئ المبتهل الشيخ سلامة الريدي ليحدثنا عن تجربته مع الابتهال الديني والصعوبات التى واجهته فى بداية حياته.
يقول سلامة الريدي، 80 عاما: "ولدت في أسرة متوسطة الحال مكونة من 7 أبناء، 3 على قيد الحياة و3 توفوا إلى رحمة الله، وأصبت منذ الصغر بفقد نعمة البصر حيث كنت مع والدتي في السوق وشاهدتني سيدة وحسدتني لأن عيني كانت خضراء وشعري أصفر كما وصفت لي والدتي، وما إن وصلت للمنزل حتى فقدت بصري وكان عمري 4 سنوات".
ويضيف: "بعد أن كبرت كانت أسرتي ترسلنى لحفظ القرآن بكتّاب على يد الشيخ تمام علي، رحمة الله، لأن فاقد البصر مثلى ليس له مهنة يعمل بها سوى أن يحفظ القرآن، وأتممت حفظ كتاب الله فى سن 12 عاما، وبعدها واصلت أحكام القراءة والتجويد على يد الشيخ أبو المجد بقرية العواونة التابعة للمركز".
ويتابع "الريدي": "عندما بلغت سن 15 عاما، لازمت الشيخ أبو المجد وبدأ يأخذنى معه لقراءة القرآن فى المآتم، حيث أعجب بصوتي، وأول عزاء قرأت به كان بقرية "شرهي التابعة لمركز إهناسيا المدينة" عام 1955، وكنت حينئذ وحدي دون شيخي، فلما سمعني قراء القرية بعد ختامي للسورة أخذني أحدهم على جانب وقال مهددا: "رّوح علي بيتكم"، خوفا على رزقهم، خاصة بعدما وجدت قراءتي قبولا من المعزين وأهل القرية ووجد صوتي استحسانا منهم، وحصلت على "ربع جنيه" كأجر يومي لي ومشيت بالفعل وكانت الـ25 قرشا لها فرحة كبيرة، ثم بدأت أحصل على 50 قرشا ثم جنيه ثم جنيهين إلى أن وصل أجرى إلى 5 جنيهات".
ويكمل الشيخ: "حصلت على إجازة من معهد القراءات الذي أفادني كثيرا في حياتي العملية".
واستطرد: "تقدمت للإذاعة 3مرات وكانوا يعطونني مهلة عام كل مرة، ففي عام 1967 تقدمت للامتحان في الإذاعة، وفي عامي 68 و70 إلى أن عقدت العزم على عدم التقدم مرة أخرى، وفي ذات مرة وكان عمري "58 عاما "كنت أقرأ في مأتم بإحدى القرى المجاورة والتابعة لمدينة إهناسيا وهي قرية "المسيد"، وكان العزاء في والد مدير البرامج الدينية بالإذاعة "فوزي عوض الله"، وما إن سمع صوتي حتى ذهب إليّ وطلب مني التقدم من الغد لامتحان الإذاعة كمبتهل، وتم اعتمادي من بين 26 ممتحنا حينذاك ومن أول مرة دون تأجيل".
ويقول الشيخ سلامة الريدى: "تأثرت كثيرا برواد الابتهال الديني أمثال الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ محمد عمران، وأحب أردد أنشودة "يا سامع الصوت" الخاصة به.
اقرأ أيضا|زكاة الفطر.. علي جمعة يوضح الحكمة منها وهل تخرج طعاما أم نقودا
ويصف الابتهال الديني، بأنه فن مصرى أصيل عرفه المصريون منذ مئات السنين، فقد كان الابتهال موجودا منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك فرقا بين الابتهال والإنشاد الدينى، حيث إن الابتهال هو مدح فى الذات الإلهية والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، بينما الإنشاد الدينى يكون مصحوبا بآلات موسيقية، والابتهالات أو الإنشاد الدينى موهبة من الله تعالى تصقل بالدراسة الموسيقية، حيث تتطلب معرفة المقامات، كما أن الابتهال يكون دون آلات موسيقية، ويعتمد على التنوع فى مخاطبة الناس من خلال مقطوعات من الشعر قصيرة، بينما يصاحب الإنشاد الآلات الموسيقية، ويكون بقصيدة شعرية كاملة.
ويتذكر الشيخ أصعب لحظات مرت بحياته وبكى بسببها، وهي لحظة وفاة ابنه محمد عام 1985 ويقول: "كان وقتها "فرحان" بنتيجته في الثانوية العامة وكنا نوزع الشربات في الصباح، وأقمنا العزاء بالليل لتعرضه وهو يقف أمام المنزل مع مهنئيه لحادث سيارة أودي بحياته في الحال،والمرة الثانية التي بكيت فيها، لحظة اعتمادي رسميا مبتهلا بإذاعة القرآن الكريم".
وعن حياته الشخصية والأسرية يقول الشيخ سلامة الريدي: "تزوجت مرتين عام 1960 وعام 1970، ولدي 10 أبناء جميعهم حاصلون على مؤهلات عليا وفوق العليا دراسات ودكتوراه منهم 3 بنين و7 بنات".
وعن رمضان هذا العام يقول الشيخ سلامة الريدى: "قبل فيروس كورونا، وفي الأعوام السابقة كنت أقدم ابتهالات من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وينقلها التلفزيون المصري على الهواء مباشرة أنا وزملائي من القراء، لكن هذا العام حرمنا جميعا من هذه العادة التي كنا ننتظرها من العام للعام، ونتمنى من الله أن يزيل الغمة ويكشفها ويحمي مصر إنه على ذلك لقدير".