قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

«طواغيت منسي»!

×

ملحمة "الاختيار"، حرب نفسية فكرية معنوية، أتمنى أن نبنى عليها، وألا تكون مبادرة عابرة وتنتهى، فهذا النجاح والتأثير المجتمعى لا يمكن خسارته مرة أخرى في معركة الوعى وعملية غسيل المخ الإيجابي، التى دعوت لها كثيرا ، وأثبتت نجاحها فور تنفيذ بعض محاورها، فما بالكم بتنفيذها كلها بأبعادها التعليمية والتثقيفية والدينية والإعلامية.

يكفي أن البسطاء وحتى من كانوا يستميلونهم الإرهابيون بألاعيبهم وأكاذيبهم تكشفوا الحقائق، وظهرت لهم الأمور جلية، بل حتى الأطفال أصبحوا شغوفين بمتابعة "الاختيار"، ويتذكرون مواعيد عرضه، وبعضهم يشاهده وهم يرتدون الزى العسكرى، ولدى أصدقاء عرب، طلب منهم أبناؤهم ملابس الجيش المصري بدلا من ملابس العيد!!! وهذا حدث استثنائي نشدد على ضرورة البناء عليه، في وقت تميل بعض المجتمعات العربية لدعاوى صهيونية خطيرة جدا، سنجنى كلنا ثمارها العفنة.

ومن المفارقات أن كلمة "طواغيت" التى يطلقها التكفيريون الإرهابيون علينا وعلى جيشنا، تحولت "لألشة" كأداة ساخرة من المصريين على الفكر المتسلف الإرهابي، وتبلورت قوة هذا المسلسل العنقودى في هذا المثال وغيره، فتحول الأمر لحالة اجتماعية تجمع الجبهة الداخلية وراء منظومة جيشنا ودولتنا، وتنعى عمليا كل الشهداء الذين ضحوا بكل غالٍ لنحى ونعيش في أمان، فالقصة ليست منسيا فقط.

ومن هذا المنطلق كان طبيعيا أن يحترق الإرهابيون وممولوهم وأعوانهم غضبا ويخططون لما يعتبرونهم انتقاما يفضحهم أكثر وأكثر، فكانت للأسف عملية بئر العبد الإرهابية، التى ردد فيها الإرهابيون لفظة يا "طواغيت منسي"، وكأنهم استهدفوا منسي "شخصيا" في عملية "البرث"، واستهدفوه "مسلسلا" في عملية "بئر العبد".

رحم الله شهداءنا، لكن العملية في حد ذاتها كانت نصرا جديدا لنا، يكشف الأهداف الخبيثة للإرهابيين، وتفضحهم أمام المخدوعين فيهم، أو الذين يحاولون استمالتهم.

وأرسل "الاختيار" رسائل واجبة لأهالينا في سيناء تقدر جدا وطنيتهم وتحملهم المعاناة من أجلنا كلنا، لكن يجب في المقابل ألا نتجاهل أن كل مجموعة بها الوطنى والخبيث، وللأسف هناك بيئات حاضنة وحامية للإرهابيين، كما أن هناك وطنيين ومخلصين ويدفعون حياتهم من أجل مصر وجيشها، ومنهم من دفع حياته بتصفيته من الإرهابيين لمجرد أنه ينقل المياه لمعسكرات الجيش والأمن.

لكن هناك أيضا خونة متعاونون يلفظهم المشايخ وأجيال الوسط، بعدما روجت المجموعات التى نشرها الإخوان بسيناء للفكر الجهادى التكفيرى الإرهابي في شمال سيناء، والخوف من فكرة توطينه، لأن هناك أطفالا متعاونين، ونساء يجلسن على القنابل وقت المداهمات حتى يخفونها، لأنهن يعرفن أن الجيش والشرطة لا يقتربوا من النساء والأطفال والمشايخ، ومن هناك ينبع الخطر.

ومن النقاط المهمة جدا، التى توقفت أمامها كثيرا في "الاختيار"، أنه يكشف عن اتجاه جديد فى الفكر التوثيقي للدولة المصرية بسقف عالٍ من حرية النقاش والمواجهة المباشرة، فبعد مشهد السنترال الشهير في فيلم "الممر"، جاءنا خط مباشر في مسلسل "الاختيار" حول فكرة اختراق الجيش من جانب أدمغة متطرفة، على شاكلة عماد وهشام، وآلية التخلص منها، وهل هناك ارتباط بين أمثال هؤلاء وتنظيم الكلية الحربية الشهير ومجموعة الإسلامبولى الذين اغتالوا الزعيم الشهيد السادات، هذا كله من خلال حوار متفتح بين منسي وقائده، بخلاف المواجهات الفكرية بين منسي وهشام، في توجه له كل التقدير، على خطورة إسقاطاته في تصور البعض، فكانت هذه المكاشفة وكأنها لغم ينفجر في كل محاولات الفتن المعقدة من كل الأطراف ، دون الدخول في تفاصيل أكثر.

وعموما فإنه في الوقت الذي كانت تنهار فيه دول وجيوش حولنا، كانت مصر وجيشها ناصبين هامتهما في مواجهة التحديات، رغم أن الخائن مرسي وجماعته الإرهابية الأممية أدخلوا لسيناء آلاف الإرهابيين التكفيريين من كل الجنسيات بخلاف عفوهم عن حوالى ٢٥٠٠ إرهابيين كانوا في السجون، وتزامنا مع ظاهرة ميليشيات المسماة بالجيوش الحرة بالمنطقة كان لدينا فقط هشام وعماد، وهذه هى قوة الجيش المصري وشعبه.

بعد كل هذا المديح في ملحمة "الاختيار"، جاء وقت الاعتراف بأن المشروع كبير جدا على المؤلف "باهر دويدار" فالاختيار ليس كلبش، والأمر كان يتطلب أسماء مثل أ. وحيد حامد، خاصة أن باهر أشعر البعض من كثرة المقارنات الفكرية ذات الأبعاد الدينية، بين منسي وهشام، بأن هناك أمرا ما أو مشكلة في هذا السياق وكأننا على رأسنا بطحة!!!

الأزمة يا سادة فكرية بين شعب وجيشه من ناحية، وإرهابيون خوارج من ناحية أخرى، ولا يمكن أن أوجه المسلسل لمواجهة فكرية بين جيش نظامى وعناصر إرهابية، والخطورة هنا، أن هذا الخط يخدم الإرهابيين ويمنحهم قدرا أكبر من قدرهم في الصورة الذهنية العامة، ويجب الحذر كل الحذر من ذلك.

والأهم في المسلسل والواقع الآن، أن نركز في الجانب التحرياتى الاستباقي، فنحن عندما نركز فيه، تكون النتائج مبهرة، فخلال العامين الماضيين تراجعت مؤشرات العمليات بسبب الجهود الاستباقية وتثقيف الجنود بطبيعة الجماعات والبيئة المحيطة بهم، وهذا واضح جدا على المنسي ورسائله الإيجابية جدا في هذا السياق.

وللحديث بقية أكيد، لكنى أتمنى أن تتكامل كل معانى الوحدة والدعم وراء ملحمة منسي حتى النهاية، على بعض سلبياتها الفنية والفكرية، فلا يمكن مقارنة "الاختيار" بأى مسلسل، لأنه حرب معنوية من قبلنا على الإرهابيين وأعوانهم.. ولكم "الاختيار"!