حيث كان جامع عمرو بن العاص أول مركزا تعقد فيه حلقات الدرس في مصر خلال العصر الإسلاميو بذلك يكون قد سبق الجامع الأزهر في وظيفة التدريس، ولكن بينما كانت الدروس في جامع عمرو تعطى تطوعًا وتبرعًا، كانت الدروس بالجامع الأزهر بتكليف من الدولة يؤجر عليها العلماء والمدرسين ، فكان بذلك الأشبه بالمدارس والمعاهد النظامية اليوم، وكان مكان الدرس بجامع عمرو يسمى الزاوية، ويعرف في الجامع الأزهر باسم الحلقة.
وكانت أولى مدارس العهد الأيوبي هي المدرسة الناصرية التي أنشأت عام 566هـ لتدريس الفقه الشافعي، وأنشأ على مقربة منها المدرسة القمحية لتدريس الفقه المالكي، ثم توالى إنشاء المدارس في مصر والقاهرة على أيدي السلاطين والأمراء والأعيان وكثر بناؤها في القرنين السابع والثامن، وكان إنشاؤها في بادئ الأمر على أساس التخصص لمذهب فقهي معين أو لعلوم الحديث أو علوم القرآن وقليل منها أنشئ على قاعدة التعميم كالمدرسة الصالحية التي درس فيها المذاهب الأربعة وأنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 641هـ.
وخلال تلك الحقبة نافست تلك المدارس الأزهر بسبب أوقافها ورعاية السلاطين لها، فمر الأزهر بفترة ركود إلا أنه ظل بضم العدد الأكبر من الطلاب نظرًا لاتساع مجال الدراسة فيه وتنوعها بين سائر العلوم الدينية واللغوية وكونه مقصدًا للطلاب الغرباء من كل بلاد الإسلام.
و في عصر الدولة المملوكية ، فقد ازدهرت العمارة وأسست عدة مدارس كان هدفها الرئيسي العلوم الدينية بجانب بعض العلوم الأخرى ، ومن أبرز هذه المدارس ما يلي :
- المدرسة الظاهرية التي أنشئها الملك الظاهر بيبرس عام 662هـ
- المدرسة المنصورية التي بناها السلطان المنصور قلاوون عام 683هـ وألحق بها بيمارستان
- المدرسة الناصرية التي بدأ في بنائها الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري وأكملها بعد خلعه الملك الناصر محمد بن قلاوون وأتمها عام 703هـ
- المدرسة الطيبرسية وكانت ملحقة بالأزهر وأنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار عام 709هـ
- المدرسة الجاولية وأنشأها الأمير علم الدين سنجر الجاولي عام 723هـ
- المدرسة الجمالية وأنشأها الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الجمالي عام 730هـ
- المدرسة الأقبغاوية وكانت ملحقة بالأزهر وأنشأها الأمير علاء الدين أقبغا عبد الواحد عام 740هـ
- المدرسة الصرغتمشية الملاصقة لجامع ابن طولون وأنشأها الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري عام 757هـ
- مدرسة السلطان حسن وأنشأها السلطان حسن بن قلاوون عام 757 هـ
- المدرسة البرقوقية وأنشأها السلطان الظاهر سيف الدين برقوق عام 788هـ.
وخلال القرن الثامن الهجري تمتع الأزهر برعاية حكام الدولة المملوكية وكان نتاجه الفكري والعلمي في أزهى عصوره، وتبوأ علمائه مكانه رفيعه، وشغلوا مناصب القضاء العليا.
وبعد الفتح العربي واصل القبط حياتهم العادية واستمروا في تعليم أولادهم في كتاتيب القرى التابعة للكنيسة، وفي بداية تلك الحقبة بقي الأقباط يستخدمون اللغتين اليونانية والقبطية ويتعلمونها ، ومع ازدياد استخدام اللغة العربية مع انتشار الإسلام واتساع نطاق استخدامها بدأ المصريون في كتابة اللغة العربية بالحروف القبطية ، ثم أتقنوا كتابة الأحرف العربية وألفوا بها المؤلفات ، ومع ذلك بقيت اللغة القبطية مستخدمة لمدة طويلة واستخدمت في كتابتها الأحرف العربية.
وواصل القبط تعليم أولادهم بعد مرحلة الكتاتيب وتلمذتهم وكانوا كثيرًا ما يصوبون اهتمامهم نحو الفنون الدقيقة والصناعات الرفيعة وتعلم الحساب فكانوا كثيرًا ما يعينون في وظائف الكتاب والمحاسبين لكفاءتهم وإتقانهم أعمال تلك الوظائف من حساب المساحة الزراعية وغيره.