قات دار الإفتاء المصرية، إن خلق الحياء عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان له آفاق ومعاني لا تَخْلَق عن كثرة المواقف التي تكشف عن مدى عمق هذا الخلق في كيان سيد الخلق -عليه الصلاة والسلام-.
وأوضحت « الإفتاء» عبر بوابتها الإلكترونية الرسمية، أن مما قاله واصفوه فيما رواه الثقات من الرواة بالسند إلى أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال يصف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: « كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ»، متفق عليه.
وأضافت دار الإفتاء أنه روى عنالسيدة عائشة -رضي الله عنها- في بيانها شدة حياء النبي قولها: «كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟»، رواه أبو داود، لافتًا:في إجمال ما يروى عنه -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنه كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد، وأنه كان يكني عما اضطره الكلام إليه مما يكره.
ونبهت الإفتاء أنحياء الرسول -صلوات ربي عليه- يتجلي لنا في رحلة الإسراء عندما عُرج به إلى السماء وفُرضت الصلاة، فطلب منه سيدنا موسى -عليه السلام- أن يسأل الله التخفيف في الصلاة أكثر من مرة -والحديث طويل رواه أبو ذر رضي الله عنه-، فما كان من الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إلا أن قال: «اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي»، رواه البخاري.
وتابعت:أما عن حيائه من البشر: تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ امرأةً أتتِ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم-، فسأَلَته عن غُسلِ الحيضِ؟ فأمَرها أنْ تغتسلَ بماءٍ وسِدْرٍ، وتأخُذَ فِرْصَةً فتوضَّأَ بها وتَطَهَّرَ بها، قالت: كيف أتطهَّرُ بها؟ قال: «تطهَّري بها»، قالت: كيف أتطهَّرُ بها؟ فاستَتَر النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم -بيدِه وقال: «سُبْحَانَ اللهِ، اطَّهَّرِي بِهَا»، قالت عائشةُ -رضي الله عنها-: فاجتذَبْتُ المرأةَ وقُلْتُ: تتبَّعينَ بها أثرَ الدَّمِ، رواه ابن حبان.
وواصلت:ومن صور حيائه -صلى الله عليه وآله وسلم- عدم الطلب بخروج المدعويين إلى وليمة زواجه بعد انتهائهم من الطعام، حتى أنزل الله في ذلك وحي؛ فقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بُنِيَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بزينب ابنة جحش رضي الله عنها بخبز ولحم، فأُرْسِلتُ على الطَّعام داعيًا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثمَّ يجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدًا أدعوه، فقلت: يا رسول الله، ما أجد أحدًا أدعوه؛ قال: «ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ»، وبقي ثلاثة رهط يتحدَّثون في البيت..
وأكملت الحديث: فخرج النَّبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- فانطلق إلى حجرة عائشة -رضي الله عنها-، فقال: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ»، قالت: وعليك السَّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك يا رسول الله؟ بارك الله لك، فَتَقَرَّى حُجَرَ نسائه كلِّهنَّ، يقول لهنَّ كما يقول لعائشة رضي الله عنها، ويقلن له كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها، ثمَّ رجع النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدَّثون، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شديد الحَيَاء، فخرج منطلقًا نحو حُجْرة عائشة، فما أدري أخبرته أم أُخْبِر أنَّ القوم خرجوا، فرجع، حتى إذا وضع رجله في أُسكفَّة الباب داخله والأخرى خارجة، أرخى السِّتر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب، رواه البخاري.
واختتمت دار الإفتاء قائلًا: «الحقيقة أن دلائل ومظاهر الحياء في حياة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -لا يحصيها العاد ولا يتسع مقام لذكرها جميعًا؛ فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-».