قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن امتحان الأنبياء يكون على مستوى عالي جدًا من البلاء والاختبار ويختلف عما يعتاده البشر، ولذا يقول بعض العلماء: " حسنات الأبرار سيئات المقربين"، لافتًا أن سيدنا يعقوب - عليه السلام- سأله رجل وقال: كيف حالك؟، فقال: ساء الزمان واضطرب الحال، فعوقب - رُبي- من أجل هذا وأوحى الله إليه وقال: " أتشكوني إلى غيري؟"، ومن هنا أصبح يقول كما جاء في قوله - تعالى-: " قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، ( سورة يوسف: الآية ٦٨).
وأضاف " جمعة " خلال برنامجه " مصر أرض الأنبياء "، مع الإعلامى عمرو خليل، على قناة مصر الأولى، أنه نظرًا لشكوى سيدنا يعقوب- عليه السلام- لغير الله في هذا الموقف عوقب بعدم اتصاله سيدنا يوسف- عليه السلام- به طيلة هذه المدة وكان هذا أيضًا لحكم أخرى لا يعلمها إلا الله، لافتًا: يتضح هذا عندما جاء يعقوب- عليه السلام- إلى مصر ووجد كثير من الأوراق عند سيدنا يوسف- عليه السلام- فسأله: لما لم ترسل لي مرسال طيلة هذه المدة رغم وجود الوسائل المتاحة، فأجابه يوسف - عليه السلام-: " منعني جبريل من ذلك، فسأل جبريل، فقال: أمرني الله بذلك، فسأل يعقوب - عليه السلام- ربه- عز وجل- في وقت تجلي معه عن السبب؛ فأجابه: " لأنك شكوتني إلى غيري.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن نستفاد من هذا الموقف ضرورة الرضا بما قضاه الله والتسليم به ورضا التام، فنجد أن العديد لا يرضي لما قسمه الله له مدرس كان أو معلمًا إن عاملًا أو عالمًا، مشيرًا: المجتمع يحتاج إلى الجميع لكي يستقيم، والرضا مطلوب من جميع البشر فكيف بالأنبياء.
وأشار الدكتور على جمعة، في بداية الحلقة أن حب يعقوب- عليه السلام- كان مفتاحًا لشخصيته ونبراصًا وضياء منيرًا للأجيال عبر العصور؛ فالحب منحة تعطى صفة الصبر على فراق يوسف لسنوات عديدة والحب منحة تعطى القدرة للعفو عن أبنائه بعدما كذبوا عليه اقترفوا هذا الذنب العظيم والحب منحة تعطي التسامح لأبنائه، فهو عطاء عظيم.
وأكد في حلقة سابقةأن قلب سيدنا يوسف - عليه السلام- اطمأن لله فاستطاع إدارة الأزمة بنجاح باهر وتجربة زاخرة اشتملت على كثير من المبادئ والنظريات الإقتصادية التي تعلمها البشر بعد ذلك، وأكدت هذه القصة أن النبي يوسف - عليه السلام- تمكن من تطويع الشعب بأكمله حتي الملك و حاشيته، فانطوي الجميع تحت لوائه في قيادة الأزمة؛ فكان نجاح باهر وعمل نافع مستمر برصيد أخلاقي كبير عند الله والناس.