الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حرب السكاكين في لبنان


تجددت التظاهرات في لبنان الأسبوع الماضي حيث إندلعت مواجهات دامية في طرابلس عاصمة الشمال اللبناني بين المتظاهرين وقوات الجيش اللبناني بعد حرق ثلاثة مصارف وحرق إطارات سيارات وقطع الطرق ورشق القوى الأمنية بالحجارة والتي ردت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.. وقتل متظاهر ثم انتقلت التظاهرات إلى صيدا والعاصمة بيروت التي شهدت تظاهرة كبيرة أمام مصرف لبنان تنديدًا بالسياسة المصرفية وتم إلقاء المولوتوف على المصرف وتكرر المشهد في البقاع والجنوب اللبناني مما أدى إلى إغلاق كل البنوك في طرابلس بسبب الغليان الشعبي بعد إصابة 81 عسكريًا والقبض على 20 متظاهرًا...

بداية ليعلم الجميع أن لبنان هو الآن في مفترق خطير جدًا وأن طرابلس لها خصوصية مهمة فهي عاصمة الثورة والحراك الشعبي الذي لم يتوقف لكن الناس كانت ملتزمة بالحظر المفروض بسبب فيروس كورونا.

وبالطبع لا أحد يدعو للعنف ولا للفوضى ولكنها مشاهد طبيعية بعد إجهاض ثورة 17 أكتوبر ومحاولات حزب الله شيطنتها إذ لا يمكن لهذا الحراك أن يستمر سلميًا بسبب الفقر المستشري وفي إعتقادي أن العنف الثوري الذي يجري الآن في لبنان سببه أن المواطنون كانوا يعتقدون أن الدولة اللبنانية يمكن إصلاحها وأن الحكومة يمكن أن تستجيب لمطالبهم ولكن بعد 170 يومًا من التظاهرات والتحركات والدخول في أزمة الكورونا وجدوا أن الساسة يفضلون مصالحهم الخاصة وإرتباطاتهم الإقليمية وكل يُلقي بالمسئولية على الآخر...

الناس لم يعودوا مقتنعين بالسلمية لأن النظام السياسي لا يهمه ما يحدث للناس... حكومة (حسان دياب) عجزت خلال ثلاث شهور عن القيام بأي شيء لذلك لجأت إلى إلقاء المسئولية على الآخرين... عجزت حتى على إتمام التعيينات القضائية أو التحقيق في قضايا الفساد بإستثناء بعض القضايا الإنتقائية والإنتقامية وذلك لأنها حكومة ولدت من رحم حكومة مستقيلة فقط حزب الله يغير لاعبيه ولبنان في أمس الحاجة إلى حكومة تكنوقراط وليس إلى حكومة موظفين لدى الطبقة السياسية التي لا هم لها سوى أن تتصارع على الوظائف والتفرغ للسجالات السياسية ومحاولة تسجيل نقاط ضد الآخر ولا يوجد أي نوع من الحرص على مطالب الشارع اللبناني بل استمروا في سياسة النكاية رغم كل الصعوبات والإفقار الكامل وحالة الجوع والبؤس والعوز 50% من اللبنانيين هم الآن تحت خط الفقر والبطالة تجاوزت الـ 60% - أحد السفراء الغربيين في لبنان قال نصًا:
أوقفوا حرب السكاكين في لبنان في إشارة إلى صراع القوى السياسية كما جاءهم تحذير من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قال فيه على السياسين أن يتوقفوا عن استخدام الشارع في تصفية الحسابات.

الناس وصلت لهذه المرحلة لأنها فقدت الأمل في الحياة بعد أن أدركت أن حسان دياب لا نية لديه بتحقيق إنفراجه لذلك نزلت الشارع مرة أخرى وهي تعلم أنها قد تواجه الإصابة بفيروس كورونا وهو وضع صعب جدًا لأن ردة فعل الشارع لم تقتصر على طرابلس وامتدت لمعظم المدن الأخرى وما يحدث هو مقدمة لفوضى في لبنان المستفيد الوحيد منها حاليًا هو حزب الله لكنه بكل تأكيد سيدفع ثمنها لاحقًا.. الحكومة وعدت الناس بمساعدات عينية لمواجهة أزمة فيروس كورونا ولم يحدث تركتهم يعانون وضع معيشي صعب ثم وضعت الجيش في مواجهة الشعب للتهرب من المسئولية.

وحتى الآن فإن إدارة الجيش بقيادة الجنرال (جوزيف عون) تعمل بدقة وموضوعية ربما لأنه يتفهم آلام الناس وأوجاعهم لبنان بلد غني ولكنه بلد منهوب والمشروع الإيراني هو المسئول الأول عن نهب المال اللبناني... ما يحدث هو نتيجة إلحاق لبنان بالمحور الإيراني... حزب الله جعل لبنان مجرد منصة لمشروع إقليمي هو المشروع الإيراني وهذه نتائج حتمية لسيطرة إيران على القرار في لبنان... من أوقف السياحة وتدفق الاستثمارات والمال العربي واتبع سياسة تدمير العلاقات العربية وتدخل في سوريا وفي اليمن؟ وسيطر على المعابر وعلى مطار بيروت الدولي وماله من أثار مدمرة على الاقتصاد؟

هناك 350 ألف لبناني يعملون في الخليج لماذا يتم التضحية بهم من أجل إيران؟ بلد بحجم لبنان لماذا يذهب نحو المزيد من المجهول من أجل إيران؟

أما بالنسبة لحرق المصارف فرئيس الحكومة يتحمل ما حدث في الشارع من حرق للمصارف لأنه من أشار بأصبع الاتهام نحو حاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) وصور للشعب اللبناني أنه هو المسئول عن كل هذا الإنهيار فهل حاكم مصرف لبنان هو من قاتل في سوريا؟ هل هو من جلب الإرهاب إلى لبنان؟ هل هو من أفقد الثقة بالبلد حتى أصبح يشهد اليوم إنهيار اقتصادي ومالي وسياسي لم يشهده حتى في أيام الحرب الأهلية والغريب أن رئيس الحكومة يقول أن هناك جهات تؤجج الشارع بالرغم من أنه هو من أجج الشارع ليلقي بالمسئولية على الآخرين وأيضًا لأنه وافق أن ينفذ معركة حزب الله مع النظام المالي في لبنان لينقض شيئًا فشيئًا على التركيبة اللبنانية...

إن حسن نصر الله هو من حرض على المصارف فلديه عداء كامل للمنظومة الإقتصادية ولحاكم مصرف لبنان على وجه الخصوص لأنه يعمل مع المنظومة الدولية وخاصة مع الولايات المتحدة في الالتزام بالعقوبات ويحذر المصارف من تحدي العقوبات حتى لا يذهب لبنان لمنزلق خطر لذلك أعطى الإشارة لدياب للإنقضاض على المصارف اللبنانية.. لبنان أصبح دولة مفلسة الدين العام هو الأخطر في العالم وهذا الوضع سيدفع الناس نحو الانهيار أو الإنتحار...

أما الخطة الإقتصادية التي أعلنتها الحكومة ومفادها أنها ستمضي في طلب برنامج من صندوق النقد الدولي فأمامها العديد من العقبات أهمها رفض جمعية المصارف اللبنانية الخطة أساس المحادثات لأنه لم يتم إستشارتها كما أنها تقوض الشارع اللبناني وتعيق الاستثمار إضافة إلى أن إجراءات الإيرادات والنفقات غامضة...

وبعيدًا عن جمعية المصارف هناك نقطتين أساسيتين أولهما كيف سيتعامل صندوق النقد مع حكومة تابعة لحزب الله وكيف يمكن لهذه الحكومة عقد مصالحة مع الدول العربية؟

ثانيًا: هل سيتم إطلاق يد رئيس الحكومة ليأخذ القرارات بنفسه؟ لأن القرار في يد حزب الله فهو من يمتلك عناصر القوة داخل الحكومة...

الناس تريد الأمل تريد تأمين لقمة العيش للجائع وحلول للفقر الذي أصبح في كثير من المناطق في لبنان لم يعد هناك طبقة ميسورة والحكومة لا تدرك ما يعانيه الشعب اللبناني فالقدرة الشرائية منعدمة بعد أن تضاعفت الأسعار ثلاث أضعاف حتى أن الكثير من محال الصرافة أغلقت أبوابها من سرعة التدهور وكذلك الكثير من المؤسسات التجارية.. 

الشعب اللبناني مهدد بالجوع وعلى وشك الإنفجار وهناك دعوات للتظاهر في كل المدن اللبنانية ولا يستطيع إنتظار مفاوضات مع صندوق النقد سوف تمتد أشهر بل يريد أن يشعر بخطوات جادة وسريعة والحل الآمني لن يفيد مع هذا الشعب الذي تحرك من أجل السيادة والكرامة وانتفض ضد طبقة ميليشياوية وحزب الله لن يستطيع إقتلاع الثورة لأنها سوف تقتلعه قبل الآخرين..

 بكل صدق المشهد مآساوي وفي طرابلس أكثر تعقيدًا حيث نسبة الفقر مرتفعة جدًا وعلى الحكومة اللبنانية إعادة ترتيب الأولويات والأخذ في الاعتبار حق الشعب اللبناني في حياة كريمة تؤمن حياته ودخله ومستقبله وإلا فإن الإفلاس والجوع قادمان إلى لبنان وهذا ما لا يتمناه أحد لهذا البلد الشقيق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط