أكد المؤشر العالمي للفتوى، أن فتاوى الطب والتداوي ارتفعت خلال شهرَي مارس وأبريل 2020 إلى 25% من بين مجالات الفتاوى المختلفة عالميًّا، وذلك بسبب ظهور جائحة كورونا (كوفيد – 19) واستباق المؤسسات الدينية والعلماء في إصدار الفتاوى الخاصة بالوباء العالمي.
وكشف مؤشر الإفتاء، أن الفتاوى الصحية المتعلقة بكورونا استأثرت بأكثر من 90% من إجمالي الفتاوى الطبية في العالم خلال الفترة المذكورة، مشيرًا إلى أن 45% منها ارتبطت بمرضى ومُصابي الفيروس، و40% تعلقت بالأطقم الطبية المعالجة للمصابين، في حين استأثرت نسبة 15% من الفتاوى الطبية الخاصة بكورونا بنصائح وتحذيرات للمجتمع بشكل عام.
وأورد المؤشر نماذج للفتاوى الخاصة بالمصابين والحاملين للفيروس، كان أكثرها تكرارًا في النطاقات الجغرافية (المحلية والخليجية والعربية) ما يلي: كيف يُغسّل ويكفّن من مات بالفيروس؟ وحكم حامل الفيروس الذي يخالف إجراءات الحجرالصحيفيالمنزل14يومًا؟ وحكم مَنيتعمدنقلالفيروس للآخرين؟ وكذلكحكم من علم بإصابته ثم أخفى ذلك على الجهات الصحية المختصة؟ وهل يجوز لمريض كورونا جمع الصلوات؟ وحُرمة تواجد مريض كورونا بالأماكن العامة.. إلخ.
وحول فتاوى الأطقم الطبية، أشار المؤشر إلى أن أكثرها ظهورًا: حكم جمع الصوات للأطقم الطبية المعالِجة لفيروس كورونا؟حكم التزام الطبيب المسلم في علاج المصابين بالفيروس؟ وهل يُقدّم الطبيب المريض المسلم على غيره في الرعاية أو العلاج؟،هل يمكن نزع آلة التنفس من عجوز مصاب بكورونا لإعطائها لشاب مصاب بالفيروس؟حكم علاج مريضين بكورونا أحدهما صغير السن والآخر مُسن.. أيهما يقدم على الآخر؟ وعلى أي أساس يحدد؟ وحكم رفض دفن الأطباء الذين أصيبوا بالفيروس جراء معالجة الآخرين؟.
كما أورد المؤشر بعض الرخص الشرعية الخاصة بالأطقم الطبية المعالجة لمصابي كورونا، مثل جواز جمع وقصر الصلاة للمسافرين منهم، وإباحة التيمم إذا شق عليهم نزع ثيابهم الواقية المُعقّمة، وجواز الصلاة دون استقبال القبلة لمن يخشى مفارقة المريض.
وفي هذا الإطار، أكد مؤشر الفتوى أن تلك الرخص الخاصة بالأطقم الطبية استندت إلىقواعد فقهية وأصول مقاصدية أهمها: المشقة تجلب التيسير، وأن الواجب يسقط بالعجز، وأنه لا ضرر ولا ضرار، وإذا ضاق الأمر اتسع، وحفظ النفس مقدم على حفظ الدين، واعتبار تفاوت الواجبات..إلخ.
وتناول مؤشر الإفتاء بعض الفتاوى الطبية الخاصة بجائحة كورونا والمتعلقة بالمجتمع بشكل عام، مثل:حكم الاستهزاء بالمرض والوباء والاستخفاف به؟ وما الواجب على المسلم فعله صحيًّا للتصدي لهذا الوباء؟ وحكم التنمر على وفيات كورونا؟.
وناشد المؤشر في هذا الإطار بضرورة تأهيل متخصصي "الفقه الطبي" في مثل تلك الجوائح،مؤكدًا أنه لا يجوز التنمر أو الاعتراض على دفن شهداء كورنا، فإذا كان المتوفى قد لقي ربه متأثرًا بهذا الفيروس المميت فهو في حُكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة، أما إذا كان المتوفَّى من الأطباء المرابطين الذي يواجهون الموت في كل لحظة ويضحّون براحتهم وأرواحهم من أجل سلامة غيرهم، فالامتنان والاحترام والتوقير في حقهم واجبٌ، والمسارعة بالتكريم لهم أوجب.
أما عن تنظيم داعش الإرهابي، فأكد المؤشر العالمي للفتوى أن التنظيم لا يزال يستغل الجائحة العالمية طامحًا طامعًا في استقطاب عددٍ جديدٍ من الإرهابيين للانضمام له، حيث سعى في بداية هذا العاملاستقطاب أكبر عدد ممكن من الإرهابيين؛ فقد دعا التنظيم عبر جريدة "النبأ" في العدد رقم 223 "إلى توبة المواطنين والفرار إلى الانضمام له حتى يتجنبوا البلاء (كورونا)".
ومع انتشار الفيروس بشكل سريع في العالم، أشار المؤشر إلى إصدار التنظيم ما وصفها بـ "روشتة" علاجية ووقائية لحماية عناصره من الفيروس؛ فقد تضمن العدد 225 من جريدة "النبأ" إرشادات داعشية تحت عنوان: "توجيهات شرعية للتعامل مع الأوبئة"، تضمنت 7 إرشادات تنطلق من الجانب الديني.
وتشمل هذه التوجيهات نصائح تقدمها كثير من الجهات الصحية في العالم أجمع لمواطنيها لتجنب إصابتهم بالفيروس المميت، مثل: "عدم زيارة مناطق انتشار الوباء، ومنع خروج المصابين من بلادهم ومناطقهم، وغسل اليدين قبل غمسهما في الإناء، وتغطية الفم عند التثاؤب والعطاس".
غير أن التوجيه الأول لداعش تمثل في: "وجوب الإيمان بأن الأمراض لا تُعدي بذاتها ولكن بأمر الله وقدره"، فيما دعت وصية أخرى إلى"التوكل على الله والاستعاذة به تعالى من الأمراض"، ولكن السبيل الأمثل لتجنب (كورونا)، يتمثل في (الجهاد) - على حد زعمهم - وإلحاق الألم بأعداء التنظيم".
كما لفت المؤشر إلى تأكيد نساء داعشيات بأحد المخيمات في منطقة الحسكة السورية، أن الوباء لن يصيبهن، وقالت إحداهن نصًّا: "كورونا لا يصيب المسلمين، يصيب من ظلموهم".. فيما قالت امرأة أخرى: "كورونا يصيب الكفار فقط!".
وأوضحمؤشرالإفتاء أن من أهم ثوابت التنظيمات الإرهابية بشكل عام تجنيد الأطباء لتنفيذ مهام دامية، مضيفًا أنه عقب الهزائم والضربات المتكررة التي تلقاها تنظيم داعش الإرهابي وأجبرته على الانسحاب من معاقله تباعًا، أظهرت تقارير عدة مستندة إلى شهود عيان تعذيب المعتقلين في سجون التنظيم وتجارة وبيع الأعضاء في الأسواق السوداء؛ بل ونقلها من المعتقلين المدنيين إلى قادة التنظيم المصابين في المعارك،كما قام الفريق الطبي الداعشي بإجراء تجارب كيميائية على البشر، وممارسة أشكال مختلفة من التعذيب النفسي على الأسرى.
وأشار المؤشر إلى أن تنظيم داعش الإرهابي كان لديه معسكرات لتدريب الأطباء يشرف عليها قادتهم،لافتًاإلىظهوركثيرمنالأطباءفيالإصداراتالمرئيةللتنظيمالتيتحثعلىالجهادلإقامةدولةالخلافةالإسلامية"المزعومة"،وذلكلتوفير الأموال للسلاح ولعملياته العسكرية ومرتبات مقاتليه؛ لجأ تنظيم داعش الإرهابي للاستعانة بأطباء للاحتفاظ بالأعضاء البشرية للقتلى بطريقة طبية سليمة وبيعها للمافيا العالمية لتجارة الأعضاء البشرية.
وأفاد المؤشر العالمي للفتوى بأن الجرائم التي يرتكبها أطباء داعش تستند – في زعمهم - إلى قواعد فقهية ومبادئ شرعية مثل: (الاستباحة والاستحلال) و(فقه الحرب)؛ فهم يستبيحون ويستحلون من خلال تلك المبادئ دماء وأموال وأعراض غير المسلمين، أو حتى المسلمين الذين لا يوافقونهم الانتماء المذهبي أو الفكري المتطرف.
وانتقل مؤشر الفتوى إلى تفاعل التيار السلفي مع الوباء العالمي، وأكد المؤشر استغلال بعض دعاة هذا التيار السلفي للجائحة في الكسب والتربح المادي والمعنوي تحت عباءة الدين، واستدل على ذلك بقول أحدهم: "كورونا تعالج بالرقية الشرعية عند أحباب الرسول".
وقد ادعى أنصار التيار السلفي أنهم قاموا قبل وباء كورونا بعلاج العديد من الأمراض المستعصية مثل سرطان الدماغ وسرطان الثدي وكذلك "الإيدز"، وذلك بفضل القرآن الكريم وأعشاب ورد ذكر فوائدها الطبية في السنّة النبوية، بحسب زعمهم.
وحول استغلال الجائحة في الكسب المعنوي للتأكيد على مبادئ السلفيين وثوابتهم، أورد مؤشر الإفتاء قول سلفي آخر: إن النقاب هو أفضل علاج فعّال للفيروس، كما نقل المؤشر قول داعية سلفي: إن "الوضوء يعدّ علاجًا فعالًا لهذا المرض المميت، فيما قال آخر: "الدعاء والابتهال السبيل الوحيد للنجاة من كل أذى".