يعتبر عيسى ابن مريم أحد الرسل والأنبياء الذين اهتمّ القرآن الكريم بعرض قصّتهم، فقد تحدّث القرآن عن أمّه وولادته ونبوّته ومعجزاته التي أيّده الله بها، وبيّن القرآن أنه لم يصلب، ولكن توفّاه الله ورفعه إليه، ويشار إلى أنّ الإيمان به وبجميع الرسل من أركان الإيمان التي أكّد عليها الإسلام.
حظى سيدنا عيسي عليه السلام، بالعديد من المعجزات منها "المائدة" التى سميت بها إحدى سور القرآن الكريم، وهى إحدى معجزات سيدنا عيسى إلى قومه عندما طلبوا منه أن ينزل الله عليهم مائدة من السماء يأكلون منها وتطمئن قلوبهم.
والسورة عدد آياتها 120 آية، وتناولت كسائر السور المدنية جانب التشريع بإسهاب مثل سورة البقرة والنساء والأنفال إلى جانب موضوع العقيدة وقصص أهل الكتاب، وقال عنها بعض العلماء: المائدة من آخر ما نزل من القرآن ليس فيها منسوخ وفيها ثماني عشرة فريضة.
ومن آياتها "اليوم أكملت لكم دينكم" وسبب نزولها أن رجلًا من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين انكم تقرأون آية في كتابكم لو لمعشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. فقال أي آية هي؟ قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله والساعة التي نزلت فيها على رسول الله عشية يوم عرفة في يوم جمعة.
ولادة المسيح عيسى عليه السلام
نشأت مريم عليها السلام في عبادة الله وطاعته؛ فقد نذرتها أمها قبل ولادتها لعبادة الله سبحانه، فتقبّلها ربّها بقبول حسن، وأنبتها نباتًا حسنًا، واصطفاها وطهّرها، ونشأت في كفالة نبيّ الله زكريّا عليه السلام نشأة صالحة، وذات يوم بينما كانت مريم عليها السلام منقطعة عن الناس لعبادة الله سبحانه وتعالى، أرسل الله إليها جبريل عليه السلام، في صورة بشر يبشّرها بأنها ستحمل بطفل مبارك اسمه المسيح عيسى ابن مريم، سيكون رسولًا ووجيهًا في الدنيا؛ لكثرة أتباعه، ووجيهًا في الآخرة؛ لعلوّ منزلته في الجنّة، شعرت مريم بالخوف وقالت باستهجان: كيف لي أن أحمل ولم يمسسني رجل؟ فأجابها جبريل عليه السلام بما معناه أنّ هذا ما أراده الله سبحانه وتعالى، والله لا يعجزه شيء، وهو يخلق ما يشاء، وهكذا خلق الله المسيح عيسى عليه السلام بلا أب، كما خلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم، فاستغرب الناس ولادته وسألوا أمّه عن ذلك فأشارت إليه وهو لا يزال طفلًا صغيرًا في المهد، فتعجّب الناس من ذلك، فكيف سيكلّموه وهو ما زال في المهد صبيًّا؟ فتكلّم المسيح عيسى: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا*وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا*وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا*وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم: 30-33]
نبوة المسيح عيسى عليه السلام
بعث الله المسيح عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل يأمرهم بعبادة الله، ويحلّ لهم بعض ما حرّم عليهم، ومصدّقًا برسالة موسى الذي أرسل قبله ومبشّرًا بالنّبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء الذي سيبعث من بعده، وأكّد المسيح عليه السلام أنه عبد الله ورسوله، ولم يزعم قط أنه إله أو ابن لله سبحانه وتعالى.
معجزات المسيح عيسى عليه السلام
1) كلامه في المهد بإذن الله تعالى.
2) كان يصنع من الطين تمثالًا على شكل طائر، وينفخ فيه فيتحوّل هذا التمثال إلى طائر حقيقي بإذن الله تعالى.
3) كان يشفي الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى.
4) كان يحيي الموتى بإذن الله.
5) كان يخبر الناس بما في بيوتهم من أصناف الطعام بإذن الله تعالى.
موقف بني إسرائيل من المسيح عيسى عليه السلام
أيّد الله سبحانه المسيح عيسى عليه السلام بمعجزات كثيرة، إلّا أنّ بني إسرائيل كذّبوه وعارضوه وآذوه، وما آمن معه إلّا قليل منهم، وهم الذين سمّاهم القرآن الحواريين، فهؤلاء أعلنوا إسلامهم وإيمانهم بعيسى عليه السلام، وتوجّهوا بالدعاء إلى الله قائلين كما ورد في القرآن الكريم (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ). [آل عمران: 53]