ما يقال في سجود التلاوة..سجود التلاوةكأي سجودٍ يكون فيه ذكرٌ ودعاء، فيستحبَُ أن يُقال فيه ما يُقال في السجود في الصلاة المفروضة كـ «سبحان ربي الأعلى»، وقد وَرد أيضًا بعض الأدعية عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُذكر منها: «اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ»، «اللَّهمَّ اكتب لي بها عندَكَ أجرًا وضع عنِّي بها وزرًا واجعلْها لي عندَكَ ذخرًا وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدِكَ داودَ».
مواضع آيات سجود التلاوةيستحب أثناء قراءة القرآن الكريم سواء في الصلاة أم من المصحف أو الموبايل، ويرى جمهور الفقهاء أن عددآيات سجود التلاوةأربع عشرة آية، بينما اعتبرها المالكية إحدى عشرة آية، واختلفوا في بعض مواضع السجود للتلاوة وأجمعوا على عشرة منها.
آيات السجودفى القرآن الكريم على الترتيب الآتي:
آيات السجود«إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ»، (سورة الأعراف: الآية 206).
آيات السجود«وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ»، (سورة الرعد: الآية 15).
آيات السجود«وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»،( سورة النحل: الآية 49).
آيات السجود«قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا»، (سورة الإسراء: الآية 107).
آيات السجود«إذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا»، (سورة مريم: الآية 58).
آيات السجود«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ»، (سورة الحج: الآية 18).
آيات السجود«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، (سورة الحج: الآية 77).
آيات السجود«وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا»، (سورة الفرقان: الآية 60).
آيات السجود«أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ»، (سورة النمل: الآية 25).
آيات السجود«إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»، (سورة السجدة: الآية 15).
آيات السجود«وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ»، (سورة ص: الآية 24).
آيات السجود«وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ»، (سورة فصلت: الآية 37).
آيات السجود«فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا»، (سورة النجم: الآية 62).
آيات السجود«وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ»، (سورة الانشقاق: الآية 21).
آيات السجود«كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب»، (سورة العلق: الآية 19).
أما الآيات الأربع الآتية فقد اعتمدها الجمهور بينما لم يعتبرها المالكية منآيات السجودومواضع سجود التلاوة، وهي في النجم والانشقاق والعلق وثانية الحج، ووافقهم الحنفية في عدم اعتبار ثانية الحج:
قال تعالى: «فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا».
قال تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ».
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
قال تعالى: «كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب».
واعتبر الشافعية والحنابلة،آية السجدةالواردة في سورة «ص» سجدة شكر لا سجدة تلاوة، وهي قوله تعالى: «قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ»، بينما اعتبرها المالكية والحنفيةسجدة تلاوة.
اقرأ أيضًا:
شروط سجود التلاوة..سجود التلاوةله شروط خاصة للذي يقرأ القرآن، وللمستمع للقرآن، وللمصلي الإمام والمأموم، وسجود التلاوةعقب قراءة آية من آيات السجود سنةٌ مؤكدةٌ في الصلاة، وفي غيرها.
شروط سجود التلاوة للقارئإن شروط سجود التلاوة كشروط الصلاة المفروضة،وهي كما يأتي:
أولًا النية: وهي إرادة وقصد الشيء عند فعله.
ثانيًا: الإسلام: فلا تجب على غير المسلم ولا تصح منه عند من قال بالوجوب.
ثالثًا: البلوغ والعقل: فالصبي الذي لم يبلغ غير ملزمٍ بها، لكن تصح منه إن فعلها، وكذلك المجنون لا تصح منه إذ إنه غير مكلّف.
رابعًا الوقت: بألا تكون السجدة في الأوقات المكروهة، وإلا فلا يسجدها عند الجمهور، بخلاف الشافعية إلا إن تعمّد قراءتها للسجود في وقت النهي فلا يجوز.
خامسًا: استقبال القبلة.
سادسًا: الطهارة: وفي اشتراطها تفصيل بين العلماء: القول الأول «باتفاق الفقهاء الأربعة»: تجب الطهارة في سجود التلاوة ولا يصح السجود إلا بها، لأنهم اعتبروها صلاةً وقاسوها على الركوع وسجود السهو، واستدلوا بذلك بما ورد عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنه قال: «لا يَقْبَل اللهُ صَلاةً بغَيرِ طُهورٍ»، والقول الثاني «السلف ومجموعة من العلماء»: تجوز سجدة التلاوة من دون طهارة، وقد ورد ذلك عن السلف الصالح وعدد من العلماء كابن حزم، والبخاري، والشوكاني، وقد استدلوا بعدم ورود أي نصٍّ صريح يشترط الطهارة عند سماع السجدة، كما لم يرد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر أحدًا بالوضوء عندما كان يتلو السجدة ويسجد معه الناس.
سابعًا ستر العورة: اختلف الفقهاء في مسألة تغطية المرأة لرأسها في سجود التلاوة على قولين، واختلافهم من باب اعتبار سجود التلاوة صلاة أو عدم اعتبارها صلاة: القول الأول «اتفاق الفقهاء»: يُشترط في سجود التلاوة ما يُشترط في الصلاة التامّة من ستر للعورة وغيرها؛ فوجب على المرأة تغطية شعرها فيه،القول الثاني: سجود التلاوة ليس بصلاةٍ، فلا وجوب في تغطية المرأة لشعرها فيه.
شروط سجود التلاوة للمستمع
إنشروط سجود التلاوةللمستمع كما يأتي:
أولًا قصد السماع: اشترط الحنابلة والمالكية في سجود التلاوة للمستمع أن يكون قاصدًا للاستماع، واستدل الحنابلة بذلك بما رُوي أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مرّ بقارئٍ يقرأ سجدةً ليسجد معه عثمان، فلم يسجد وقال: «إنما السجدة على من استمع»، وخالف الشافعية والحنفية ذلك فلم يشترطوا الاستماع -أي قصده- واكتفوا بمجرد السماع -أي حتى مجرّد السماع ولو بدون إنصات- للسجود.
ثانيًا: أضاف المالكية شروطًا لسجود المستمع كأن يجلس السامع لتعلّم القرآن لا لابتغاء الثواب فقط، وألا تكون قراءة القارئ ليظهر للناس حسن قراءته فحسب.
ثالثًا: ذهب المالكية والحنابلة إلىصحّة إمامة القارئ: اشتراط صلاحية القارئ للإمامة في سجود التلاوة، وذلك بكونه ذكرًا بالغًا عاقلًا، وعليه فلا يصح السجود لتلاوة الصبي والمرأة، بحيث يسجد القارئ منهم وحده، وخالفهم الشافعية والحنفية فتصح عندهم لكل قراءة.
رابعًا سجود القارئ: إذا لم يسجد قارئ آية السجدة فلا يُندب للمستمع السجود لوحده.
خامسًا: انفرد الشافعية بشروط أخرى منها: أن تكون قراءة مشروعة؛ فلا يجوز السجود لقراءة جنب سواء كان رجلًا أم امرأة، ولا لقراءة الصبي كذلك، وأن تكون قراءة مقصودة وليست قراءة نائم أو غير مميز، وأضافوا أن يكون السماع لجميع آية السجدة من دون أي نقصان.
شروط سجود التلاوة للمصلي
أولًا:المصلي المنفردذهب الفقهاء إلى جواز سجود المصلي للتلاوة، واشترطوا ألا يتعمّد قراءة آية السجدة لأجل السجود وإلا بطلت صلاته، وكون المصلي هو القارئ فلا يسجد المصلي المنفرد لقراءة غيره، وأن لا تكون في صلاة الجنازة إذ لا سجود فيها.
ثانيًا:المصلي المأموم
إن من أحكام سجود المأموم للتلاوة ما يأتي:
حكم قراءة الإمام لآية السجدة: كره الحنابلة قراءة آية السجدة في الصلاة السرية كالظهر والعصر والسجود لها؛ لأنه إن قرأها وترك السجود فقد ترك السنة، وإن سجد أدّى سجوده إلى اللّبس على المأمومين، وكره المالكية للإمام تعمّده تلاوة آية السجدة في الفريضة دون النافلة، ولو قرأها الإمام في صلاة سرية يجهر بها عندهم.
سجود المأموم للتلاوة:يسجد إن سجد إمامه وإلا بطلت صلاته؛ لأن المأموم يتبع الإمام في كل شيء من سجودٍ وركوعٍ وغيرها، فإن لم يسجد الإمام للتلاوة لا يسجد المأموم لأنه لا يجوز له مخالفة الإمام، ولكن تُسَن للمأموم السجدة بعد الانتهاء من الصلاة.
سجود التلاوةعند جمهور الفقهاء سنة ما عدا الأحناف فهو واجب عندهم، وفيما يأتي تفصيلٌ لأقوالهم:
جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والمالكية: قالوا إنسجود التلاوةسنةٌ للقارئ والمستمع، وقد استدلوا بذلك الحكم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: «إذا قرأ ابنُ آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويْلَهُ، وفي رواية أبي كُرَيْب: يا ويلي، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فليَ النار. وفي رواية: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ».
واستدل الحنابلة علىحكم سجود التلاوةبدليل عن ابن عمر رضي الله عنهما: «إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء»، وقال المالكية بذلك أيضًا لقوله تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ» واستدلوا أيضًا بما استدل به الشافعية والحنابلة من أحاديثٍ نبوية كحديث ابن عمر وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما.
الحنفية: اختلف الحنفية مع الجمهور فيحكم سجود التلاوة، إذ ذهبوا إلى وجوبه وذلك لوجود الأمر بالسجود في بعض آيات السجود، ولوجود الذمّ على عدم السجود في بعضها الآخر، وكلاهما يقتضي وجوب الحكم.
وردت عدة أسباب لسجود التلاوة عند جمهور الفقهاء، فقد اتفق الجمهور على سببين لسجود التلاوة وهما:
التلاوة: أي قارئ القرآن داخل صلاته أو خارجها.
الاستماع والسماع: أي السامع أو المنصت لآية سجدة التلاوة داخل الصلاة أو خارجها.
أما الحنفية فقالوا إن أسباب السجود ثلاثة وهي:
التلاوة: أي من يتلو القرآن كذلك سواء كان في صلاة أو خارج الصلاة.
سماع التلاوة: أي سماع آية فيها سجدة داخل أو خارج الصلاة.
الاقتداء: أي إن كان مأمومًا ولم يسمع آية السجدة بأن كانت الصلاة سرية، فيسجد للتلاوة.