قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

المجددون في الإسلام.. الشيخ شلتوت (3)

×

الشيخ محمود شلتوت، هو أحد أكبر أئمة التجديد الديني في القرن العشرين، باسهامات بارزة وغير مسبوقة، في مضمار الشريعة الإسلامية، ومن المؤلم أن يقال أن الأبحاث الرفيعة التي قدمها الشيخ شلتوت في مجال التجديد الديني قد توقفت برحيله، رحمه الله ولم تستكمل غاياتها بالشكل الذي كان منتظرا.

ولد الشيخ محمود شلتوت، في محافظة البحيرة في أواخر القرن التاسع عشر، الذي كان قرنا مليئا بالعبقريات الاصلاحية والدينية، وبالتحديد سنة 1893، ورحل عن عمر يناهز الـ70 عاما في عام 1963، بعدما خطا رحلة طويلة في مضمار التجديد الديني، وتولى مشيخة الأزهر الشريف سنة، 1958 وأول حامل للقب الإمام الأكبر وانتخب عضوا بمجمع اللغة العربية أو مجمع الخالدين عام 1943.

أضاف الشيخ شلتوت رحمه الله، في مجال التجديد الديني الكثير والكثير، وقد اختير عضوًا في الوفد الذي حضر مؤتمر "لاهاي" للقانون الدولي المقارن سنة 1937م، وألقى فيه بحثًا تاريخيا هاما، تحت عنوان "المسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية" ونال البحث استحسان أعضاء المؤتمر، فأقروا صلاحية الشريعة الإسلامية للتطور، واعتبروها آنذاك في ثلاثينيات القرن العشرين، وفي عز وجود الاستعمار في مصر وفي شتى أرجاء العالم العربي والاسلامي، مصدرًا من مصادر التشريع الحديث، وإنها أصيلة وليست مقتبسة من غيرها من الشرائع الوضعية، ونال بهذا البحث المتفرد، عضوية جماعة كبار العلماء. كما ينسب للشيخ شلتوت أفكاره التنويرية، وكان أول من نادى بتشكيل مكتب علمى للرد على مفتريات أعداء الإسلام، وتنقية كتب الدين الإسلامي من البدع والضلالات، وكانت هذه الدعوة مقدمة لإنشاء مجمع البحوث الإسلامية.

وفي سنة 1958م، وبعدما صدر قرار تعيينه شيخًا للأزهر الشريف، سعى الشيخ شلتوت جاهدًا للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وزار الكثير من بلدان العالم الإسلامي، وقد كان مؤمنا أشد الإيمان بضرورة القضاء على الخلاف بين المذاهب الإسلامية، ويعتبر أول من أدخل دراسة المذاهب في الأزهر الشريف، فقد كان مع توحيد المسلمين ولم شملهم، وصدر قبل وفاته قانون إصلاح الأزهر الشريف سنة 1961م. كما دخلت في عهده العلوم الحديثة إلى الأزهر، ولم تعد الدراسة في الأزهر الشريف، من وقتها، مقتصرة على العلوم الدينية فقط وأنشئت العديد من الكليات، وارتفعت مكانة شيخ الأزهر، ومكانته كعالم بارز من علماء الدين الإسلامي في مختلف البقاع.

كما كانت مؤلفاته رحمه الله، ومنها فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، القرآن والقتال، منهج القرآن في بناء المجتمع.
والإسلام والوجود الدولي للمسلمين، علاوة على تفسير الأجزاء االعشرة الأولى للقرآن الكريم، تشهد بعلمه وعطائه ورؤاه الصحيحة للدين الإسلامي.

والاقتراب من فكر د. محمود شلتوت شيخ الأزهر الراحل لابد وأن يدفعنا الى التفكير اليوم وغدًا، في استكمال طريقه سواء في العمل على إصلاح الأزهر الشريف وتنقية كتب التراث، ليس بدافع الهدم والابادة، كما يتصور بعض الخبثاء ويشيعون ذلك، ولكن بدافع الاستفادة والتقدم للأمام، فما من أمة تدمر ماضيها وتأمل بعد ذلك أن يكون لها مستقبل. كما أن هناك حاجة لإزالة الغبار واللبث عن بعض المفاهيم المغلوطة عن الدين، وتوضيح المعاني الحقيقية للجهاد في العصر الحديث، بعد انتهاء عصر المسلمين والكفار، والاستمرار في دراسة حوار الحضارات والأديان، ونزع الرؤى المتعصبة وتأسيس جيل قادر على معايشة عصره والتقدم التكنولوجي الهائل الموجود بين أيدينا، وفي نفس الوقت الاحتفاظ له بدينه وروحانياته.

إن تذكر الشيخ شلتوت، لابد أن يدفعنا اللحظة لرؤية الخلاف المرير بين المذاهب الإسلامية وبين السنة والشيعة وما تبع ذلك من خلاف سياسي شنيع ورؤى متباعدة وأورث عدم فهم متبادل. الحق أن العصر الحالي يحتاج أكثر من أي وقت مضى لإعادة تصدير فكر الشيخ محمود شلتوت واعداد أبحاث وكتب علمية خاصة عن رؤاه وأفكاره وتقديمها لطلبة الدراسات العليا في الأزهر الشريف للاستفادة منها، ومع الشيخ شلتوت كتب ومجلدات القمم الدينية العظيمة، وقادة التجديد الديني منذ منتصف القرن التاسع عشر ومرورا بالقرن العشرين إلى اليوم.

رحم الله الشيخ شلتوت، وأمثاله من كبار أئمة وعلماء الأزهر الشريف الذين سطروا بحروف من نور، رؤى غير مسبوقة في التجديد الديني والإصلاح ورفض القوالب الماضوية المتحجرة.