قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية
السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن أبناء مصر المحروسة عرفوا بحبهم الشديد وشغفهم وتعلقهم
الوجداني بكتاب الله، لافتًا إلى أن أحمد أمين كتب في كتابه الماتع, تحت عنوان تلاوة
القرآن، إن من سمات المصريين التي تميزوا بها عن سائر الشعوب ارتباطهم بكتاب الله،
فاهتموا بحفظه وعلموه أولادهم، وأنشأوا له الكتاتيب الصغيرة في مختلف أنحاء البلاد
فارتبط تعلم القرآن بتعلم القراءة والكتابة.
وأضاف «جمعة» عبر منشور له على صفحته الرسمية
بموقع التواصل الإجتماعي « فيسبوك» أن الشيخ المحفظ، والذي يلقبه الأطفال (بسيدنا) كان يقسم مهامه
بين التحفيظ والمراجعة فيحفظ الطفل ما في استطاعته طوال الأسبوع، ثم يسمع للشيخ ما
حفظا في بداية الأسبوع التالي، ويستمر في ذلك حتى يتم القرآن، حسب ما ذكره أحمد أمين
في كتابه.
اقرأ أيضاً // دعاء تاسع يوم رمضان.. يقربك من الله وتنال رضاه.. اغتنمه
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء، أن الارتباط
بين المصريين وكتاب الله امتد إلى حد اتخاذ تلاوته من قبل البعض حرفة ومهنة يرتزق بها، وقد انتشرت هذه المهنة كما يؤكد أحمد أمين في قاموسه بين فاقدي البصر حتى أصبحت مصدرا
رئيسيا للرزق لمن يبتليه الله تعالى بفقد حبيبته, فيدعوه الناس إلى منازلهم في أيام
الجمع والأعياد والمآتم للقراءة.
وتابع المفتي السابق: فإذا كان حسن الصوت
اشتهر وذاع صيته، وإذا تدهور به الحال، يجلس ليقرأ في الطرقات والشوارع فيعطف عليه
المارة ببعض النقود أو المأكولات، ورغم حالته هذه، إلا أنه يقع في قلب المصريين في
منزلة تسمو فوق منزلة المتسولين, باعتباره حافظا للقرآن.
اقرأ أيضاً// طريقة ختم القرآن في رمضان مرتين.. تعرف عليها
وأشار إلى أن المصريون
يعتقدون أن قراءة القرآن في المنازل أو المحال التجارية تجلب البركة والرزق وتبعد الشياطين
والأبالسة، واعتاد الأغنياء وأفراد الطبقة المتوسطة إحضار القراء للمنازل طوال ليالي
رمضان تبركًا واحتفالا بالشهر الكريم، ويدعو صاحب المنزل الأصحاب والأقرباء للاستماع
للقارئ وشرب المشروعات الساخنة من شاي وقهوة.
وواصل أن هذه
العادة انتشرت أيضا بين النساء, خاصة في المآتم فظهر جيل من القارئات المصريات مثل
الشيخة: كريمة العدلية والشيخة منيرة عبده وغيرهما, وهناك تسجيلات لهن في الإذاعة المصرية
التي تم تسجيلها في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين, كما اعتادت الشيخة كريمة العدلية
إقامة حفل ضخم للإنشاد في الخميس الأول من كل شهر في أحد بيوت أثرياء الأقاليم وكان
ذلك في عام 1905، واعتاد حضور هذه الحفلات كبار القراء وهم في مقتبل العمر حينذاك مثل
الشيخ علي محمود، ومحمد رفعت، ومحمد الصيفي ومنصور بدار.
اقرأ أيضاً //صعدية ام بروسعيدية؟.. على جمعة يكشف عن نسب السيدة هاجر