"اسم البرنامج رامز مجنون رسمى يسيئ للمرض النفسى والمريض النفسي ويزيد من وصمته التى تحاول الدولة جاهدة فى إزالتها وفق قانون رعاية المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009 "... هكذا تحدثت مستشفى الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة والسكان ، فى طلبها من النائب العام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لفتح تحقيق عاجل والتدخل الفورى لوقف عرض برنامج "رامز مجنون رسمى".
المريض النفسي والنواب
وتأتي هذه الإشكالية فى ظل مناقشات مجلس النواب، برئاسة د. علي عبد العال، لتعديلات جديدة علي قانون رعاية المريض النفسي، من أجل تمكين حمايته بشكل أكبر ورفض كافة أنواع التنمر منه، وعلاجه بصور متطورة بدلا من إشكاليات الماضي، حيث تمت الموافقة علي التعديلات فى المجموع ومن المنتظر أن تتم بشكل نهائي الأسبوع المقبل.
تقرير لجنة الصحة
لجنة الصحة بمجلس النواب فى تقريرها المعروض بشأن التعديلات الجديدة، تضمنت عرض جامع وشامل لنظرة العالم ومنه الدولة المصرية للمريض النفسي علي مدار الالأعوام الماضية حتى الآن، والذي تضمن تدرج شامل فى الإهتمام وحفظ حقوق الفرد وحرياته الشخصية في تلك الظروف الاستثنائية، بما فيها حقه في العلاج والرعاية، وبين مراعاة مقتضيات الصحة والسلامة له وللآخرين.
إضطهاد المرضي النفسيين
وتضمن تقرير اللجنة: تعرض المرضي النفسيون عبر العصور في مختلف مناطق العالم للتحفز والرفض والخوف والاجتناب، بالإضافة إلي إساءة المعاملة والاستغلال، وعلي مدي قرون طويلة كان ينظر إلي الاضطرابات النفسية نظرة غيبية، وكان يعتقد أن أسبابها ترجع إلي قوي خارقة للطبيعة إما شيطانية شريرة أو إلهية مقدسة، وفي أوروبا شهدت العصور الوسطي قسوة شديدة في التعامل مع المرضي النفسيين، الذين كثيرًا ما كان يتم تعذيبهم وقتلهم وحرقهم لطرد الأرواح الشريرة التي تسكنهم.
الإساءة والاستغلال
كما تضمن التقرير بأنه بحلول القرن السابع عشر تراجعت التفسيرات الغيبية للمرض النفسي وأصبح يُعد خللا عضويًا إلا أن تلك التفسيرات أيضًا لم تكن تستجلب التعاطف أوالتسامح، إذا كان المريض مسئولا عن مرضه وعن الاختلال في مشاعره، وبالتالي فهويستحق العقاب، وبالفعل فقد نال العقاب الكثير من المرضي، والفقراء منهم علي وجه الخصوص حيث كان يتم حبسهم في السجون العامة والمصحات والمشاغل والمعازل الفقيرة، وهناك يحيون حياة غير آدمية وفي ظروف شديدة القسوة، ويتعرضون لجميع أنواع الإساءة والاستغلال.
النزعة الإنسانية
مع بداية ظهور النزعة الإنسانية في منتصف القرن الثامن عشر ظهرت الدعوة إلي وضع حد لهذا التعامل غير الإنساني مع المرضي النفسيين، وتم بناء مصحات كبيرة لاحتوائهم بدلا من السجون، وبدأ تطبيق "العلاج الأخلاقي" الذي يهدف إلي تقديم الرعاية الإنسانية للمرضي وتشجيعهم علي مناقشة متاعبهم وعلي التصرف بشكل "سوي".
المجتمع الدولي
وقد نتج عن التطورات التي شهدتها مفاهيم الصحة النفسية وأساليب العلاج المرتبطة بها أن شرع المجتمع الدولي في الاعتراف بهذه التطورات ودعمها، فتم تنظيم عدد من المؤتمرات والاجتماعات نتجت عنها مجموعة من الصكوك والمبادرات الدولية التي استهدفت حماية الحقوق والحريات الأساسية للمرضي النفسيين وتعزيزها وتنظيم قواعد علاجهم ورعايتهم بما يحفظ هذه الحقوق وتكللت تلك الجهود بإصدار وثيقة بعنوان "مبادئ الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية وتحسين الرعاية الصحية النفسية" عام ١٩٩١ وتعد هذه المبادئ المكونة من خمس وعشرين مادة وثيقة بالغة الأهمية، فقد تضمنت المعايير التفصيلية التي اتفق علي ضرورة توافرها كحد أدني فيما يتعلق بحقوق الأفراد ذوي الاضطرابات أوالإعاقات النفسية في الرعاية الصحية.
الأمم المتحدة
في عام ١٩٧٥ تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان حقوق الأفراد المعاقين"، وفي عام 1983 أعلنت عن "عقد الأشخاص المعاقين" وعن إطلاق خطة العمل العالمية بخصوص الأفراد المعاقين، وفي عام ١٩٩٣ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة بعنوان "القواعد الموحدة المتعلقة بتحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين".
الأشخاص ذوي الإعاقة
وتم مؤخرًا اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي صدقت عليها الحكومة المصرية في أبريل من عام ٢٠٠٨ وتتميز هذه الاتفاقية بالشمول والإلزام القانوني، وتستهدف احترام جميع الأفراد ذوي الإعاقة وحمايتهم، وتعزيز تمتعهم بمن في ذلك ذووالإعاقة النفسية، بكامل الحقوق والحريات الأساسية دون أي نوع من أنواع التمييز.
وتطالب الاتفاقية الدول الأعضاء باتخاذ التدابير كافة لضمان تكافؤ الفرص للأفراد ذوي الإعاقة، بما في ذلك التدابير القانونية والاستثنائية في مجالات العيش كافة لحمايتهم وتعويض الحرمان الذي طالما تعرضوا له.
تمويل الصحة النفسية بمصر
وفيما يتعلق بالتمويل فإن نسبة الإنفاق علي الصحة النفسية في مصر لا تتجاوز 2% فقط من مجمل الإنفاق الحكومي علي الصحة، ويذهب أكثر من نصف هذه المخصصات (حوالي59%) للإنفاق علي مستشفيات الصحة النفسية، وتتمركز هذه المستشفيات بوجه عام في المدن الكبري والمناطق الحضرية.
ويبلغ عدد المستشفيات المخصصة للصحة النفسية في مصر ١8 مستشفي موزعة علي عدد من المحافظات، وتبلغ طاقتها التشغيلية الإجمالية حوالي 6274 سريرًا، وبلغت نسبة الإشغال في المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية في شهر يوليومن عام ٢٠٠٨ حوالي 80% ويقدر عدد المرضي الذين تم إدخالهم إلي المستشفيات النفسية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية عام ٢٠٠٤ حوالي ٢٣٠٤٧ مريضًا.
المستشفيات الصحية المتخصصة.
وبالإضافة إلي هذه المستشفيات الحكومية المتخصصة توجد في بعض المستشفيات العامة في عدد من المحافظات أقسام للصحة النفسية تبلغ طاقتها الإجمالية حوالي ٦٠٠ سرير، كما توجد أقسام للطب النفسي في تسع من كليات الطب بالجامعات المختلفة وبها حوالي ٢٠٠ سرير، أما المستشفيات الخاصة فلا تتجاوز طاقتها الإجمالية 3537 سريرًا، وهوما يشير إلي أن وزارة الصحة والسكان تعد المقدم الأول والأساسي لخدمات الصحة النفسية في مصر.
العيادات الخارجية
ويبلغ عدد العيادات الخارجية للصحة النفسية في مصر حوالي ٦٢ عيادة، اثنتان منها مخصصتان لخدمة الأطفال والمراهقين، وفي عام ٢٠٠٤ بلغ عدد المترددين علي العيادات الخارجية 176,133 مترددًا وهناك عيادة واحدة فقط تقدم خدمة المتابعة للحالات التي تتلقي العلاج في المجتمع أي خارج المستشفي.
قانون الحماية
ولما كانت مهنة الطب النفسي تتميز بسمات دقيقة وظروف متشعبة حيث تتعامل مع شرائح المجتمع الضعيفة والأكثر عرضة لانتهاك حقوقهم، فهم بذلك في حاجة إلي قانون يحميهم ويحمي مصالحهم، فالمرض النفسي قد يؤثر في تفكير المصابين به ومشاعرهم وتصرفاتهم بطريقة تجعلهم غير قادرين علي حماية أنفسهم أوالدفاع عن مصالحهم، وهنا تبرز الحاجة إلي قانون يضع ميزانًا دقيقًا بين حفظ حقوق الفرد وحرياته الشخصية في تلك الظروف الاستثنائية، بما فيها حقه في العلاج والرعاية، وبين مراعاة مقتضيات الصحة والسلامة له وللآخرين.
دور الرعاية
من ناحية أخري فإن تعرض المرضي النفسيين للرفض وللإساءة في المعاملة وللاستغلال في كل مكان بما في ذلك الأماكن التي تقدم لهم الرعاية الصحية وخصوصًا داخل المصحات ودور الإيواء يثير الحاجة إلي تشريع للصحة النفسية يتضمن عددًا من المبادئ الأساسية المتعلقة بالرعاية الصحية.لذا كانت هناك ضرورة لإصدار مشروع قانون لرعاية المريض النفسي وحفظ حقوقه.